الواقعة التي سنحكيها تعود لعام 1941 عندما دخل الجيش الألماني النازي في معركة اعتبرها جنرالات النازية وقتها الملحمة الأعظم في التاريخ بعد أن أسقطوا الجيش السوفيتي وأسروا أكثر من نصف مليون منهم في كييف واحتلوها خلال الحرب العالمية الثانية. بالطبع كرة القدم كانت جزء من الصراع وقتها، الجيش الألماني كان يواجه فرقا من الاتحاد السوفيتي أو بولندا، النازيون يجبروهم على الخسارة والركوع من أجل إرضاء الغرور النازي بحضور جنرالات الجيش من أجل مشاهدة مسرحية تجسد حلم السيطرة على أوروبا ويجب أن تفوز ألمانيا في النهاية. أغرب القصص الكروية (1) - عندما استخدم السوفيتيون ضباب لندن للعب بـ15 لاعبا أمام أرسنال دينامو كييف بعد احتلال كييف كان من حظ بطل أوكرانيا فريق دينامو أنه كان هناك ضابطا ألمانيا يدعى إيبرهاردت يعشق كرة القدم أنقذهم من الإعدام لينظم هذه المباريات التي بدأت بعدها بعام واحد فقط من موقعة كييف أي في 1942. على الرغم من أنهم ابتعدوا عن الكرة لأكثر من عام بسبب الحرب إلا أن دينامو كييف تقدم في أول مباراة بهدف نظيف في الشوط الأول لينزل إيبرهاردت لغرفة الملابس غاضبا محذرهم بالإعدام لو انتهت المباراة بفوز الفريق الأوكراني.. الارتعاش والخوف لم يصب لاعبي دينامو وفازوا بأربعة أهداف مقابل هدف. لم ينفذ الضابط الألماني ما وعدهم به وقرر إعادة المباراة من جديد بعد أن انتشرت أخبار هزيمته وحرمهم من التدرب وجلب لهم فريقا أقوى من الجيش النازي وحذرهم بالإعدام مجددا قبل المباراة لكنهم فازوا بستة أهداف نظيفة. إصرار إيبرهاردت على الانتصار جعله لا ينفذ قرار الإعدام للمرة الثانية وجلب لهم هذه المرة فريقا مجريا لكرة القدم وليس من الجنود وخاضوا مباراتين مع دينامو كييف فاز بهما الفريق الأوكراني 5-1 و3-2. أخبار انتصار دينامو كييف انتشرت في ألمانيا وموقف إيبرهاردت بات صعبا وسط توبيخات قياداته له.. هم كانوا في عداد الموتى وأنت من أنقذت هؤلاء الحمقى يا إيبرهاردت ليصنعوا منك أضحوكة. النهاية في السادس من أغسطس عام 1942 جلب الألمان فريقا من بلدهم لا يهزم ولا يقهر اسمه فالكليف لكن دينامو كييف استطاع أن ينتصر بخمسة أهداف مقابل هدف وفي رواية أخرى يقال أن النتيجة كانت 3-2 للأوكرانيين. الجميع كان ينتظر مصيره بالإعدام وتقبلوا الأمر تماما لكن إيبرهاردت لم يتدخل تماما، من ذهب لهم كانوا ضباط جيتسابو (البوليس السري النازي) لكنهم منحوهم الفرصة الأخيرة بعد 3 أيام فقط أمام نفس الفريق ثم عادوا وانتصروا في مباراة الموت 5-3. يوم 16 أغسطس كانت الفرصة الأخيرة بالفعل لكن فريق دينامو كييف لم يستسلم وواجه فريقا ألمانيا يدعى روخ وانتهت المباراة بفوز الأوكرانيين 8-0 ليقوم رجال جيتسابو بالقبض عليهم والزج بهم في السجون. بعدها قام النازيون بإعدام العديد منهم بعد إلقائهم من على حافة جبل كما قاموا بتعذيب البعض حتى الموت، لكن على الرغم من ذلك فأن هناك لاعبين اثنين لم يسجنا أو يتعرضا للتعذيب. بعض المؤرخين لا يعتقدون أن سبب إعدام اللاعبين كان المباراة، كما أن التحقيقات الألمانية التي أجريت بعد سنوات من انهيار نظام هتلر أثبتت عدم وجود صلة بين المباراة والإعدام. الرأي الآخر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وإعلان أوكرانيا دولة مستقلة خرجت بعض الإدعاءات وزعمت أن قصة تهديد الألمان بالقتل ما هي إلا بروباجاندا سوفيتية ولم تحدث وأن الألمان لعبوا بنظافة. لكن في النهاية دينامو كييف قام بوضع نصبا تذكاريا للاعبيه الذين شاركوا في هذه المباريات عام 1942 أمام ملعبه كما أن القصة ألهمت الكثير من الأعمال السينمائية أشهرها الهروب إلى النصر لسيلفستر ستالون والذي شهد مشاركة من البرازيلي بيليه. إذا قاتلت ربما ستموت.. وإذا هربت ستعيش لكنك ستموت بعد سنوات في سريرك.. ربما كلمات قالها ميل جيبسون عندما ارتدى شخصية الاسكتلندي ويليام والاس أشهر مقاتلي هذه البلد في معركته من أجل الاستقلال عن إنجلترا. هذه الكلمات ربما هي أكثر شيء يصف ما فعله فريق دينامو كييف الأوكراني، هم قتلوا ربما لأسباب بعيدة عن كرة القدم كالملايين من ضحايا حماقة هتلر، لكنهم لم يركعوا لغرور الألمان وحافظوا على شعار ناديهم ودافعوا عن ألوان بلادهم حتى اللحظة الأخيرة.
مشاركة :