الإنتاج الدرامي السعودي - المصري المشترك .. توليفة ناجحة

  • 2/9/2022
  • 23:39
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تظل الدراما إحدى أدوات القوة الناعمة المؤثرة في حياة الشعوب، عرفها الإغريق وكانت جزءا من حياتهم وأسلوب معيشتهم، وتعاظمت قوتها عبر العصور، فنقلت الأدب المقروء إلى المسرح والشاشة، بما يحمله من واقع وخيال، وضحك وجد وحزن وخوف ومشاعر تمس الوجدان. في العامين الأخيرين، برزت الشراكات الاستراتيجية بين المملكة ومصر في مجالات الإنتاج والفنانين والأفكار، وأخرجت أفلاما ومسلسلات ناجحة، أحدها حقق رقما قياسيا كأعلى افتتاحية لفيلم عربي في السينما السعودية. وفي السطور التالية نلقي الضوء على محطات وملامح من مسيرة الإنتاج المشترك بين الدولتين، بات توليفة لنجاح القوة الناعمة وتأثيراتها. تعزيز جودة برزت في الفترة الأخيرة مجموعة من الأفلام والمسلسلات السعودية - المصرية، التي تشارك فيها نجوم الدولتين، وتعاونت فيها شركات الإنتاج، في تجربة مشابهة للإنتاج السوري - اللبناني المشترك التي فرضتها ظروف الحرب، وتمكنت من وضع بصمة مميزة في مسيرة الدراما العربية، وبات ذلك ملحوظا للجمهور. أعمال مثل "تساهيل" و"مهمة مش مهمة" و"قصة حب" و"مش أنا" وغيرها لم تكن الأولى في سياق التعاون الدرامي بين المملكة ومصر، لكنها عززت جودة الأعمال المقدمة بعد الأثر العاطفي والنفسي الذي تركته، وتوجهت لقاعدة أكبر من الجمهور، وباتت تحظى بإعجاب وجماهيرية واسعة، بطرقها مواضيع جديدة وتفاصيل التفاعل اليومي مع شؤون الحياة، والعلاقات الإنسانية، والظروف المجتمعية والاقتصادية، ما جعلها الخيار المفضل للقنوات التلفزيونية ومنصات البث الرقمي، التي تفضل الإنتاج المشترك بين عدة جهات دولية، وممثلين وأحداث من جنسيات عدة، وأحداث تجري في عدة عواصم ومدن عربية. كوميديا مشتركة من المسلسلات ذات القصة والحبكة والمعالجة والكتابة الاحترافية، كان مسلسل "تساهيل"، من بطولة النجم المصري بيومي فؤاد، ومن السعودية علي السبع، بدر اللحيد، ريم العلي، محمد الراشد، عهود السامر، أضوى فهد، وبمشاركة كوكبة كبيرة من النجوم ضيوف الشرف، منهم ميريام فارس المطربة اللبنانية، وحجازي متقال الفنان الشعبي، ونجوم كرة القدم مثل سعيد العويران ومحمد عبدالجواد، وآخرون. القصة لقيت أصداء واسعة، وتدور حول الأرملة إيناس، التي أخلصت في تربية أبنائها الأربعة، وهم بدورهم يبادلونها الشعور ذاته من المحبة والوفاء، لكنها تقع في حب صالح بن حمد الملياردير الشهير، وتطلب من أبنائها الموافقة على زواجهما، فيوافقون بشرط أن يقرضهم صالح مبلغا كبيرا من المال، لبدء مشروع تجاري، لكن صالح ومساعده دهشوري "بيومي فؤاد" يشترطان أن يؤدي الأبناء مهام لهما في قالب كوميدي، مقابل سبعة ملايين ريال. المسلسل الذي بث على منصة "شاهد"، تمكن من اجتذاب شريحتين هما الأكبر من الجمهور العربي، ففي المملكة ومصر تعرف المشاهدون على اللهجتين، وطبيعة المجتمع في كلتا الدولتين، وترسخت في المحصلة صورة نمطية إيجابية عن الشباب السعودي وقدرته على أداء الأدوار الرئيسة بكل تمكن، ويفتح آفاقا وفرصا للوجوه الجديدة. ومن "تساهيل" إلى "الفرح فرحنا"، الذي يشارك فيه علي الحميدي النجم السعودي، وأظهر في حلقات المسلسل موهبة كبيرة في أعمال الكوميديا السعودية الرمضانية، مثل "ممنوع التجول، مخرج 7، وهايبرلوب"، واستفاد منها في صقل موهبته التي انطلقت من عالم اليوتيوب وبرنامجه المعروف "أشكل". وفي مسلسله، الذي يشارك فيه النجوم أوس أوس، محمد ثروت، ميرنا جميل، سامي مغاوري، دينا محسن "ويزو"، سليمان عيد، وإيمان السيد، يقدم الحميدي دور شاب سعودي في القاهرة، يتعرض للسرقة، وفي اللحظة ذاتها يلتقي سهام، ليشكلان معا ثنائيا رومانسيا في بيئة شعبية، في حين يؤسس أهل حارته وأصدقاؤهما شركة لتنظيم الأفراح، لكنهم مع كل عميل جديد يواجهون تحديات كثيرة، ويعرف الحميدي الجمهور على عادات وتقاليد ولهجة بلاده، وتجارب يغلفها الإرث والثقافة، مثل الصقور والزواج وغيرها. قصة حب من أوائل الأفلام التي تنتجها المملكة ومصر فيلم "قصة حب"، فكرة وإخراج عثمان أبو لبن، وكتابة أماني التونسي، وإنتاج مشترك، يخوض في فيلم بقصة رومانسية، في تجربة تبدو مليئة بالمخاطر الإنتاجية. لكن الفيلم كتب له النجاح، وعرض لاحقا على منصات بث رقمية، ويحكي قصة يوسف "الذي لعب دوره الممثل أحمد حاتم"، وهو شاب قاهري وسيم يعيش نمط الحياة العصرية، ومهندس ناجح في عمله، لكنه رغم ذلك يعاني عدم استقرار حياته العاطفية والاجتماعية، ويلجأ إلى أصدقائه ليساعدوه في البحث عن زوجة، ليرتبوا بدورهم جلسات التعارف بينه وبين الفتيات، وبعد واحدة من تلك الجلسات وفي طريقه إلى المنزل يصاب يوسف في حادث سيارة، ويفقد بصره، كحالة مؤقتة، وقد يستجيب - بحسب الرأي الطبي - للعلاج مستقبلا. يتغير نمط حياة يوسف، ويصادف "جميلة"، تؤدي دورها هنا الزاهد، وهي الفتاة التي تتعاطف مع حالته وتساعده، وتنشأ بينهما قصة حب يجسدها الفيلم، الذي استغرق التحضير له ثلاثة أعوام. رقم قياسي سعودي في فيلم "مش أنا"، يشارك فنانون سعوديون ومصريون بطولة الفيلم، وصورت بعض مشاهده في الرياض، وكان لهذه التوليفة الدور في حصد رقم قياسي، بعد تحقيقه أعلى افتتاحية لفيلم عربي في السينما السعودية بأكثر من 60 ألف تذكرة. الفيلم من بطولة الفنان تامر حسني، والنجوم فايز المالكي، ماجد الكدواني، سوسن بدر، حلا شيحة، إضافة إلى عدد كبير من الفنانين، قصة وسيناريو وحوار تامر حسني، وإخراج سارة وفيق، صورت أحداثه بين الدولتين، وتدور قصته حول حالة نفسية ما تصيب الشاب "حسن"، وتجعله لا يتحكم في تصرفاته التي تضعه في مواقف محرجة مع من يتعامل معهم، بجانب علاقته القوية بوالدته المريضة التي يرعاها دون مساعدة أحد، وفي الوقت نفسه يبحث عن علاج لحالته النفسية النادرة، حيث تصدر منه تصرفات غريبة لا يقصدها، كضرب نفسه أو تحريك جسده غصبا عنه، وكأن شخصا آخر يفعل ذلك معه، ولا يصدقه أحد عندما يحكي ماذا يحدث له. حقق الفيلم إيرادات تجاوزت أكثر من 300 مليون جنيه، وفقا لإحصائيات شركة التوزيع، وطالته انتقادات، مثل اقتباس الملصق الدعائي للفيلم من ملصق فيلم Me, Myself & Irene للنجم العالمي جيم كاري، والجدل الذي رافق تبرؤ حلا شيحة نجمة العمل من بعض مشاهدها، وحدوث سجال بينها وبين تامر حسني تناقلته منصات التواصل الاجتماعي، لكن ذلك لم يوقف مواصلة النجاح وتحقيق الإيرادات المليونية. ويبدو أن الشهية لإنتاج أعمال مشتركة لا تزال في أوجها، حيث دخل صالات السينما فيلم "الكاهن"، الذي انتهى المخرج عثمان أبو لبن من تصويره، بمشاركة مجموعة كبيرة من النجوم، منهم حسين فهمي، إياد نصار، جمال سليمان، فتحي عبدالوهاب، درة، وعدد كبير من الفنانين، ويخوض عالم نظريات المؤامرة، لكنه يتخلص من تحدي انحسار المشاهدين في بقعة جغرافية معينة، في مشهد درامي عربي متغير ومزدهر.

مشاركة :