أصبح شباب اليوم مهووسين بالتكنولوجيا الحديثة من خلال اقتناء وتغيير الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والآي باد وآلات التصوير، ويسارعون لاقتنائها والمشاركة في تطبيقاتها الواسعة، للتمكن من التواصل مع العالم الافتراضي، فكلما طرح شيء حديث في الأسواق يبيعون الجهاز القديم ويشترون الجديد سواء كان فيه امتيازات جديدة أو تطبيقات حديثة، أو يمكن أن يكون الجهاز نفسه، ولكن يختلف شكله فقط من دون أي شيء آخر. لا يمكن إنكار مدى أهمية التقانة الحديثة في سد فجوة البعد في الاتصال، واختصار الوقت، وتوفير الراحة للإنسان، لكن معظم الناس ينسون الهدف الأساسي من اختراعها، وأصبحوا يركضون خلف كل جديد يطرح في الشركات والأسواق، تحت ذريعة مواكبة العصر، وتحولوا من دون قصد إلى مجرد مستهلكين مستهدفين من الشركات المصنعة. ومهما تطورت أساليب الحياة، تبقى هناك أولويات لا يمكن استبدالها أو تغيير مرتبتها ضمن قائمة ضروريات الحياة، وليس بالضرورة الإنفاق على كل جديد يطرح في التكنولوجيا الحديثة واستبدال الهاتف أو أي شي آخر من الإلكترونيات كل بضعة أشهر، لاختلافات بسيطة، وذلك أمر سطحي واستهلاكي. هناك بعض الأشخاص لا يهتمون بتغيير أجهزتهم التقنية إلا في حال حدوث عطل فيها، فمادام الجهاز صالحاً ويلبي احتياجاتهم، فلا داعي لاستبداله، إلا في حال طرح جهاز جديد بفارق كبير في امتيازاته وتطبيقاته. والبعض يمكن أن يبقى على اطلاع مستمر على أحدث البرامج والتطبيقات الذكية، لكن هذا لا يعني بالضرورة الشراء، وإنما لإبقاء أنفسهم محدثين فكرياً باستمرار، لمنح القدرة على التعاطي مع المجريات الحديثة. يوجد هناك بعض الأشخاص لا يتابعون سياسة التغيير المستمر من دون وعي، لأنها متعبة للعقل ومكلفة مادياً، ويسعون قبل عملية الشراء إلى معرفة الامتيازات والتطبيقات الجديدة للجهاز، فإذا كانت لا تختلف كثيراً عن السابق، فليكتفوا بالتغيير مرة أو مرتين في السنة. لا يمكن إلغاء استخدام الأجهزة الذكية في حياتنا المعاصرة لكن يجب الحد من استخدامها، ويجب أن نرتكز في حياتنا على قدراتنا العقلية، لإبقائها في تطور مستمر. ما الذي يبحث عنه شباب اليوم في التقانة الحديثة، الخدمة أم الوجاهة الاجتماعية؟ هل يخصص الشباب ميزانية شهرية لاقتناء كل جديد؟ وهل تحولت التكنولوجيا من كماليات إلى أساسيات وأضيفت إلى رأس قائمة الأولويات المادية للعائلة ؟ هل تهمهم الخسارة المادية أم كل ما يضعونه بعين الاعتبار هو اقتناء جهاز جديد؟ يقول محمد العلي: أحب أن أبقى على اطلاع دائم بالتقانة الحديثة، وأتابعها باستمرار خاصة وأنها على صلة وثيقة بدراستي للهندسة، وما يميز الهواتف الذكية في هذه الأيام أنها تحتوي على تطبيقات واسعة وبرامج متميزة مع خدمة الإنترنت، ولا تفرق معي الخسارة المادية التي أتعرض لها، عندما أبيع هاتفي القديم لشراء الجديد، وبالنسبة إلى العروض الشهرية لا أطلع على المبلغ المادي للباقة الشهرية، بل ما يهمني أن أبقى على تواصل دائم في المواقع الاجتماعية، وهو أمر لا أتخيل انقطاعي عنه. وتستهوي الهواتف الذكية شادي عواد، الذي يقتني 4 هواتف نقالة، فكلما طرح هاتف ذكي جديد في الأسواق سارع لاقتنائه ولا تهمه الخسارة المادية بقدر ما يهمه أن يحمل أحدث هاتف نقال لأنه لا يمكنه التخلف عن معرفة ما الجديد فيه، إلا عندما يشتريه، ويقول: إنني مقتدر مادياً فلماذا لا أحصل على ما هو جديد والتمتع به. وتعبر إيمان ديب عن هوسها وهوس زوجها بالهواتف النقالة، وتقول: أسارع مع زوجي لشراء كل ما يطرح حديثاً في الأسواق، فكلما سمعنا عن هاتف بامتيازات جديدة، وتطبيقات حديثة، نبيع القديم ونقتني الجديد، بغض النظر عن الخسارة المادية، ونفعل ذلك كل شهرين أو ثلاثة. أما أحمد عبد الله، فيؤمن بضرورة الموازنة بين حبنا وهوسنا للتقانة، وأساسيات الحياة الضرورية ولا ينكر فضل الهواتف الذكية في اختصار الوقت وتوفير المادة، فخدمة الإنترنت المرافقة للهواتف أمر عظيم للغاية لأنها توفر استهلاك المكالمات والرسائل النصية، لكن استبدال الجهاز كل بضعة أشهر، فذلك سيعرضه لخسارة مادية هو بغنى عنها. لا يهتم عبد الله محمد، بتغيير أجهزته إلا عند حدوث عطل فيها، ويقول: طالما أن الجهاز لا يزال صالحاً ويلبي احتياجاتي، فلا داعي لاستبداله، وأنا بغنى عن التعرض لخسارة مادية سواء صغيرة أم كبيرة، ولكن ذلك لا يغنيني عن متابعة التكنولوجيا والتغير الجديد، لأن الاطلاع لا يعني بالضرورة الشراء، بل يمنحنا القدرة على التعاطي مع المجريات الحديثة. تقول حنان عبد المجيد: لا أتابع سياسة التغيير المستمر من دون وعي، لأنها متعبة للعقل ومكلفة مادياً، وأسعى قبل عمليه الشراء إلى معرفة الامتيازات والتطبيقات الجديدة للجهاز، فإذا كانت لا تختلف كثيراً عن السابق، فأكتفي بالتغيير مرة بالسنة. يقول عبد العزيز عبد الكريم: أتابع كل ما تطرحه الأسواق من أجهزة تقنية حديثة، وأصبح بالإمكان اقتناء جهاز واحد متعدد المهام، يقوم بوظائف أجهزة متنوعة، فما الضرر من اللحاق بركب التكنولوجيا، وتخصيص ميزانية لها. أما حسام توفيق، فيغير هاتفه كلما صدر جديد، سواء كان في الشكل أو في التطبيقات لأنه يحب أن يقتني كل ما هو جديد، والتباهي أمام أصدقائه، ولا يهمه الخسارة المادية التي يتعرض لها عند استبدال هاتفه القديم، أو أي إلكترونيات أخرى، بالأحدث منها. تعبر سهى مروان عن هوسها بالتقنيات الحديثة واستبدال القديم بالحديث، وإن كان الهاتف الذكي ذاته، ولكن بجيل حديث، لأنها تحب التباهي أمام صديقاتها، ولا تفرق معها الخسارة المادية التي تتعرض لها عند الاستبدال، لأنها لا يمكنها التخلف عن التطبيقات الواسعة أو الشكل الجديد للجهاز. نوع من التبذير قال الدكتور يوسف شراب، الموجه التربوي والباحث الأول في مركز دعم اتخاذ القرار في شرطة دبي: الأمر كله يتعلق بثقافة الفرد ووعيه العقلي في الحياة، سواء كانت الأسرة مقتدرة مادياً أم لا، إلى الجانب أنه تبذير وإسراف لأمور جانبية في الحياة، فهي أيضاً تنم عن خلل اجتماعي وتربوي لدى الوالدين، عليهما بإعادة تقييم الأمور، وعدم غرس ثقافة الاستهلاك والتقليد الأعمى في نفوس الأبناء. أضاف شراب أن سلوكيات الشباب في استبدال القديم بكل جديد يصدر واللامبالاة الموجودة لديهم وامتلاك أمور لا داعي لها لمجرد التباهي بها وإبهار الآخرين هو نوع من الإسراف والتبذير، وهو ما يسمى بالرفاه السلبي. الإنسان الواعي لديه نظرة مستقبلية يرى د.نادر ياغي، أخصائي نفسي، أن الإنسان الواعي هو من يحسب حساب كل شيء، وتكون لديه نظرة مستقبلية للأمور بعكس الإنسان المتخلف والذي يكون همه الوحيد التباهي والتفاخر أمام الناس ولو على حساب نفسه، أي الخسارة المادية التي يتعرض لها في استبدال القديم بالجديد، فالذي يصرف أكثر ماله على المظاهر لا يبقى لديه ما يستطيع أن ينفقه على نفسه. أضاف ياغي: هناك أشخاص عندما يبدلون هواتفهم أو أي شيء آخر، لا تفرق معهم الخسارة المادية لأن وضعهم مرتاح والمهم عندهم أن يقتنوا أحدث الأجهزة الإلكترونية وأن يكونوا مميزين عن أصدقائهم، وأشخاص لا يهمهم اقتناء أحدث الأجهزة لأن لديهم أولويات أخرى في حياتهم أو سواء وضعهم المادي لا يسمح لهم ولكن في الحالتين هناك تعرض للخسارة المادية مما قد تؤثر في البعض.
مشاركة :