أثار مقتل قاض عراقي متخصص في قضايا المخدرات برصاص مسلحين مجهولين في مدينة العمارة بمحافظة ميسان ردود فعل واسعة، ودق ناقوس الخطر من تنامي قوة ونفوذ عصابات المخدرات التي تنشط بكثافة في جنوب العراق المحاذي لإيران. وعمد مسلحون مجهولون السبت إلى فتح نيران أسلحتهم باتجاه القاضي أحمد فصيل خصاف، المختص بقضايا المخدرات في محكمة استئناف ميسان، في حي الشبانة بالقرب من منزله القريب من مكان عمله وسط مدينة العمارة، وأردوه قتيلا على الفور، ولاذوا بالفرار إلى جهة مجهولة. وذكر مصدر أمني أن القاضي “أصيب بخمس عشرة رصاصة بسلاح كلاشنيكوف”، فيما أشار موظف صحي في دائرة الطب العدلي إلى أن الإصابات انحصرت في منطقتي الرأس والصدر، فيما بدا أن هناك إصرارا على تصفيته. وشهدت محافظة ميسان في الفترة الأخيرة عمليات قتل استهدفت ضباطا، لكن حادث اغتيال القاضي خصاف أحدث وقعا كبيرا في صفوف العراقيين حيث عدّه كثيرون مؤشرا خطيرا عن تمادي نفوذ عصابات المخدرات، واستعدادها لتصفية كل من يحاول التصدي لها. التيار الصدري يعتبر عملية الاغتيال مؤشراً خطيرً يجب أن تقف عنده الحكومة وتضع كافة إمكانياتها للتحشيد الأمني بالقبض على الجناة وكان قاض آخر متخصص في قضايا المخدرات نجا في سبتمبر الماضي من محاولة اغتيال في محافظة ميسان. ولطالما حذر كثيرون من تحول جنوب العراق إلى مركز للجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، التي تجد غطاء من بعض القوى النافذة، ولاسيما الميليشيات الموالية لإيران، بيد أن السلطات لم تحرك ساكنا لمواجهة هذا الوضع وكان تصرفها قائما في الغالب على ردود الفعل. وأدان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الأحد مقتل القاضي، وأمر بفتح تحقيق في عمليات الاغتيال الأخيرة في ميسان. وقال الكاظمي في بيان صحافي إن محافظة ميسان شهدت في الآونة الأخيرة تكرارا للعمليات الإجرامية المنظمة، وآخرها جريمتا اغتيال القاضي أحمد فيصل واغتيال الضابط في وزارة الداخلية حسام العلياوي، فضلا عن جرائم تجارة المخدرات وبعض النزاعات العشائرية المسلحة. وأضاف أن “سلطة الدولة وسيادة القانون لن تقف ساكنة إزاء هذه الجرائم النكراء التي تهدد السلم والاستقرار، ولن تدخر القوات الأمنية بكل صنوفها جهدا في سبيل فرض كلمة القانون وتقديم المجرمين إلى العدالة”. وقال “لقد وجهنا بفتح تحقيق فوري في عمليات الاغتيال الأخيرة، ومحاسبة المقصرين ومن يثبت تساهلهم في أداء واجباتهم أو تقاعسهم عن تنفيذ أوامر القبض، ومراجعة الإجراءات الأمنية والسياقات التي تتابع حركة المجرمين والمشتبه بهم”. العراق شهد ارتفاعا مخيفا في نسبة استهلاك المخدرات في السنوات الأخيرة وأوضح “لقد أرسلنا وفدا يضم وزير الداخلية عثمان الغانمي ورئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة لغرض المتابعة والإشراف المباشر على التحقيق، وتقديم تقرير عن الوضع الأمني في محافظة ميسان، وتقييم الإجراءات وأداء القيادات الأمنية بأسرع وقت”. وكان التيار الصدري الذي تصدر الانتخابات التشريعية الأخيرة أصدر بيانا ندد فيه بمقتل القاضي وقال التيار إن اغتيال عنصر قانوني مختص بمكافحة المخدرات في منطقة تُعد آمنة؛ إنما هو مؤشر خطير يجب أن تقف عنده الحكومة وتضع كافة إمكانياتها للتحشيد الأمني بالقبض على الجناة، وبأقصى سرعة ممكنة، مطالبا بالإسراع بمحاسبة كل المقصرين بأحداث الاغتيالات التي بدأت بالانتشار في البلد. ويعدّ العراق منذ زمن نظام الرئيس الراحل صدام حسين (قبل 2003) معبرا للمواد المخدرة المصنعة في إيران أو أفغانستان باتجاه أوروبا، لكن في السنوات الأخيرة شهدت البلاد ارتفاعا مخيفا في نسبة استهلاك المخدرات بشكل كبير. وأعلنت مديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية في ديسمبر الماضي أن “محافظتي البصرة وميسان تعتبران الأوليين بالتهريب والتعاطي في المحافظات الجنوبية”. وأضافت أن “المحافظات الغربية يتم منها تهريب حبوب الكبتاغون عبر سوريا والصحراء وتدخل من المنافذ في الأنبار”. والكبتاغون المصنع والمستهلك بصورة شبه حصرية في الشرق الأوسط هو من فئة المنشطات. انشرWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :