تعكس التصريحات المهادنة لعدد من الدبلوماسيين الأوروبيين الاثنين، بعد موجة التهديد والتصعيد ضد روسيا، بأن القادة الأوروبيين سيذعنون في نهاية المطاف لشروط موسكو الأمنية لمنع غزوها لأوكرانيا وبالتالي تفادي حرب ستكون تداعياتها وخيمة على الأمن الأوروبي كما الروسي أيضا. وأعلن المستشار الألماني أولف شولتس عقب محادثاته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف الاثنين، أنه لا توجد حاليا أي خطط لقبول أوكرانيا في أحلاف غربية، مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، رغم ما تعنيه موسكو ضمنا بمطالبها الأمنية في الأزمة الأوكرانية. وقال شولتس “وهذا هو السبب في أن يكون غريبا إلى حد ما ملاحظة أن الحكومة الروسية تجعل شيئا ليس مدرجا عمليا على الأجندة ، موضوعا لمشاكل سياسية كبرى”. وأضاف المستشار الألماني “ورغم ذلك فإن هذا هو التحدي الذي نواجهه فعليا الآن. إنه شيء ليس بمشكلة على الإطلاق، لكن يتم جعله مشكلة الآن”. وأوكرانيا ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي لكنها تلقت وعدا منذ عام 2008 بأنها ستمنح فرصة للانضمام وهي خطوة من شأنها أن توصل الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى حدود روسيا. فاديم بريستايكو: بعد تهديدنا بهذه الطريقة قد نتخلى عن الانضمام للناتو ويقول بوتين إن علاقات أوكرانيا المتنامية مع الحلف قد تجعلها منصة إطلاق لصواريخ الحلف لتستهدف روسيا. ويقول إنه يتعيّن على روسيا وضع خطوط حمراء لمنع ذلك. وحركت روسيا أكثر من مئة ألف جندي وأسلحة ثقيلة إلى مسافة قريبة من الحدود مع أوكرانيا في الأسابيع القليلة الماضية ما دفع الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي للتحذير من احتمال غزو وشيك. وتنفي موسكو اعتزام شن هجوم وتصف الحشد العسكري بأنه تدريبات لكنها أصدرت طلبات كتابية بأن يوقف الحزب أي توسع باتجاه الشرق بما في ذلك أوكرانيا، ورفض أعضاء الحلف ذلك. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” عن سفير أوكرانيا لدى بريطانيا قوله إن بلاده قد تتخلى عن سعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي لتجنب حرب مع روسيا فيما سيكون تنازلا كبيرا لموسكو ردا على حشد قوات على الحدود. وقال السفير فاديم بريستايكو إن أوكرانيا مستعدة لإبداء “المرونة” بشأن هدفها الانضمام لحلف شمال الأطلسي وهي خطوة قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنها قد تشعل حربا. ونُقل عن بريستايكو قوله ردا على سؤال عما إذا كانت كييف قد تغير موقفها من الانضمام للحلف “ربما نفعل.. خاصة بعد تهديدنا بهذه الطريقة وابتزازنا والضغط عليها من أجل ذلك”. ويرى محللون في التصريحات الأوروبية تخليا عن مواقفهم السابقة والتي أكدوا فيها مرارا أن شروط روسيا غير مقبولة بالمرة، وهو تغير قد يكون مبنيا على حسابات الربح والخسارة من غزو أوكرانيا. ويشير هؤلاء إلى أن الأوروبيين باتوا مقتنعين بأنهم من سيتحملون التداعيات المدمرة للحرب على أوكرانيا، لاسيما وأن حليفهم الأساسي الولايات المتحدة لن تتضرر بشدة من مثل هذه المغامرة. وقلل القادة الأوروبيون في وقت سابق من صدقية التحذيرات الأميركية المتكررة من اقتراب موعد غزو روسيا لأوكرانيا وذهبوا إلى حد وصفها بالتهويل. وقبل نحو ثماني سنوات، أدت احتجاجات ضخمة في ساحة الميدان بالعاصمة كييف للمطالبة بتوثيق العلاقات مع الغرب إلى إقصاء الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش. الولايات المتحدة وحلفاءها يحذرون من احتمال غزو وشيك أوكرانيا يعد أن حركت روسيا أكثر من مئة ألف جندي وأسلحة ثقيلة إلى مسافة قريبة من الحدود الأوكرانية وفي مواجهة صعود موجة من الساسة الموالين للغرب بوعود بتعزيز الديمقراطية ومحاربة الفساد، استولت روسيا على شبه جزيرة القرم الأوكرانية، مقر أسطول البحر الأسود الروسي ثم ضمّتها إليها. ودعمت موسكو متمردين موالين لها استولوا على جزء من شرق أوكرانيا يغلب عليه النشاط الصناعي ويتحدث معظم سكانه باللغة الروسية في حرب سقط فيها 14 ألف قتيل ولا يزال يسقط فيها المزيد من الضحايا. وقال وزراء مالية دول مجموعة السبع إن أي عدوان روسي جديد على أوكرانيا سيؤدي إلى “عقوبات اقتصادية ومالية ذات عواقب هائلة وفورية على الاقتصاد الروسي”. واستقرت أسعار النفط قرب أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات بفعل مخاوف من أن تؤدي العقوبات لتعطيل الصادرات من روسيا أحد أكبر المنتجين في العالم. وتراجعت مؤشرات الأسهم الرئيسية في روسيا، وانعكس تأثير التوتر على الأسواق الأوروبية الرئيسية، التي انخفضت مؤشراتها بنسب تتراوح بين اثنين و3.5 في المئة. وسجل الدولار أعلى مستوى في أسبوعين مع سعي المستثمرين إلى ملاذ آمن. وتخشى البنوك الأوروبية على وجه الخصوص من احتمال استبعاد روسيا من نظام الدفع العالمي سويفت، ما سيعرقل سداد الديون الروسية.
مشاركة :