فشار المايكرويف يزدهر على حساب “فشار السينما”

  • 2/14/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حدّت القيود الصحية التي فُرضت خلال جائحة كوفيد - 19 إيرادات بيع الفشار في دور السينما، لكنّها في الوقت نفسه ساهمت في تعزيز مبيعات الفشار الذي يقومون بإعداده في أفران المايكرويف، إذ يتم استيراد ملايين الأكياس من منطقة جيرس التي تضم أكبر شركة مصنّعة للفشار في أوروبا. وتظهر صوامع شركة “نتاييس” عند منعطف طريق يمرّ عبر الحقول، وتحمّل شاحنات آتية من الدول الأوروبية كلّها بعشرات الألواح من حبوب ذرة الفشار. ويقول الرئيس التنفيذي للشركة مايكل إمان (57 عاماً) إنّ “الأزمة الصحية تسببت في إلحاق أضرار جسيمة بشبكة الموزعين الذين يزوّدون دور السينما (…) وكانت لها في المقابل نتائج إيجابية لأنّ مبيعات الفشار المحضّر بالمايكرويف زادت بشكل كبير”. وتذكّر آلة قديمة، لونها أحمر وأبيض وموضوعة عند مدخل مصنعه الصغير، بكيفيّة تعرّف هذا المزارع الفرنسي – الألماني على ذرة الفشار عام 1989 في الولايات المتحدة، بلد زوجته. وأجرى إمان اختبارات وتجارب في مزرعته الواقعة قرب بيزيريل في جنوب غرب فرنسا، وفي العام 1994 أنشأ شركته التي تضم حالياً 140 موظفاً، وتستحوذ على حصة تبلغ نحو 40 في المئة من السوق الأوروبية، إذ يبلغ حجم مبيعاتها 65 مليون يورو. وتنتج ثلاثة خطوط آلية في الدقيقة ما يصل إلى 300 كيس من ذرة الفشار المحضر بالمايكرويف، بينما تتولّى آلات أخرى ملء أكياس بذرة الفشار المفرقع بالطريقة التقليدية، ويتراوح وزن هذه الأكياس بين 25 و930 كيلوغراماً، وهي مخصصة لدور السينما والمنتزهات وتجّار الجملة. وتُوضع ألواح الذرة في عربات النقل التي يقودها سائقون يتبعون مساراً محمياً بحواجز خضراء، ثمّ يلفون الألواح بالبلاستيك ويكدّسونها في مستودعات التخزين. الفشار مذاق يحبه الكبار والصغار الفشار مذاق يحبه الكبار والصغار وتقول مديرة المبيعات في الشركة إيلين ريكو (38 عاماً) لوكالة فرانس برس إنّ أزمة كوفيد - 19 أثّرت سلباً على مبيعات “نتاييس” التي تزوّد أكثر من 80 في المئة من دور السينما الفرنسية، لكن في المقابل ارتفعت مبيعات الفشار المحضر بالمايكرويف بنسبة تفوق الـ25 في المئة منذ عام 2019، مع بيع 207 ملايين كيس ذرة في العام الماضي. وتضيف “شكّل الفشار خلال الحجر الصحي منتجاً مريحاً للأشخاص في ظل الأوقات العصيبة التي يمرّون بها”. وتتعامل “نتاييس” مع 220 مزارعا -من بينهم 28 منتجاتهم عضوية- لصنع أنواع الفشار المتنوّعة التي تسهل تغطيتها بالكراميل أو الشوكولاتة، وتشمل أشكالاً مختلفة (فشار يشبه الفراشة وآخر مستدير…). وتساهم قلّة من مزارعي جنوب أفريقيا في معالجة الاختلالات الحاصلة في الإمدادات بسبب الاختلاف في المواسم، لكنّ معظمهم موجودون في أراضي منطقة جيرس المعروفة بحقول الذرة. وتغطي مزرعة بيار أليم (33 عاماً) -التي ورثها عن عائلته منذ الثورة الفرنسية- 199 هكتاراً من أراضي بلدة أوبييه الواقعة على بعد عشرين كيلومتراً من بيزيريل. وطوّر أليم بين سهول القمح والسلجم والشعير وعباد الشمس زراعة ذرة الفشار التي امتهنها والده عام 2008 في مساحة كانت تبلغ حينها حوالي عشرين هكتاراً وأصبحت توازي الضعف حالياً، مع تسجيل إنتاج سنوي يبلغ نحو مئتي طن. ويوضح أنّ “نتاييس” تبيع البذور وتوفّر المبالغ اللازمة لزراعة الحشائش أو البقوليات باعتماد طريقة زرع تراعي البيئة وتهدف إلى “عزل الكربون في التربة، وتثبيت النيتروجين في الغلاف الجوي، وتفادي التعرية”. ويقول المزارع وهو يشرف على عملية ريّ حديثة تساهم في ترشيد استهلاك المياه إنّ “ذرة الفشار تمثّل (…) قيمة مضافة أعلى مقارنةً بالذرة المخصصة لغذاء الحيوانات”، مضيفاً “سنزرع (الفشار) للمرة الرابعة عشرة”. وفي إحدى دور السينما في ضاحية بلانياك بتولوز يعرب ريان أغيلار -وهو تلميذ يبلغ من العمر 16 عاما- عن خيبة أمله بسبب عدم تمكّنه من تناول الفشار خلال مشاهدة الأفلام منذ نهاية ديسمبر، ويقول “السينما من دون فشار غريبة”. وبينما ينتظر ريان “بفارغ الصبر” إلغاء التدابير المُعتمدة في دور السينما المرتقب قريبا، يعرب مدير المجمع السينمائي الذي يضمّ 15 قاعة عن أسفه لتسجيل خسائر تتراوح بين عشرين وثلاثين في المئة. ويعتبر جان باتيست سالفا (39 عاماً) الذي بدأ مسيرته المهنية كبائع فشار في دار السينما أنّ “الفشار يشكّل أحد أفضل المنتجات المُباعة في زاوية بيع الوجبات الخفيفة” في قاعات السينما.

مشاركة :