رهاب الانفتاح.. - عبد الله إبراهيم الكعيد

  • 12/7/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الآن كل شيء مفتوح لا شيء مغلق. أينما يممت وجهك تجد الأفق أمامك مفتوحاً بل حتى الفضاء مُشرعاً عن آخره يهطل بالغث والسمين. اتصالات وأقمار صناعيّة ومحطات فضائية تبث على مدى ال24 ساعة. من طبيعة الحياة أن تكون الأشياء مفتوحة لكن الإنسان بتوجّسه وخوفه أغلق ما أمكنه إغلاقه. الإغلاق عملية توجسيّة لا غير فنحن نغلق أبواب منازلنا لتوجسنا من اللصوص أو الكلاب الضالة. نُغلق أبواب المدارس على التلاميذ حتى لا يهربون أو يتسربون بسبب كرههم المبرر للمدرسة وما فيها. نُغلق أبواب الجامعات على البنات خوفاً وشكّاً موهوماً في سلوكهن. نُغلق الدكاكين والمحلات التجارية والصيدليات ومحطات الوقود وقت الصلوات خوفاً من عدم الإقبال على المساجد.. وهكذا. في قواميس الترجمة "Open" تحتمل عدة معان منها: ينفرج، يستفتح، يبدأ، يشرع، يفض، يشق، ينفتح.. الخ وعكس هذه المعاني مُغلق، منغلق، منطوٍ مُنكفئ. وفي الشعوب هنالك شعب منفتح وآخر منغلق. الأول في سعيهِ للانفتاح على الآخرين هو في الحقيقة لا يهدف إلى الاستفادة من تجارب غيره فقط بل وإلى إبراز تجربته الذاتية في حالة الثقة بها ومن ثم الدخول في سباق التنافسية نحو التقدّم الحضاري والرفاهية ورغد العيش. أما الذي يحاول إغلاق كافة النوافذ والمنافذ والانكفاء على الذات متوهماً كفاية ما لديه فهو حتماً يقبع في الهامش إن لم يك نسياً منسيّا. لو استحضرنا في الذهن سريعاً بعض الشعوب المنغلقة وهي اليوم تعد على أصابع اليد الواحدة لاتضح دون عناء بحث إنها تعيش وضعاً معيشيا مأساوياً وأقرب مثال لذلك كوريا الشمالية وما يماثلها. ألا تستجدي اليوم الغذاء والدواء لإطعام شعبها الجائع البائس؟ هذا الذي نعرفه عنها خارجياً أما الداخل فالله بهِ عليم. كما سقط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي ستسقط كل الأسوار والجدران التي تعزل الشعوب عن بعضها البعض خصوصاً في عصر الانفتاح القسري (إن جاز التعبير) الذي فرضته التقنية ووسائل الاتصال والتواصل وخصوصاً تلك القوة الناعمة الشبكة العنكبوتية (الانترنت) التي اختصرت الأزمان والمسافات وتغلغلت في مفاصل الشعوب والمجتمعات، لا راد لطوفانها مهما أستُخدِمتْ الحِيلْ واستُعين بالأقفال. قبل وضع نقطة الختام أقول: عكس الانفتاح هو التقوقع أو الانطواء وهذا السلوك في علم النفس يعتبر أحد صفات مرحلة المراهقة، فهل الشعوب التي (تُجاهد) من أجل الانغلاق تعيش طور المراهقة.

مشاركة :