رجح البنك الدولي أن تزيد التكاليف على عاتق الحكومات العربية والمنجرة عن التأخر في معالجة مكامن الخلل في خطط التحول البيئي الأخضر بعد أن وقف على حجم الخسائر السنوية التي تتكبدها دول المنطقة جراء ذلك. وذكر خبراء البنك في تقرير نشره في وقت مبكر الثلاثاء أن “تلوث الهواء يكلف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 141 مليار دولار سنوياً”. ودعوا دول المنطقة إلى جعل اقتصاداتها “أكثر خضرة”. وأشار التقرير إلى أنّ تكلفة تلوّث الهواء إضافة إلى تلوّث البحار والسواحل “تُقدر بأكثر من 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي” في بعض بلدان المنطقة مثل مصر ولبنان واليمن. واعتبر البنك في تقريره بعنوان “سماوات صافية وبحار نقية” أنّ “مستويات تلوث الهواء في المدن الكبرى بالمنطقة هي من بين أعلى المعدلات في العالم”. فريد بالحاج: دول المنطقة أمام فرصة لاختيار مسار نمو منسجم مع البيئة وقال إن “الإنتاجية تنخفض إذا لم يتمكن السكان من العمل بعد أن يمرضوا هم أو أفراد أسرهم بسبب تلوّث الهواء”، مضيفًا “يمكن أن تمثّل تكاليف الرعاية الصحية عبئا كبيرا على الأفراد والحكومات”. وبحسب التقرير، فإن شخصا مقيما في المنطقة سيمضي ما لا يقل عن 60 يوما مريضا خلال حياته بسبب تلوّث الهواء، وإن سكان المناطق الحضرية يتنفّسون في المتوسط أكثر من 10 مرات مستوى الملوثات في الهواء التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية آمنة. ويعتبر التقرير أنّ من بين أبرز الأسباب الملوّثة للهواء “تدني المعايير البيئية” في قطاعي النقل والصناعة، و”ضعف جودة الوقود” المستخدم و”حرق المخلّفات”. ولا تزال دول مثل تونس والجزائر والأردن تكافح من أجل الاستفادة من أطنان من المخلفات حيث تتعرض مشاريع إعادة التدوير إلى عثرات كثيرة بسبب عدم تشجيع الحكومات وكذلك نقص التمويلات اللازمة. ويدفع الخمول والبطء في تنفيذ المشاريع المتعلقة بصناعة التدوير في مناطق كثيرة حول العالم الخبراء للاقتناع أكثر بأنه لا حل لتطوير هذا المجال ما لم تقم الحكومات بمراجعة شاملة لاستراتيجية الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأكد عدد من الرؤساء والمديرين التنفيذيين وخبراء الاستدامة في شركات عالمية أثناء جلسة عقدت ضمن فعاليات أسبوع الاستدامة الذي نظم الشهر الماضي تحت مظلة إكسبو 2020 دبي، أن إعادة تقييم الخطط والبحث عن حلول مرنة سيضمنان الارتقاء بالقطاع. ويرى البنك الدولي أن البحر المتوسط هو من بين المسطحات المائية الأكثر تلوثًا بالبلاستيك في العالم. وأشار إلى أن كل شخص في المنطقة يرمي ما معدله ستة كيلوغرامات من النفايات سنويا في البحر. كما اعتبر أن تلوّث البحار مرتبط بتآكل السواحل الذي يهدد أماكن السكن و”سبل كسب العيش، لاسيما بين الفئات الفقيرة”. وتصل التكلفة المباشرة التقديرية لتآكل السواحل إلى نحو 2.8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في بعض الدول التي يرتكز اقتصادها على السياحة على غرار تونس. وقال نائب رئيس البنك لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بالحاج إن “السماء والبحار الملوّثة باهظة التكلفة على الصحة والرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للملايين من الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”. وأضاف “مع تعافي بلدان المنطقة من جائحة كورونا، هناك فرصة لتغيير مسارها واختيار مسار نمو أكثر خضرة وأكثر زرقة وأكثر استدامة كي تقل الانبعاثات ويتراجع التدهور البيئي”. وتقدر أبحاث وإحصائيات صادرة عن المنتدى ومؤسسة إلين مكارثر أن الاقتصاد الدائري يمكن أن يوفر على العالم تريليون دولار بحلول عام 2025 كما سيولد 100 ألف وظيفة جديدة.
مشاركة :