تسبب إغلاق مدينة صينية مجهولة نسبيا - في إطار مكافحة كوفيد - في ارتفاع أسعار الألمنيوم العالمية إلى أعلى مستوى منذ 14 عاما. وأثار تفشي الإصابات في مدينة بايسه ويطلق عليها "عاصمة الألمنيوم في جنوب الصين"، مخاوف كبيرة عبر العالم حيال المعدن الأساسي. ووفقا لـ"الفرنسية"، تعد المدينة الواقعة عند الحدود مع فيتنام التي يقطنها نحو 3.5 مليون نسمة مركزا لتعدين الألمنيوم وإنتاجه، إذ تنتج نحو 2.2 مليون طن من المعدن كل عام، أي أكثر من 80 في المائة من ناتج منطقة قوانجشي الغنية بالموارد. وتعد قوانجشي المنطقة الصينية الأهم لتصدير الألومينا "أكسيد الألمنيوم"، إذ تشحن نحو 500 ألف طن من هذا المكون للألمنيوم كل شهر. والصين هي أكبر منتج للألمنيوم في العالم، المكون الأساسي المستخدم في صناعات كبرى تشمل المركبات والبناء والسلع الاستهلاكية. وسجلت بايسه أقل بقليل من 190 إصابة بالفيروس، ما يعني أن تفشي الوباء فيها ضئيل للغاية، إذا ما قورن بالأعداد المسجلة في أجزاء أخرى من العالم. لكن الصين تتبع استراتيجية قائمة على "صفر إصابات بكوفيد" وتفرض تدابير إغلاق صارمة ومستهدفة وقيودا على السفر، وتجري فحوصا واسعة النطاق لمنع انتشار العدوى. وفرض إغلاق في بايسه الإثنين وبالتالي خضع معظم سكانها للعزل المنزلي، فيما لم يكن بإمكان البعض مغادرة المقاطعات الريفية والبلدات التابعة للمدينة. وساعدت استراتيجية كوفيد التي اتبعتها بكين على الصعيد الوطني في المحافظة على النمو الاقتصادي إلى حد ما خلال الوباء، لكنها أدت إلى اضطرابات متكررة في مراكز تصنيع وشحن رئيسة في الشهور الأخيرة. وأفادت رابطة بايسه المحلية المعنية بالقطاع الثلاثاء أنه بينما بقي إنتاج الألمنيوم في المجمل عند مستويات طبيعية، تأثر نقل السبائك والمواد الخام بشكل كبير بقيود السفر التي فرضت خلال الإغلاق. وأثار ذلك بدوره مخاوف حيال الإمدادات التي تمر عبر الصين ومن ثم إلى العالم. وقالت الرابطة "إن التفشي المفاجئ في مدينتنا فاقم توقعات السوق بأنه سيعوق المسائل اللوجستية المرتبطة بتدفق الإمدادات، إضافة إلى التوقعات بتقليص الإمداد على مراحل جراء تراجع الإنتاج". وأضافت أنه "تم إغلاق مجمع صناعي كبير في بايسه يشمل عدة مصانع، ما أثر في حركة العمال والمواد الخام وسبائك الألمنيوم". واستأنفت بعض مصاهر الألمنيوم في جنوب غرب الصين أمس، الإنتاج، بحسب "سوق شنغهاي للمعادن" المتخصصة في مراقبة القطاع. لكن بعض مصافي المكون "ألومينا" في قوانجشي توقفت عن الإنتاج جراء تفشي الوباء، بحسب المصدر ذاته. وخفض "هوايين ألمنيوم"، وهو معمل مهم للصهر في بايسه، قدرته الإنتاجية بنحو 1.2 مليون طن نظرا إلى مشكلات النقل، وفق شركة "أنتايكي" الصينية للأبحاث في مجال السلع الأساسية. ويفيد محللون بأن إغلاق بايسه أدى إلى ارتفاع أسعار الألمنيوم في العالم، لكن عوامل مهمة أخرى لعبت دورا في الأمر. ويعد توقيت الإغلاق من بين تلك العوامل، إذ إن نقص الألمنيوم المحلي في الصين تفاقم في الأساس بفعل عطلة رأس السنة القمرية التي توقفت خلالها معظم مصانع البلاد عن العمل أو خفضت الإنتاج. وأعقب إغلاق بايسه العطلة، ما يعني أنه لم تتسن إعادة تعبئة المخازن بشكل طبيعي. وكان ارتفاع أسعار الألمنيوم متوقعا أساسا بعد العطلة التي انتهت الإثنين، نظرا إلى انخفاض المخزونات المحلية والطلب القوي من المصنعين، وفق "سوق شنغهاي للمعادن". كما لفتت "أنتايكي" الثلاثاء إلى أن مصنعي الألومينا في ثلاث مقاطعات أخرى خفضوا الإنتاج. وتواجه سوق الألمنيوم العالمية في الأساس نقصا كبيرا في الإنتاج هذا العام، إذ يتجاوز الطلب الإمدادات في وقت يتعافى فيه الاقتصاد العالمي من الوباء. كما أن إنتاج الألمنيوم مرتبط باستقرار إمدادات أخرى. ويفيد محللون بأن الأزمة القائمة بين روسيا وأوكرانيا أدت إلى مخاوف واسعة من إمكانية تأثر إمدادات الغاز الأوروبية من روسيا، الدولة الرئيسة المنتجة، في حال حدوث تصعيد. وتعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بشكل قاطع الإثنين خلال لقاء مع أولاف شولتس المستشار الألماني بأن خط أنابيب "نورد ستريم 2" للغاز الرابط بين روسيا وأوروبا سينتهي إذا غزت روسيا جارتها. وقالت فيونا كينكوتا المحللة من "سيتي إندكس" لـ"فرانس برس"، "يتطلب إنتاج الألمنيوم كميات كبيرة من الطاقة والغاز كمصدر وقود أساسي، إذ تؤدي المخاوف من احتمال وقف نورد ستريم 2 إلى ارتفاع الأسعار"، وأضافت "ثانيا، روسيا منتج رئيس للألمنيوم، التهديدات بفرض عقوبات من الغرب تؤدي أيضا إلى ارتفاع الأسعار".
مشاركة :