استقبلت أمس السوق العقارية المحلية أحد أهم وأكبر القرارات التنظيمية، إن لم يكن القرار الأهم والأكبر في تاريخها الطويل، حيث صدر قرار مجلس الوزراء الموقر بالموافقة على نظام رسوم الأراضي البيضاء المقرر من مجلس الشورى، ويُنتظر صدوره مع لوائحه التنفيذية بمرسوم ملكي كريم قبل تاريخ 23 مايو 2016 المقبل، وأن يبدأ العمل به وتطبيقه قبل تاريخ 23 نوفمبر 2016، أي بعد نحو عامٍ من تاريخ أمس الإثنين. هذا يعني في حقيقته أنّ السوق العقارية ستشهد عاما محموم النشاط، لعل من أهم مؤشراته زيادة تفكيك السيطرة الاحتكارية على الأراضي البيضاء داخل المدن والمحافظات والمراكز، التي يصل متوسط استحواذها من مساحات المدن الرئيسة إلى أعلى من 60 في المائة من إجمالي المساحات (وفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن هيئات وأمانات المدن الرئيسة)، وفي الوقت الذي لا تتجاوز مساحات الأراضي المتاحة للتداول من تلك المساحات الشاسعة للأراضي داخل المدن نسبة 10 في المائة فقط (وفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة العدل)، فإنّ الحراك المتوقع أن تشهده السوق العقارية في هذا الاتجاه تحديدا؛ يعني تماما ارتفاع درجة تحرير مزيد من الأراضي خارج منصّة التداول بيعا وشراء، لتتجاوز مساحات الأراضي المؤهلة للتطوير والدفع بها إلى عروض البيع المجففة، نسبا ستفوق النسبة الشحيحة من المتاح منها في الوقت الراهن البالغة حتى تاريخه أقل من 10 في المائة. إنّ مجرد تضاعف تلك النسبة إلى الضعف أو أعلى بقليل عند مستويات مقاربة لـ 20-30 في المائة، يعني انكماشا متوقعا في الأسعار المتضخمة للأصول العقارية وفي مقدمتها قطع الأراضي داخل تلك المدن، يراوح بين 15 إلى 35 في المائة خلال أقل من عام، وقد يتجاوز نسبا بين 40 إلى 60 في المائة في المواقع التي شهدت وتيرة أكبر من المضاربات العقارية، التي خضعت لمزايدات سعرية بحتة بفعل تدوير الأموال عليها بحثا عن تحقيق مكاسب سعرية فقط، ودون النظر إلى الاستفادة منها في تطويرها أو الانتفاع منها. إنّ الأثر المرتقب لنظام الرسوم على الأراضي، وإضافته إلى عددٍ من العوامل الأخرى كتحديد نسبة الحد الأقصى للتمويل العقاري عندما لا يتجاوز 70 في المائة إجمالي القيمة السوقية للأصل العقاري، إضافة إلى بدء المصارف المحلية في رفع سعر فائدة الإقراض فيما بينها، الذي يقف في الوقت الراهن عند أعلى مستوى له منذ عام 2009، وقيام الميزانية العامة بتمويل أي عجز فيها عن طريق إصدار سندات التنمية (دون الحاجة إلى السحب من الاحتياطي العام، وهو القرار الاقتصادي الأنسب في الوقت الراهن)، كل تلك العوامل مجتمعة لا شك أنّها ستؤدي إلى مزيدٍ من الضغوط القوية على مستويات الأسعار المتضخمة في السوق العقارية، التي من شأنها أن تعيد التوازن المفقود بين قوى العرض والطلب في السوق، وهو التوازن الذي بدوره كلما تحقق على أرض الواقع سيسهم بدرجةٍ كبيرة في إعادة أسعار الأصول العقارية إلى مستوياتها العادلة، وهو التقييم الأدنى بكثيرٍ من المستويات السعرية المتضخمة التي تشهدها السوق العقارية خلال الفترة الراهنة. استقراء كل تلك التطورات المرتقبة؛ ستتم متابعته بصورةٍ أسبوعية عبر هذا التقرير الأسبوعي لـ "الاقتصادية"، وهو ما سيقدم بصورةٍ دقيقة ومنتظمة للقارئ الكريم خلاصة تلك المتغيرات التي ستشهدها السوق خلال الفترة امقبلة. الأداء الأسبوعي للسوق العقارية تفاقمت الانخفاضات الأسبوعية لقيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية، لتسجّل انخفاضها للأسبوع الخامس على التوالي بنسبة 13.3 في المائة، مقارنة بانخفاضها الأسبق بنسبة 3.5 في المائة، لتستقر عند أدنى من مستوى 5.5 مليار ريال. وشمل الانخفاض كلا من قطاعي السوق السكني والتجاري بنسبٍ متفاوتة، حيث انخفضت قيمة صفقات القطاع السكني خلال الأسبوع بنسبة 2.9 في المائة، مقارنة بارتفاعها الأسبوعي الطفيف الأسبق بنحو 0.9 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى 3.8 مليار ريال، فيما سجلت قيمة صفقات القطاع التجاري انخفاضا أكبر بلغت نسبته 30.2 في المائة، مقارنة بانخفاضها الأسبق بنسبة 9.9 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى من مستوى 1.7 مليار ريال. أمّا على مستوى عدد العقارات السكنية المبيعة خلال الأسبوع، فقد عادت إلى الانخفاض بعد أسبوعين من الارتفاع، لتنخفض خلال الأسبوع الماضي بنسبة 3.4 في المائة، ولتستقر أعداد العقارات السكنية المنفذّة مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5182 عقارا مبيعا، مقارنة بنحو 5363 عقارا مبيعا خلال الأسبوع الأسبق، وشمل الانخفاض جميع أنواع العقارات السكنية باستثناء قطع الأراضي السكنية، التي ارتفعت بنسبة طفيفة لم تتجاوز 1.9 في المائة، فيما جاءت الانخفاضات الأسبوعية لبقية أنواع العقارات على النحو التالي: حيث انخفضت مبيعات وحدات الشقق السكنية بنسبة 36.6 في المائة، وانخفضت مبيعات وحدات العمائر السكنية بنسبة 29.6 في المائة، وانخفضت مبيعات وحدات الفلل السكنية بنسبة 27.8 في المائة، وانخفضت مبيعات الأراضي الزراعية بنسبة 21.5 في المائة، وأخيرا انخفضت مبيعات وحدات البيوت السكنية بنسبة 2.1 في المائة. لبقية التفاصيل (أنظر الجزء الأوسط من الجدول رقم (1)). تعكس تلك الوتيرة من الأداء للسوق العقارية، أنّ السوق تشهد تراجعا ملموسا في مستويات الأسعار السوقية للأصول العقارية المتداولة، مقابل تنفيذ مستويات أعلى من الصفقات العقارية بقيم صفقات أدنى من السابق، وفي حال شهدت السوق تراجعا في أعداد العقارات المبيعة؛ فهذا يعني أنّ وتيرة التراجع في الأسعار في طريقها إلى الاتساع أكثر من السابق، وهو الأمر الإيجابي الذي تنتظره السوق العقارية، الذي سينعكس دون شك على انخفاضات أكبر في مستويات الأسعار المتضخمة الراهنة.
مشاركة :