لم يعد ممكنا في عُمان إدخال تغييرات على الدشداشة البيضاء التي يرتديها الرجال تحت طائلة دفع غرامة مالية، بعد قرار حكومي أوائل الشهر الجاري للحفاظ على هذا الموروث أثار استغرابا في السلطنة. وفي شوارع الدولة الخليجية يرتدي العمانيون الزي التقليدي الذي يتألف من دشداشة طويلة بلا ياقة بالإضافة إلى غطاء رأس يختلف عن بقية دول الخليج ويطلق عليه اسم “المِصَر”، وهي عمامة تلف بشكل خاص بألوان مختلفة للعمل الحكومي وغيره. وكان وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني قيس بن محمد اليوسف أصدر في بداية يناير قرارا متعلقا بالدشداشة العمانية ينص على “حظر استيراد أو تصميم الملابس العمانية التقليدية أو المساس بها أو إجراء أي تعديلات عليها تسيء إلى الهوية العمانية”. وبموجب القرار، ستفرض غرامة مالية على كل من يخالف أحكام هذا القرار بحيث لا تتجاوز قيمتها ألف ريال عماني، على أن تُضاعف الغرامة في حال تكرار المخالفة. الدشداشة ليست مجرد "رمز" للشعب العماني، بل لديها أيضا "أهمية اقتصادية كبيرة" من جهته أكد مصدر في الوزارة لوكالة فرانس برس أن المواصفات المحددة التي وضعتها الوزارة تشترط “أن تكون الدشداشة دون ياقة، وأن تكون حياكة القطع الرئيسة المكونة للدشداشة خارجية وظاهرة للعين، واستخدام قماش من لون واحد”. وكانت السلطات حذرت مرات عدة العام الماضي من “المساس والإساءة أو القيام بالتجاوزات التي تسيء للملابس والأزياء العمانية التقليدية” من خلال خياطة أو رسم أو طباعة شعارات أو العلامات التجارية لأندية خارجية أو وضع رسوم مخالفة للذوق العام عليها “أو من خلال الدمج بين تصاميم بين الكمة والمصر والعباءة بأشكال ونماذج تخل بمظهر هذه الأزياء العمانية التقليدية”. ولقي القرار تأييدا من شريحة من العمانيين الذين اعتبروا أنه يأتي “للدفاع” عن الدشداشة والهوية العمانية. ومن بين المؤيدين نابغ القرني الذي يملك مشغل ومحل “سيف وخنجر” للمستلزمات الرجالية وتفصيل الدشداشة العمانية. ويصف القرني القرار بأنّه “صائب وفي مكانه”، مشيرا إلى أنّه يأتي “بهدف الحفاظ على الهوية العمانية، ويهدف إلى عدم التلاعب بها أو تشويهها”. وبالنسبة إليه فإن “أبرز التشويهات التي تعرضت لها الدشداشة في الفترة الماضية تتمثل في تقصيرها، أو إضافة نقوش أو رسوم أو تطريزات بمساحات وأحجام أكبر من المسموح بها، أو بوجود ألوان خارج الألوان المألوفة للدشداشة وأبرزها الأبيض والبني والأسود”. ومع أنه أصر على أنه “مع الحرية الشخصية لصاحب الدشداشة”، أوضح القرني أنه يعارض ما قال إنه “تشويه لها، خاصة وأنه في الفترة الأخيرة أصبحت بها إضافات يرفضها المجتمع خاصة كبار السن”. PreviousNext ويرى المواطن وهيب الجديدي (36 عاما) أنّ القرار “قد يكون جيدا مع وضع مواصفات قياسية، لكنه قد يتعارض مع الحرية الشخصية لبعض الأشخاص”. وتابع أنّ “البعض يريد أن يرتدي دشداشة ترضي ذوقه الخاص، ولكن مثل هذا القرار سيحد من ذلك ويجعل بعض الأشخاص لا يتمكنون من ارتداء دشداشة وفق رغباتهم الشخصية”. من جهته يرى الخبير الاقتصادي خلفان الطوقي أن الدشداشة ليست مجرد “رمز” للشعب العماني، بل لديها أيضا “أهمية اقتصادية كبيرة” بحيث يرتديها نحو 1.4 مليون رجل وشاب عماني. وبحسب الطوقي فإن العديد من محلات بيع الدشاديش “ترسلها إلى الخارج، وغالبا إلى الصين والهند وبالتالي فهذا يضر بالدشداشة في الحفاظ على مواصفاتها القياسية وعلى الهوية، بالإضافة إلى أنه يضر بالاقتصاد العماني”. والدولة الخليجية المعروفة بتراثها الغني وسواحلها وتضاريسها الخلابة، تضررت بشدة من انخفاض أسعار النفط العالمية منذ العام 2014 ومن تداعيات كوفيد – 19 الاقتصادية. ويشكّل الأجانب أكثر من 40 في المئة من سكّان عُمان البالغ عددهم 4.6 مليون نسمة. وأعلنت السلطة العام الماضي منح إقامة طويلة الأمد للأجانب بهدف جذب الاستثمارات.
مشاركة :