المحكمة الاتحادية في العراق تستكمل إحراج مسعود بارزاني وتمنع ترشيح هوشيار زيباري الآن وفي المستقبل

  • 2/14/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

استكملت المحكمة الاتحادية العليا في العراق الإحراج السياسي الذي صار الزعيم الكردي مسعود بارزاني يشعر به، وحسمت أمر ترشيح خاله هوشيار زيباري لرئاسة الجمهورية الآن وفي المستقبل. وبدأ الفصل الأول من مسلسل الإحراج مع رفض التيار الصدري المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية ترشيح زيباري لاتهامات تطارد المرشح الكردي بالفساد وسوء استخدام السلطة، أعقبته مقاطعة لأسباب مختلفة لجلسة البرلمان المخصصة لانتخاب الرئيس قبل نحو أسبوع. واستتبع موقف التيار الصدري قرارٌ من المحكمة الاتحادية، وهي أعلى هيئة قضائية في العراق، بتعليق ترشيح زيباري قبل أن تحسم الأحد قرارها بمنعه من الترشح بسبب عدم استيفائه للشروط المطلوبة ومن بينها النزاهة. ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن المحكمة قولها إن قرار البرلمان بقبول ترشح زيباري غير صحيح، مضيفة أن المحكمة منعته أيضا من الترشح للمنصب في المستقبل. وكان زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني قد رشح زيباري في مناكفة سياسية مع الاتحاد الوطني الكردستاني، الند المستمر لحزبه وسلطته في شمال العراق. وتقول أوساط سياسية عراقية إن بارزاني في وضع صعب جدا، لاسيما وأن القرار القضائي قاطع ونهائي وغير قابل للطعن فيه أمام محكمة التمييز الاتحادية. وحرصت قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال الأيام الماضية على تأكيد تمسكها بزيباري مرشحا وحيدا لها لرئاسة العراق، ورفضت محاولات جرت للتوصل إلى تسوية بشأن هذا الملف مع الاتحاد الوطني خلال لقاء جمع الأسبوع الماضي بارزاني مع الرئيس المشترك للاتحاد الوطني بافل طالباني. وعلى ضوء القرار القضائي الصادر بحق زيباري سيكون لزاما على بارزاني إعادة النظر في مواقفه، وسط ترجيحات بأن يمارس التيار الصدري ضغوطا على الزعيم الكردي لدعم مرشح الاتحاد الوطني الرئيس برهم صالح، الذي يعتبره التيار الأجدر بتولي المنصب في ظل التقاطعات الكبيرة بين ما يؤمن به صالح والبرنامج الإصلاحي للتيار. الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يملك شخصية قادرة على منافسة الرئيس برهم صالح وفي تناقض مع تصريحات سابقة تشيد بحيادية المحكمة اعتبر زيباري أن القرار باستبعاده من الترشح لمنصب الرئيس “مسيّس”. وقال زيباري خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة بغداد “تفاجأنا بقرار المحكمة الاتحادية باستبعادي من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية”. وأضاف “أنا أحترم قرار القضاء، لكن من حقنا أن نقول إن هناك غبنا وظلما وقعا علينا، وهناك تعسف وتسييس في إقرار العدالة”. وتابع القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن “النواب المقدمين للطعون هم أربعة، منهم ثلاثة خصوم من الاتحاد الوطني”، مشيرا إلى أن “اليوم يوم حزين للعراق، لكن الحياة ستستمر”. وتقدم النواب الأربعة بدعوى للمحكمة تطالب بإلغاء ترشيح زيباري، معتبرين أنه لا يلبّي الشروط الدستورية لتولي منصب رئيس الجمهورية، ومنها أن يكون “حسن السمعة والاستقامة”. وقدّم هؤلاء أسبابا مساندة، بينها قرار البرلمان سحب الثقة من زيباري عام 2016 عندما كان وزيرا للمالية على خلفية “اتهامات تتعلّق بفساد مالي وإداري”. كما تطرقت الدعوى إلى قضيتين أخريين على الأقل يرتبط بهما الوزير السابق البالغ من العمر ثمانية وستين عاما، لاسيما خلال فترة توليه لوزارة الخارجية. ويرى مراقبون أن قرار المحكمة الاتحادية لم يضع حدا فقط لطموح زيباري في تولي رئاسة العراق بل وأيضا لمسعى الحزب الديمقراطي وزعيمه بارزاني لتوسيع نطاق سيطرته على المناصب العليا المخصصة للأكراد. ويشير المراقبون إلى أن الحزب الديمقراطي وبعد منع ترشيح زيباري لا يملك عمليا شخصية قادرة على منافسة برهم صالح، وأن ذهاب الحزب إلى تسمية مرشح جديد سيشكل إحراجا إضافيا له ويؤكد واقع أن هدف بارزاني هو السطو على جميع المواقع القيادية وتحجيم الاتحاد الوطني، دون الأخذ بالاعتبار ما تقتضيه المصلحة الكردية والعراقية. ويلفت المراقبون إلى أن التيار الصدري بالتأكيد لن يقبل بمجاراة الحزب الديمقراطي في طموحاته السياسية، وسيسعى جاهدا للضغط على هذا الحليف للنزول من عليائه والتوصل إلى حل مع الاتحاد الوطني. ويقول المراقبون إن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لديه دوافع أخرى حيال دعم برهم صالح لولاية ثانية، ومنها الحاجة إلى انضمام الاتحاد الوطني إلى التحالف الثلاثي المشكّل مع الديمقراطي وتحالف السيادة السني، وذلك لضمان الكتلة النيابية الأكبر داخل البرلمان. قرار المحكمة صارم ونهائي قرار المحكمة صارم ونهائي وهناك حاليا سباق يجري بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي يضم قوى شيعية موالية لإيران لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الكتل النيابية لترجيح الكفة داخل البرلمان بعد انحسار فرص التوافق بينهما بشأن شكل وطبيعة الحكومة المقبلة. وإلى حين اتضاح الرؤية بشأن الخارطة السياسية في العراق، قررت المحكمة الاتحادية العليا الأحد الإبقاء على الرئيس برهم صالح في منصبه حتى انتخاب رئيس جديد للبلاد. وكان الرئيس صالح وجّه الثلاثاء الماضي استفساراً إلى المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في البلاد) لتفسير المادة الثانية والسبعين من الدستور لتمكينه من مواصلة عمله، ولتجنيب البلاد الدخول في فراغ رئاسي. وجاء هذا الطلب مع انتهاء المدة الدستورية لمنصب صالح والمحددة بأربع سنوات يوم الاثنين الماضي. إقرأ أيضا الإعدام شنقا لضابط ومخبر تسببا في مجزرة جبلة وقالت المحكمة في بيان إن “الفقرة ‘ب’ من المادة 72 ثانياً من الدستور العراقي نصت على أن يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهامه إلى ما بعد انتخاب مجلس النواب الجديد، على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول انعقاد لمجلس النواب (التاسع من يناير)”. وأضافت “لذلك فإن استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهامه يرتبط بانتخاب رئيس جديد، وفي حال عدم حصول هذه الخطوة لظرف ما أو لحالة طارئة، فإن الضرورة تستوجب الموازنة بين وجود رئيس للجمهورية تحتمها المصلحة العليا في البلاد، وبين انتهاء ولايته بـ4 سنوات”. وتابع البيان “لذلك ما تقتضيه المصلحة الوطنية العامة والحفاظ على مبادئ الدستور، يتوجب استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهامه حتى انتخاب رئيس جديد”. وانقضت المدة المخصصة لانتخاب الرئيس الجديد رسميا يوم الثلاثاء الماضي الموافق للثامن من فبراير، باعتبار أن البرلمان عقد أول جلساته في التاسع من يناير الماضي. وتنص المادة 70 من الدستور على أن “ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيسا للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه”. وبموجب عرف سياسي متبع في العراق منذ العام 2006 يشغل الأكراد منصب رئيس الجمهورية، ويتولى السنّة رئاسة البرلمان، والشيعة رئاسة الحكومة.

مشاركة :