تواصل بعثة الأمم المتحدة في السودان «يونيتامس» مشاوراتها الأولية مع الأطراف المختلفة لحل الأزمة السياسية التي أفرزها تولي الجيش السلطة في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما تظاهر المئات في العاصمة الخرطوم دعماً للجيش ولاستمراره في السلطة، ورفضاً لوجود البعثة الأممية في البلاد بزعم أنها تعتبر تدخلاً في الشأن السوداني الداخلي. واتهمت أطراف من المعارضة قادة الجيش بالوقوف وراء مسيرة الأمس المؤيدة لبقائه في الحكم، قائلاً إن أغلب من شارك فيها هم من عناصر نظام الرئيس المعزول عمر البشير من الإخوان المسلمين. ودخلت الأزمة في السودان شهرها الرابع منذ استيلاء الجيش على السلطة والإطاحة بالقوى المدنية الشريك الرئيسي في الحكم بموجب الوثيقة الدستورية التي تم التوقيع عليها بين الطرفين عقب إسقاط نظام البشير في أبريل (نيسان) 2019، وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في السودان، على موقعها الرسمي أنها أجرت مشاورات مع أكثر من 20 مجموعة تمثل مختلف منظمات المجتمع المدني، ومنظمات حقوق المرأة، والأحزاب السياسية، والأكاديميين، والخبراء الوطنيين من أجل إنجاح الوساطة الأممية التي دخلت أسبوعها الرابع. وقالت مصادر في تحالف «الحرية والتغيير» إن المبادرة الأممية تصطدم بموقف قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان الذي أكد مؤخراً أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة، ما يعني أنه سيبقى في السلطة طوال الفترة الانتقالية. كما تصدم المساعي الأممية بموقف «تجمع المهنيين» الذي أعلن مؤخراً أنه لن يشارك في المبادرة الأممية حتى تدين أولاً الانقلاب الذي وقع في 25 أكتوبر. وفي المقابل، وافق تحالف المعارضة الرئيسي «الحرية والتغيير» الذي يطالب بإنشاء آلية رفيعة المستوى من القوى الدولية والإقليمية لضمان إنجاح العملية السياسية والعودة إلى الحكم المدني الديمقراطي، فيما ترفض لجان المقاومة الكيان الشعبية، التي تقود حراك الشارع، التعاطي مع «يونيتامس»، وكذلك تجمع المهنيين الذي قاد الثورة التي أسقطت نظام البشير. وتطالب هاتان الجهتان البعثة الأممية بإدانة «الانقلاب العسكري» والتوقف عن مطالبة المدنيين بمشاركة العسكريين في الحكم، مع المطالبة بعودة الجيش إلى ثكناته والابتعاد عن السياسة. وطالب قادة الجيش السوداني خلال المشاورات مع رئيس البعثة الأممية في البلاد، فولكر بيرتس، إشراك الاتحاد الأفريقي لإسناد مبادرة الأمم المتحدة، ما عده مراقبون رفضاً مبطناً للمبادرة. وذكرت بعثة الأمم المتحدة في تعميم صحافي أول من أمس إنها أجرت جلسات استشارية مع العديد من الأطراف السودانية في إطار التحركات لحل الأزمة. وقال الممثل الخاص للأمين العام، بيرتس، إن الأمم المتحدة ليس لديها حل مسبق لعرضه في هذه العملية التي يملكها السودانيون، وأن البعثة تعمل على الاستماع لرؤى المزيد من الأطراف السودانية من أصحاب المصلحة حول حل الأزمة. في غضون ذلك، تظاهر المئات أمس من أنصار الجيش السوداني في شارع «الستين» على مقربة من مقر البعثة الأممية بالخرطوم، رددوا شعارات تنادي بتفويض الجيش للاستمرار في السلطة خلال الفترة الانتقالية، وهتافات مناوئة لوجود البعثة الأممية في البلاد. ولم تتعرض قوات الأمن والشرطة التي اعتادت على تفريق المظاهرات المستمرة ضد الانقلاب العسكري بالرصاص والغاز المسيل للدموع، للمظاهرات التي خرجت أمس المؤيدة للعسكريين. وأشار تجمع المهنيين إلى أن بعثة الأمم المتحدة عملت على دعم واعتراف بسلطة الانقلاب، وهو ما يناقض تفويض البعثة في دعم الانتقال الديمقراطي. وكان تحالف قوى الحرية والتغيير قد اتهم قادة الجيش السوداني بإعادة نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، إلى السلطة عبر الإجراءات التي يتخذها بعودة منسوبيه إلى مواقع نافذة في الخدمة المدنية. وأطلقت الأمم المتحدة في 8 من يناير (كانون الثاني) الماضي عملية سياسية بالتشاور مع كافة الأطراف تهدف إلى فهم وجهات النظر والمواقف المختلفة لتخطي الجمود السياسي الحالي، ولا تتوقع البعثة الوصول إلى نتائج حاسمة في الوقت الحالي. ويتمحور دور البعثة في المرحلة الحالية إجراء مشاورات حول العملية السياسية والاستماع لوجهات نظر أصحاب المصلحة السودانيين بشأن الحل.
مشاركة :