واين روني يبحث جاهداً عن الخلاص وسط حطام ديربي كاونتي

  • 2/14/2022
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن واين روني، باعترافه الشخصي، مهتماً أبداً بالمدرسة، لكن كانت هناك مادة دراسية واحدة تثير اهتمامه أكثر من غيرها، وهي الدراسات الدينية، وكان يقيم الصلاوات في معظم الأمسيات، ولا يزال يعتبر نفسه رجلاً متديناً. وقال تقرير مدرسي مبكر عن روني: «واين يتذكر القصص عن حياة المسيح بشكل مفصل تماماً». وفي أواخر عام 2010، كان روني في حالة اضطراب، وشعر بالإحباط في مانشستر يونايتد وتقدم بطلب للرحيل. لكنه سرعان ما شعر بالذنب وتوبيخ الذات. وكتب في سيرته الذاتية يقول: «عقلي يذهب إلى مسار آخر. أشعر بالإحباط لما قمت به. كم أنت غبي يا واين؟ ماذا تفعل؟»، وكما اتضح بعد ذلك، فإن سعيه الدائم من أجل المغفرة - للتبرئة من أخطائه - كان بمثابة الدافع الذي ساعده على التألق في موسمه الأخير كلاعب. في الواقع، تتناسب مسيرة روني المهنية مع جميع أنواع الموضوعات المختلفة، لكن ربما تكون الفكرة الأكثر قوة هي فكرة الشعور بالذنب والخلاص. لقد أخطأ كثير من لاعبي كرة القدم مثل روني، لكن قليلاً منهم هم من تابوا مثله. وعندما حصل على البطاقة الحمراء في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم عام 2011، أصر على كتابة خطاب اعتذار شخصي إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. لقد كان هناك ندم حزين، يكاد يكون طفولياً، وهو ما يختلف تماماً عن الانفعالات الزائفة في عصرنا الحالي. روني لا يطلب المغفرة فقط، لكنه يتوسل كأن ألم المعصية أشد من العذاب. على سبيل المثال، في المقابلة التي أجراها روني للترويج لفيلمه الوثائقي الجديد من إنتاج «أمازون»، تركزت معظم التغطية الإعلامية على اعترافه بإساءة استخدام الكحول في ذروة شهرته. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن ذلك، لكنها سمحت لكثير من المواقع الإلكترونية بوضع كلمتي «روني» و«خمر» بعضهما بجانب بعض في عنوان رئيسي. لكن واحداً من أكثر المقتطفات التي تم الكشف عنها كان ذنبه في الذهاب إلى كأس العالم 2006 على الرغم من عدم لياقته الكاملة. وقال روني عن ذلك: «حتى يومنا هذا، أشعر بالفزع تجاه جيرمين ديفو. لقد أخذت مكانه فعلياً في كأس العالم وحطمت حلمه». وبغض النظر عن أن روني كان يستحق الانضمام حتى لو لم يكن لائقاً بنسبة مائة في المائة، بالنظر إلى موهبته الكبيرة، وبغض النظر عن أن استبعاد ديفو يرجع أكثر إلى قرار - المدير الفني للمنتخب الإنجليزي آنذاك، سفين غوران إريكسون - الغريب باختيار اللاعب الشاب عديم الخبرات ثيو والكوت، فلا يزال روني وبعد مرور 16 عاماً تقريباً يشعر بالذنب والندم، وهو الإحساس الذي يؤرقه لدرجة أنه يشعر بالحاجة إلى التخلص من تلك الضغوط والأعباء على الملأ. إن السبب الرئيسي في الحديث عن كل هذه الأمور هو ما يحدث الآن في نادي ديربي كاونتي. لقد مر أكثر من عام منذ أن تولى روني قيادة الفريق في أول تجربة تدريبية له، وهي الوظيفة التي تحولت منذ ذلك الحين إلى شكل غير لائق من الماسوشية، أو التلذذ بالاضطهاد. لقد أعلن ديربي كاونتي إفلاسه - وهو الأمر الذي عرفه روني عبر قناة «سكاي سبورتس» الرياضية وليس من داخل النادي الذي يتولى قيادته - وأعقب ذلك خصم 21 نقطة من رصيد الفريق، وهو ما يعني الهبوط شبه المؤكد إلى دوري الدرجة الثانية. ووصل الأمر إلى احتمال تصفية الفريق ككل. ففي بداية فترة الانتقالات في يناير (كانون الثاني) الماضي، أكد المسؤولون لروني أنه لن تكون هناك حاجة لبيع أي لاعب، لكن الأمر انتهى برحيل تسعة لاعبين! وفي الوقت نفسه، يعود الأمر إلى روني لإنقاذ الحطام الذي تركه المالك السابق، ميل موريس. لقد دفع روني من ماله الخاص ثمن شراء معدات التدريب وتكاليف السفر لخوض المباريات الخارجية. وفي بعض الأحيان، أجبر الإجهاد وعبء العمل روني على النوم في مكتبه. دعونا نتذكر أن هذا ربما يكون أشهر لاعب كرة قدم إنجليزي في جيله، كما أنه يمكنه الرحيل عن ديربي كاونتي غداً وستصل إليه مجموعة من عروض العمل الممتازة. فما الذي يجبره على الاستمرار في ذلك؟ تتمثل وجهة النظر السيئة - لأن هذه هي كرة القدم الحديثة ويجب أن يكون هناك دائماً دافع خفي - في أن روني يتصرف بهذا الشكل بدافع المصلحة الذاتية، ليجعل نفسه يبدو جيداً، نظراً لأنه يعمل في ظروف صعبة للغاية تعفيه من أي لوم على الفشل. أنا شخصياً غير مقتنع بذلك، لأنه ليس من المنطقي أن يقبل أي مدير فني عن طيب خاطر أن يضع في سيرته الذاتية أنه هبط مع أحد الأندية لدوري الدرجة الثانية! لكن يبدو أيضاً أن هناك شيئاً أكثر تعقيداً يحدث هنا من مجرد الولاء. بالنسبة لجميع صفات روني العديدة كلاعب كرة قدم، عندما يتعلق الأمر بالقرارات الحاسمة في مسيرته المهنية، فإنه دائماً ما يتصرف بواقعية شديدة، والدليل على ذلك أنه لم يتردد على الإطلاق في الرحيل عن إيفرتون عندما تواصل معه مسؤولو مانشستر يونايتد، كما لم يتردد في تقديم طلب للرحيل عندما شعر أن طموحات مانشستر يونايتد لم تعد تناسبه. ولهذا السبب، كان كثيراً ما تتم شيطنته وتصويره على أنه نموذج للاعب كرة القدم الحديث والانحلال الأخلاقي. ورفض روني التواصل مع فريقه السابق إيفرتون لقيادة الفريق المتعثر بالدوري الإنجليزي الممتاز. وقال روني: «تواصل إيفرتون مع وكيلي وطلبوا إجراء مقابلة من أجل المنصب الشاغر لكنني رفضت». وأضاف: «أؤمن بأنني سأكون مدرباً في الدوري الممتاز وأعتقد أنني مستعد تماماً وسيكون من الرائع بالتأكيد أن أقود إيفرتون في يوم ما بالمستقبل. لكن لدي وظيفة هنا في ديربي كاونتي وهو عمل مهم بالنسبة لي». ولعب روني 117 مباراة لإيفرتون خلال فترتين مع الفريق، وكان أول ظهور له في الفريق الأول بعمر 16 عاماً مع إيفرتون، الذي لعب له عندما كان ناشئاً. وعاد روني لإيفرتون في 2017 بعدما قضى 13 عاماً مع مانشستر يونايتد، حيث فاز بلقب الدوري الممتاز خمس مرات ودوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس رابطة الأندية الإنجليزي المحترفة ثلاث مرات. وأنهى روني مسيرته كلاعب وهو الهداف التاريخي للمنتخب الإنجليزي ومانشستر يونايتد. ومع ذلك، لا يمكن لأحد أن يلوم روني أكثر من روني نفسه. وقال روني: «لن أسامح نفسي إذا رحلت عن ديربي كاونتي. أي نوع من الأشخاص سأكون إذا رحلت وذهبت للاستمتاع على الشاطئ لمدة أسبوعين؟»، هذه هي عقدة روني وشعوره بالذنب في العمل مرة أخرى: قرار لا ينبع من الغرور، لكنه ينبع من الواجب، لا ينبع من المحفزات الإيجابية ولكن من الخوف من الحكم عليه بطريقة سيئة. بعبارة أخرى، إنه قرار لرجل ساوى منذ فترة طويلة بين المعاناة والخلاص، رجل تعلم منذ نعومة أظافره أنه يجب في نهاية المطاف تقييم وحساب كل خيار وكل قرار في نهاية المطاف. وعندما تشاهده يقف في النفق المؤدي لملعب المباريات فإنه يبدو غير سعيد لوجوده هناك. إنه لا يفعل ذلك حتى يلقى الاستحسان أو التشجيع والدعم أو كإعداد، لكي يتولى القيادة الفنية لمانشستر يونايتد في نهاية المطاف، لكنه مجرد رجل تحمل ليالي طويلة من المعاناة ليعرف أن البديل سيكون أسوأ بكثير!

مشاركة :