أكد رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة مساء الثلاثاء أنه سيتحدى تصويتا مزمعا في البرلمان لاختيار بديل له الخميس، داعيا أنصاره إلى الخروج إلى الشوارع والميادين كمحاولة جديدة للضغط على مجلس النواب الساعي لإقالته، وتنصيب حكومة جديدة. وقال الدبيبة في كلمة متلفزة ليل الثلاثاء "شعبي، أخشى عليكم مما تسعى إليه الطبقة السياسية المهيمنة على البلاد لسنوات". واعتبر أن هذه الطبقة "تجرنا مجددا إلى مربع الانقسام، لن نسمح بمراحل انتقالية جديدة أو بسلطة موازية، ولن نتراجع في الحكومة حتى الانتخابات". وشدد على أن حكومته "مستمرة في عملها إلى حين التسليم إلى سلطة منتخبة". واستمع مجلس النواب الاثنين إلى البرنامج الحكومي لمرشحين لمنصب رئيس الحكومة الجديد (فتحي باشاغا وخالد البيباص)، وحدد المجلس الخميس موعدا لجلسة التصويت على اختيار أحدهما للمنصب. وهاجم الدبيبة مجلس النواب وقراراته، مؤكدا أن الكثير منها اتخذ بـ"المخالفة والتزوير"، قائلا "يصدرون القرارات في البرلمان دون نصاب ولا لوائح، بعدما قامت قلة من النواب بسحب الثقة من الحكومة بالتزوير، نعم بالتزوير، أتحداهم عرض التصويت في تلك الجلسة على الهواء للناس"، في إشارة إلى جلسة مجلس النواب في سبتمبر الماضي التي تقرر فيها سحب الثقة من حكومته. ويعتبر مجلس النواب حكومة الدبيبة "منتهية الولاية"، بسبب إرجاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كانت مقرّرة في البدء في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي. وحتى الآن لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، يأمل الليبيون أن تنهي نزاعا عانى منه بلدهم الغني بالنفط لسنوات. واعتبر رئيس الحكومة المنتهية ولايتها أن مجلس النواب والكيانات السياسية يسعون من خلال "خارطة الطريق" للتمديد لأنفسهم لسنوات، وحرمان الليبيين من اختيار سلطة سياسية جديدة. وأقرّ مجلس النواب بالإجماع الاثنين مشروع قرار "لجنة خارطة الطريق"، الذي ينصّ على إجراء "الانتخابات في مدّة لا تتجاوز 14 شهرا من تاريخ التعديل الدستوري"، الدستور المؤقت للبلاد. وأشار رئيس الحكومة المنتهية ولايتها إلى شروعه في مشاورات واسعة النطاق من أجل "تقديم خطة عمل محددة ودقيقة لتنفيذ الانتخابات". ولفت إلى انطلاق الخطة التي لم تحدد الأطراف السياسية المشاركة فيها، والرامية إلى إجراء الانتخابات في يونيو المقبل استنادا إلى التاريخ الممنوح للسلطة التنفيذية التي أفرزها الاتفاق السياسي في جنيف. ودعا الدبيبة في ختام كلمته الشعب الليبي إلى إسماع الطبقة السياسية والعالم كله هذا الرأي، للتمكن من القيام بالخطوات المصيرية ليكون الصوت واضحا بجميع الميادين والساحات، بعد أن سأمت الجماهير التمديد وراء التمديد والمراحل الانتقالية، وأثبتت أنها مع الاستقرار وعودة الحياة ودولة أساسها متين وبناؤها سليم عبر الانتخابات. وما إن أنهى الدبيبة حديثه حتى انتشرت خلال الساعات الماضية بين أنصاره دعوات إلى التظاهر الأربعاء، دعما لبقاء الحكومة وللمطالبة بإجراء انتخابات في أسرع وقت. ودعت "اللجنة العليا للملتقيات والاعتصامات والتظاهرات" إلى تنظيم وقفة احتجاجية الأربعاء أمام مقر مجلس النواب بالعاصمة طرابلس، للمطالبة بإسقاط البرلمان، وإعلان تأييد بقاء حكومة الوحدة في السلطة. وأتت تلك التطورات قبل جلسة مرتقبة الخميس لتصويت البرلمان على اختيار رئيس وزراء جديد، يتولى تشكيل حكومة للإشراف على إجراء انتخابات خلال 14 شهرا، من بين مرشحين اثنين قُبل ملفاهما، وهما وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا وخالد البيباص. كما أتت في ظل ارتفاع منسوب التوتر بين البرلمان والحكومة، بما يشي بانقسام البلاد مجددا بين حكومتين موازيتين، في الشرق والغرب. ويسود الغموض بشأن الوضع في البلاد خلال الفترة المقبلة، حيث يصعب التكهن بمصير حكومة الدبيبة بعد تشكيل حكومة جديدة، وما إذا كانت تلك الحكومة ستكون قادرة على فرض سلطتها السياسية والأمنية وإخراج الدبيبة من العاصمة. ويرى مراقبون يرجحون انتخاب باشاغا من قبل البرلمان، أن موازين القوى العسكرية تبدو متوازنة بين الدبيبة وباشاغا، اللذين ينحدران من مدينة مصراتة ذات النفوذ السياسي والعسكري المهم غرب ليبيا. وبعد سنوات من المعارك وتنازع الحكم بين سلطتين في شرق البلاد وغربها، شُكّلت حكومة موحّدة في فبراير من العام الماضي، ضمن عملية سياسية رعتها الأمم المتحدة من أجل إخراج ليبيا من الفوضى التي تلت سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
مشاركة :