تقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض نسخة نادرة من مخطوطة: "الإرشاد" في علم الخلاف والجدل لركن الدين، أبي حامد محمد بن محمد العميدي السمرقندي، الحنفي، المتوفي سنة 615 هـ والذي يعد أحد الفقهاء والأئمة في فن الخلاف ومناهج الجدل والمناظرة والحوار الفقهي. يرجع تاريخ نسخ المخطوطة إلى عام 1000 هـ حيث ذكر الناسخ أنه كتبها عن نسخ بخط "ابن عرفة" (ت 830 هـ) وتندرج ضمن علوم الفلسفة والمنطق والأصول والفقه منقحة كتبت بخط مغربي دقيق تبلغ عدد الأوراق (10) ورقة و(25) سطرا. وتبدأ المخطوطة بالعبارة التالية: "فصل الإرشاد على الصحيح من النكت والفاسد منها متمسك العلل لا يخلو إما أن كان نصاً أو أثراً أو قياساً أو تلازماً أو تنافياً أو دوراناً أو برهاناً ودليلاً سالماً عن المعارض. وتنتهى بـ "وإن كان تنقيح المناط وهو إثبات موجبية شيء كهذا الحكم ونفي موجبية غيره فالنفي والإثبات يكون بواحد مما ذكرنا، وقد استوفينا تمام الكلام في كل طريق منها والله أعلم وذلك صبيحة يوم عاشوراء من محرم الحرام فاتح عشر مئة عام. هذا وتعد المخطوطة من المخطوطات التي تناولها بالشرح الكثير من علماء فن الجدل والفقهاء والكثير من المختصين. ونظرا لأهمية المخطوطة فقد أشار ابن خلدون في مقدمته الشهيرة أن هناك طريقتين في فن الحوار والجدل من ضمنها طريقة البزدوي وهي خاصة بالأدلة الشرعية من النص والإجماع والاستدلال وطريقة العميدي وهي عامة في كل دليل يستدل به من أي علم كان وأكثره استدلال وهو من المناحي الحسنة والمغالطات فيه في نفس الأمر كثيرة وإذا اعتبرنا النظر المنطقي كان في الغالب أشبه بالقياس المغالطي والسوفسطائي، إلا أن صور الأدلة والأقيسة فيه محفوظة مراعاة تتحرى فيها طرق الاستدلال كما ينبغي. وأضاف ابن خلدون، أن العميدي هو أول من كتب فيها ونسبت الطريقة إليه وضع الكتاب المسمى بالإرشاد مختصرا وتبعه من بعده. والمؤلف محمد ركن الدين العميدي محمد بن محمد بن محمد، أبو حامد ركن الدين العميدي السمرقندي -615 ه: فقيه، كان أماما في فن الخلاف والجدل. وتأتي قيمة المخطوطة النادرة في أنها من أهم الكتب المصنفة في تأصيل مناهج الحوار والجدل وآداب المناظرة في الثقافة الإسلامية كما أنها تحوي على فن من فنون الجدل وهو معرفة آداب المناظرة التي تجري بين أهل المذاهب الفقهية وغيرهم المناظرة في الرد والقبول متسعا. وتعنى مكتبة الملك عبد العزيز العامة منذ تأسيسها في عام 1405هـ / 1985م ، بمختلف عناصر التراث من كتب ومخطوطات ونوادر ووثائق وصور ومسكوكات وعملات، من أجل توفير صورة مكتملة للتراث العربي والإسلامي بالإضافة إلى حفظ التراث الوطني وحمايته والتراث العربي والإسلامي بشكل عام، وإتاحته للباحثين والمحققين والمهتمين، حيث تزخر بعديد من المقتنيات الأصلية، وتضم بين جنباتها أكثر من (4950) مخطوطا تنوعت بين: القرآن وعلومه، وأصول الدين، والحديث وعلومه، والفقه وأصوله السيرة النبوية، والوعظ والإرشاد، واللغة العربية وآدابها، والتاريخ، والفلسفة والمنطق، والعلوم البحتة والتطبيقية، والمعارف العامة.
مشاركة :