تسببت صواريخ «كروز» الروسية المنطلقة من بحر قزوين نحو سوريا في تعليق كل الرحلات الجوية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية الدوليين في إقليم كردستان العراق أمس. وقررت سلطة الطيران المدني العراقية تعليق كل الرحلات المغادرة والقادمة إلى إقليم كردستان وعلى مدى 48 ساعة اعتبارًا من الساعة الثامنة من صباح أمس ولغاية الثامنة من صباح يوم غد. وقالت مديرة مطار أربيل الدولي، تلار فايق، في مؤتمر صحافي عقدته أمس إن المطار «يستقبل يوميا نحو 60 رحلة جوية ذهابا وإيابا، وهذه الرحلات توقفت الآن، ولا توجد ضمانات بعدم تمديد وقف الرحلات بعد انتهاء المدة الحالية، فنحن لسنا مطلعين على التحركات العسكرية في الأجواء العراقية». وتابعت تلار توفيق قائلة: «أما بخصوص تعويض المسافرين فهذا يعود إلى الخطوط الجوية، فهي إما تؤجل لهم الرحلات إلى وقت آخر وإما تعوضهم وإما تنظم لهم الرحلة عبر خطوط أخرى»، ملمحة إلى أن بغداد هذه المرة أيضا، مثل المرات السابقة، أصدرت قرارها هذا دون تبليغ مسبق بذلك للمطارات، مشيرة إلى أن سلطة الطيران المدني العراقية «تستطيع أن تمدد هذه المدة، وتستغلها كورق ضغط ضد الإقليم، وقد أشرنا إلى ذلك مرارا. فبغداد يمكنها أن تغلق أجواء الإقليم متى ما أرادت ذلك، فلا نملك أي سلطة على سلطة الطيران العراقي، وهي التي تتحمل مسؤولية أي قرار تصدره، ونحن كأي مطار آخر في العراق يجب أن نلتزم بقراراتها، وحتى شركات الطيران الدولية والمحلية يجب أن تلتزم بقرارات هذه السلطة». بدوره، قال مدير مطار السليمانية الدولي، طاهر عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»: «بلا شك لهذا القرار تأثير كبير على الإقليم، ففي مطار السليمانية ستتوقف خلال هذين اليومين نحو 35 - 40 رحلة جوية داخلية وخارجية، والمسافرون الذين لهم رحلات من وإلى إقليم كردستان خلال هذين اليومين ستتوقف أعمالهم ويتضررون ماديا ومعنويا، هذا بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية التي ألحقها هذا القرار بالمطارات من عدة جهات، فكل طائرة تهبط في المطار تدفع ضريبة، وكذلك الشركات العاملة في المطار هي الأخرى تتسلم الرسوم مقابل خدمة الطائرات». ويرى مراقبون سياسيون واقتصاديون أن قرار تعليق الرحلات الجوية من وإلى إقليم كردستان يدخل في إطار الحرب الاقتصادية التي تشنها بغداد على الإقليم منذ نحو عامين، فالحكومة العراقية السابقة برئاسة نوري المالكي أصدرت في يوليو (تموز) يوليو من العام الماضي قرارا منعت بموجبه عبور طائرات شحن البضائع إلى مطاري أربيل والسليمانية الدوليين، الأمر الذي تسبب في إيقاف كثير من رحلات الشحن الجوي التي ألحقت بالإقليم خسائر مادية كبيرة. من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات في الإقليم، أميد محمد صالح، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا القرار مؤقت وهو لمدة يومين فقط، أما إذا استمر هذا التمديد فهذا يعني أن أجواء الإقليم أصبحت أجواء حرب، ولا يمكن اتخاذ هذا حجة لمنع الرحلات من وإلى الإقليم، فالصواريخ التي تطلقها روسيا واضحة للجميع، وإقليم كردستان يعلم بشكل جيد ما إذا كانت الصواريخ تعبر فوق أجوائه أم لا». وحسب بيان سلطة الطيران المدني العراقية فإن «القرار جاء على خلفية عبور صواريخ (كروز) الروسية على مقربة من مدرج مطار أربيل وبارتفاع 1000 متر». من جانب آخر، طالب النائب في البرلمان العراقي، عبد الرحيم الشمري، الحكومة العراقية بضرورة التنسيق مع قوات التحالف الدولي والدول الأخرى التي تقاتل «داعش» على أرض العراق من أجل سلامة المدنيين في المدن العراقية القريبة من وجود المسلحين. وقال الشمري لـ«الشرق الأوسط» إن «ترويع المدنيين وشل حركة النقل والتجارة وإيقاف مصالح الناس أمر لا نرضى به»، مضيفا: «نحن مع كل الدول التي تحارب الإرهاب الدولي المتمثل بتنظيم داعش الإرهابي، ولكن على أن لا يكون هذا على حساب استقرار وأمن العراق وسلامة أرضه وسمائه. هناك طائرات أميركية وروسية وفرنسية تخرق أجواء العراق بلا رقيب أو محاسب، وبلا علم أو تنسيق مسبق مع الحكومة، وهذا أمر خطير للغاية ولا يمكن السكوت عنه».
مشاركة :