في رائعته الغنائية: (ملوك الطوائف) يقول منصور الرحباني: اسمعوا يا كل الملوك إذا راح الملك، بيجي ملك غيرو إذا راح الوطن، ما في وطن غيرو من له أذنان، فليسمع.. لقد تفتتت كثير من الممالك، الآن جاء دور الوطن: حذار حذار. الذين استبدلوا الكوفية بربطة العنق (الكرافاتة)، والذين استبدلوا سكن المخيم بالأبراج العالية، والذين استبدلوا السيجارة اللف بالسيجار الهافاني الفاخر، والذين استبدلوا لا الرافضة بلعم الملتبسة، فليسمعوا جيداً كلمة الممثل الفرنسي الراحل، فرناندل: لقد حان وقت الرحيل فقد بدأت أرى الأشياء كما هي. فليسمع من له أذنان في كل من فتح وحماس جيداً، لقد حان وقت الرحيل. قال كبير المفاوضين الفلسطينيين: بعد 22 سنة من المفاوضات مع العدو الصهيوني اكتشفنا أننا أضعنا وقتنا سدى، قال ذلك من دون أن يضع استقالته على الطاولة ويرحل، المفاوضات ليست فاشلة، المفاوضون هم الفاشلون. لقد بدأت فتح وحماس بشعار: تحرير فلسطين من الماء إلى الماء عن طريق الكفاح المسلح، وانتهتا بشعار 20% من فلسطين لنا و80% للمغتصب الصهيوني وذلك عن طريق الكلام المسلح فخسرتا كل فلسطين ولم تريحا حتى نفسيهما. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قال: أومن بالمفاوضات لا بالقتال، وبالحل السلمي لا بالعنف، وأن 80% لليهود و20% للفلسطينيين. لقد جربنا وصفتك السلمية ففشلت، فلنجرب غيركم. العبرة: إذا كان للثورة رأسان، فأحدهما مزيف وربما كلاهما القيادة الفلسطينية ليست استثناء. قصيدة على جدار: على أحد الجدران كتبت امرأة مناضلة: أيها الرجال إياكم أن تضحكوا على امرأة تجدل شعرها لتصنع من ضفيرتها حبلاً تنقذ به ثوراتكم الناقصة الموشكة على الغرق. وقف رجل عجوز أمام ذلك الجدار وكتب: أختي العزيزة افراديا نحن نقطة.. معاً نحن محيط. حقاً الجدران هي مطبعة الفقراء. في الوطن العربي خمس قلاع سقط منها أربع: (قلعة السياسي، الاقتصادي، العسكري والاجتماعي)، (القلعة الخامسة هي قلعة المقاوم الثقافي الشعبي)، القلعة الخامسة هي وطن الفقراء. يقول الكاتب الروسي دوستويفسكي: إنسان لا يملك مالاً هو إنسان فقير، الأفقر منه من لا يملك إلا المال. أفقر الاثنين من باع كوفيته ليشتري بها عمارة ناطحة سحاب! يزول أي احتلال عندما تصبح تكلفته أكثر من فائدته .. عنوان صغير لثورة كبرى، يخطط للنصر بالحبر.. ولكنه ينفذ بالدم. لا تقولوا لا نعلم.. أول القارئين هم العميان. الآن الآن وليس غداً: لحظة إعلان الثورة الروسية وقف لينين أمام الجماهير معلناً بصوته الراعد: أمس مبكر جداً.. غداً متأخر جداً.. اليوم وإلا فلا. متى نتحرك ضمن فرصة اليوم التاريخي الواحد!! تدافع الشعوب عن أوطانها ولكنها لا تدافع عن سجنها.. من هنا نبدأ، وعلى الجماهير العربية أن تختار واحداً من اثنين. إما أن تصلي لكي تمطر السماء علينا مكانس حديدية نهزم بها أعداءنا، أو نشمر عن سواعدنا لنصنع تلك المكانس بأيدينا. إن أكثر ما يخيف عدوك، هو اكتشافك للوسائل التي يحاول بها إخافتك. من خاف فليختبئ، من ارتعشت مفاصله فليتدفأ، من اصطكت ركبه فليتماسك، من ضربت رياح الثورة جدران منزله فليغلق نوافذه والأبواب. ليس على الخائفين أن يبرروا خوفهم بإعطاء النصائح للآخرين.. عليهم فقط أن يصمتوا. في أواخر الثورة الفرنسية الكبرى سئل أحد الكتّاب: ما هو الشيء الذي أنجزته خلال الثورة؟ أجاب: لقد بقيت حياً. الهزيمة مؤقتة... النصر قادم بعض الناس ضد المقاومة حتى لو نجحت، وبعضهم مع المقاومة إذا نجحت وضدها إذا خسرت، أو الملتزمون مع المقاومة إذا ربحت ومعها إذا خسرت. طوبى للمقاومين الأحرار. قبل مئة عام تم تقسيم الوطن العربي، الآن حان وقت تفتيته: إيران اقتطعت عربستان - تركيا لواء الإسكندرون - اليهود: فلسطين، الجنوب يفقد جنوبه- اليمن تسعى بعض فصائله تفتيته ، شمال العراق (كردستان) يمهد للانفصال عن جنوبه، إثيوبيا تسعى لتعطيش مصر بالتحكم بمجرى النيل، وسوريا مهددة بالتفتيت. العروبي... والوطن العربي هو الحاضنة التاريخية للأديان السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام. لقد استمر هذا الإنجاز الفريد مدة 1500 سنة، منذ ظهور الإسلام حتى عام 1948 عندما قامت إسرائيل واستطاعت أن تجذب اليهود العرب وتساعد على ترحيلهم من وطنهم العربي إلى فلسطين المغتصبة.. فخسرت العروبة أحد أركانها الثلاثة. والآن تجري محاولة تهجير المسيحيين عن طريق الإسلام السياسي الرجعي جاعلة الوطن العربي دار أيتام إسلامية هو الجحيم بعينه.. حذار حذار. إن قلب هذه المعادلة الرجعية الجهنمية واستعادة الوطن العربي لدوره التاريخي باحتضان الأديان السماوية الثلاثة رهن بهزيمة رجعيتين قاتلتين: زوال إسرائيل وزوال الإسلام السياسي المتوحش المعادي للإسلام.
مشاركة :