تمضي السيدة الخمسينية ليلى عواد وبناتها الثلاثة الساعات الطوال خلف طاولة مستديرة وسط منزلها في مدينة مرجعيون بجنوب لبنان للتعاون جميعا في تحضير مجموعات متعددة من هدايا عيد الحب الذي يحتفي به العالم في 14 فبراير كل عام. وسط معدات وحاجيات العمل من أقمشه وخيطان وأشرطة غلب عليها اللون الأحمر انشغلت السيدة ليلى وبناتها في تفصيل وتنسيق وانتاج ورود قماشية مرتبطة بعيد الحب، حرصن على تزويدها بعبارات ود يهواها العشاق في هذه المناسبة. بوجه بشوش ضاحك، قالت ليلى لوكالة أنباء ((شينخوا)) "وجدنا بقرب حلول عيد الحب فرصة سانحة تساعدنا في تأمين دخل ولو محدود يعيننا في هذه الظروف المعيشية الصعبة التي انهكتنا ودفعتنا للتفتيش عن أبواب رزق تقينا شر الحاجة والعوز". وخلال انهماكها في تفصيل وقص الأقمشة وخياطتها عبر ماكينة خياطة قديمة تعمل يدويا، أضافت "اخترنا انتاج الورود بهذه المناسبة لما لها من رمزية جعلتها الأكثر تفضيلا من قبل العاشقين في عيدهم" . وأشارت إلى أنها بالتعاون مع بناتها ينتجن الورود الأصطناعية بأشكال وأحجام متعددة يطغى عليها اللون الأحمرالقاني الذي تفرضه هذه المناسبة، مع الحرص على إضافة رشات خفيفة من العطور تضفي رونقا إضافيا. وأضافت " انتاجنا الذي نسوقه عبر وسائل التواصل الأجتماعي يلقى رواجا مقبولا لدى المحبين من الجنسين نظرا لأسعاره المدروسة التي تتناسب مع مداخيل الفئة الأكبر من الشبان والشابات الذين تدهورت أوضاعهم المعيشية بشكل غير مسبوق بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان" . وأكدت ابنتها الكبرى سعاد أن سعر الوردة الواحدة من انتاجهن مقبول بالمقارنة مع أسعار الورود المستوردة من الخارج، بحيث لا يتجاوز سعرها الدولار الأمريكي الواحد ما يسمح بشرائها من قبل جيل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما وهم الفئة الأكثر قابلية للارتباط بالحب. ويحل عيد الحب هذا العام في ظل أوضاع حياتية واقتصادية ضاغطة في لبنان تجعل العشاق في حيرة من أمرهم، فهم عاجزون عن تقديم الهدايا الفاخرة التي اعتادوا عليها في زمن الوفرة ، فانهمكوا في التفتيش عن الأقل ثمنا والتي ترضي الحبيب ولا ترهق الجيب . واجهات المحال التي تبيع هدايا عيد الحب في مختلف مدن جنوب لبنان بدت خجولة في هذه المناسبة، لتقتصر عروضها على أنواع محدودة من هدايا المناسبة بعيدا عن التنوع والماركات المشهورة التي كان يهواها المواطن اللبناني أيام البحبوحة. وقال جلال عطوي أحد بائعي الهدايا بجنوب لبنان لـ ((شينخوا) أمضيت 20عاما في هذه المهنة وكنا ننتظر بحرارة هذا العيد لرفع مبيعاتنا،لكن للأسف الإقبال هذا العام تضاءل كثيرا إلى ما دون النصف تقريبا ، ويبدو أن العشاق فضلوا التخلي وبنسبة كبيرة عن الهدايا المعهودة في مثل هذه المناسبة والأكتفاء بما تيسر، مفضلين تأمين حاجياتهم الأساسية من بنزين لسياراتهم وفواتير الكهرباء ووقود التدفئة وما شابه من مقومات الحياة. من جهتها ، السيدة حنان عساف اختارت تصنيع الشوكولاته في مطبخها على شكل قلب أو وردة أو قبلة بأحجام متعددة ،مع حرصها على تغليفه بأوراق رقيقة من الألمنيوم الحمراء اللون مع رسومات حميمة. وأشارت حنان لـ ((شينخوا) إلى أن الكثيرمن العشاق اختاروا هذا النوع من الشوكولاته كهدية مقبولة في هذه المناسبة وبأسعار مدروسة أدنى بحوالي 50% من تلك المعروضه في محلات الباتيسيري. أما صبايا جمعية (المونة المنزلية الجاهزة) في حاصبيا بجنوب لبنان فعملن على تعليب العسل بعبوات زجاجية صغيرة الحجم الصقت عليها شعارات تمجد الحب ومنها (حبك عسل ودواء لقلبي المجروح). وقالت سليمة علام لـ (( شينخوا)) إن مثل هذه الهدايا تبدو مقبولة بمناسبة عيد الحب لما فيها من تداخل بين الود والعسل الذي يضفي على المناسبة نكهة مميزة. في حين اختارت الفتاة العشرينية دلال الأسمر صاحبة مطبعة أنواعا متعددة من فناجين زجاجية طبعت عليها وباللون الأحمر صورة الأحبة، وعبارات حب جاذبة، وورود منسقة، وعملت على ترويج انتاجها بأسعار لم تتجاوز الدولار ونصف . وتحت عنوان (أنت الحب) ابتكرت مجموعة من الشابات المتطوعات بهذه المناسبة فكرة تصريف كمية من انتاج التفاح اللبناني الأحمر على شكل باقات من الورد عبر خدمة "الديليفري" بسعر حوالي الدولارين لكل باقة لا يتعدى وزنها الكيلوجرام الواحد. وقالت المتطوعة أمال حميدان لـ ((شينخوا)) إن لهذه الفكرة وجهين الأول تسويقي يعود بمردود مادي على المزارعين،والثاني عدم ضياع الهدية بل الاستفادة من ثمارها المفضلة لدى الكثير من العائلات. ويعاني لبنان منذ نحو عامين من أسوأ أزمة في تاريخه بحيث يغرق البلد في أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة أدت لانهيار عملته الوطنية وتجاوز معدل الفقر نسبة 82 % مع تفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع نقص في الوقود والأدوية وحليب الأطفال.
مشاركة :