عودة خجولة للمطاوعة في السعودية: لافتات في المحال التجارية وعلى السيارات

  • 2/16/2022
  • 00:00
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

تعاود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (المطاوعة) ظهورها في السعودية، ولكن بشكل خجول، من خلال نصائح على الشاشات الرقمية واللافتات في المحال التجارية وفي الشوارع وعلى السيارات، مع السعي لكسب ود السلطات وعدم الظهور في مظهر الذي يهدد مسار الإصلاحات التي بدأها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على نطاق واسع. وبدلا من مطاردة الناس بالعصا في الشوارع تحت عنوان تغيير المنكر بالقوة، غيّر المطاوعة الاستراتيجية إلى اعتماد أسلوب يقوم على النصيحة ومخاطبة الناس بالودّ، وربما يتم هذا الأمر بشكل ظرفي واستجابة لإكراهات الواقع الجديد. بوكس وباتت الهيئة تعتمد على توجيه نصائح من خلال وضع لافتات في المحال التجارية تحمل شعارات من مثل “الخوارج شرار الخلق” و”ربِّ اجعل هذا البلد آمناً” و”مكارم الأخلاق”. ومن الواضح أن هذه الشعارات العامة تهدف إلى طمأنة السلطات بأن الهيئة قد تغيّرت وأنها تضع نفسها في خدمة إصلاحات ولي العهد، وأن هدفها الآن هو محاربة من تحاربهم الحكومة من “خوارج”، أي أنها ستغطي على سجلها السابق الذي يتسم بالتشدد والعنف بالهجوم على تيارات وشخصيات متشددة كانت تنشط ضمن الهيئة لصرف الأنظار عن ماضيها. ولاحظ متابعون للشأن السعودي أن فروع الهيئة في أغلب مدن المملكة قد عاودت النشاط وبنفس الأسلوب الناعم بعد فترة كمون تجنبت فيها الهيئة مجرد الظهور لعدم إثارة غضب السلطات خاصة مع فورة الانفتاح التي شهدتها البلاد باستضافة تظاهرات ثقافية وفنية ووضع خطط كبرى للترفيه والسياحة ما يضرب في الصميم ثقافة الانغلاق التي كانت الهيئة تدافع عنها. وأكد رئيس الهيئة في مدينة الرياض الشيخ محمد بن عبدالله القرني “حرص هيئة الرياض على تفعيل البرامج التوعوية التي تخدم المجتمع وتساهم في بث القيم والمبادئ الإسلامية، والمحافظة على العقيدة السليمة”. عبدالله بن محمد الشبانات: الهيئة تسعى للمحافظة على النهج القويم الذي سار عليه ولاة أمر هذه البلاد منذ تأسيسها من جانبه بيّن مدير عام فرع الرئاسة العامة بمنطقة الرياض الشيخ عبدالله بن محمد الشبانات أن من مهام الفرع “نشر العبارات التوعوية (…)، والتي تتضمن تعزيز منهج أهل السنة والجماعة في وجوب السمع والطاعة، والتحذير من الجماعات والتحزبات، وبيان خطرها، وطرق التصدي لها، عبر الشاشات الإلكترونية واللوحات والوسائل المختلفة”. وقال إن هيئته تسعى لـ”المحافظة على النهج القويم الذي سار عليه ولاة أمر هذه البلاد منذ تأسيسها، على منهج الكتاب والسنة والعقيدة الصحيحة بفهم سلف هذه الأمة”. ويرى المتابعون أن الهيئة تسعى لأن تقدم نفسها كجزء من مشروع الإصلاح الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان لتحقيق هدف أول ومباشر وهو حماية نفسها ومنع أيّ محاولات لتصويرها على أنها تقف ضد المسار الرسمي الذي تسير عليه المملكة، وهدف ثان هو تأمين العمل ضمن هذا المسار كداعم للإصلاح ما يعطيها الفرصة للعمل على تخريبه من الداخل على المدى الطويل. ويشير هؤلاء المتابعون إلى أن تأمين وضعها من داخل مشروع الإصلاح باعتماد المهادنة والهجوم على “مثيري الفتن” شركاء الأمس، سيتيح لها أن تتحرك بحرية أفضل، وأن تستثمر في الأزمات ذات البعد الأخلاقي لدفع الناس للمطالبة بعودتها إلى الواجهة لـ”حماية المجتمع وأخلاقه” مثل ما حصل بعد انتشار مقطع فيديو يوثّق عملية اغتصاب طفل داخل خيمة بمحافظة حفر الباطن بالمنطقة الشرقية، حيث تحركت ماكنتها على منصات التواصل الاجتماعي للمطالبة بعودة المطاوعة إلى الشوارع ومراقبة سلوك الناس وتأديبهم. يشار إلى أن الهيئة وعلى الرغم من أن غالبية عناصرها يقضون وقتهم في مكاتبهم دون الاحتكاك بالناس، إلا أنها ما تزال قائمة، وهو ما دفع بنشطاء على مواقع التواصل إلى المطالبة بحلّها بشكل رسمي لأن الوضع الحالي يتيح لها التمدد الناعم ومهادنة مسار الإصلاح بانتظار العودة إلى الواجهة في أيّ وقت. ومنذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في 2017، تشهد المملكة إصلاحات اجتماعية شملت السماح للنساء بقيادة السيارات، والسماح بالحفلات الغنائية، ووضع حدّ لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء ضمن رؤية أشمل لمصالحة السعودية مع واقعها وتمهيدا لتنفيذ أهم خطط رؤية 2030، أي استقدام الشركات الاقتصادية العالمية الكبرى وتحويل المملكة إلى قطب سياحي دولي.

مشاركة :