أعلنت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء أن بعض القوات في المناطق العسكرية المجاورة لأوكرانيا شرعت في العودة إلى قواعدها بعد استكمال تدريبات، في خطوة من شأنها تخفيف حدة الخلاف بين موسكو والغرب، لكن بريطانيا تتوقع هجوما روسيا "في أي لحظة". وقال الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف، الذي أوردت تصريحه وكالات الأنباء الروسية، "وحدات أقاليم الجنوب والغرب العسكرية أنجزت مهمتها وبدأت عمليات التحميل عبر وسائل النقل البرية والسكك الحديد والعودة إلى ثكناتها اليوم (الثلاثاء)". وأظهرت لقطات مصورة نشرتها وزارة الدفاع عملية تحميل بعض الدبابات والعربات المدرعة الأخرى على متن عربات سكك حديدية. وقالت موسكو أيضا إن لروسيا الحق في نقل قوات داخل أراضيها الوطنية، طالبت بضمانات حول عدم توسع حلف الناتو شرقا نحو حدودها، وعدم إنشاء قواعد عسكرية في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا قوله إن كييف لن "تصدق بخفض التصعيد"، إلا بعد أن ترى انسحاب القوات الروسية. ونسب التقرير إلى كوليبا قوله "نسمع باستمرار تصريحات مختلفة من الاتحاد الروسي، لذلك لدينا قاعدة... نصدق ما نراه (فقط). إذا رأينا الانسحاب فسنصدق بخفض التصعيد". وحشدت روسيا أكثر من 100 ألف من قواتها قرب الحدود الأوكرانية، مما أثار مخاوف من غزو أوكرانيا، خاصة وأن التدريبات المشتركة التي تجريها موسكو مع روسيا البيضاء بين العاشر والعشرين من فبراير، تعني أن الجيش الروسي يطوق أوكرانيا تقريبا. وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس الثلاثاء إن من المرجح بشكل كبير أن تغزو روسيا أوكرانيا، وإن الغزو يمكن أن يكون وشيكا، وإنه سيمثل تهديدا لاستقرار أوروبا بما يشجع المعتدين حول العالم. واتفق رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون والرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال هاتفي الاثنين على وجود نافذة مهمة للدبلوماسية، لكن تراس قالت لشبكة سكاي نيوز إنه لا يزال من المرجح بشكل كبير أن تغزو روسيا أوكرانيا، و"قد يكون في أي لحظة". وأضافت أنّ الحكومة في حالة تأهب لأي عمليات سرية في الأيام القليلة المقبلة. وأوضحت أن "الأمر يتعلق باستقرار أوروبا على النطاق الأوسع... وهو يتعلق أيضا بالاستقرار العالمي، والرسالة التي نبعث بها إلى المعتدين، والتي يتعين أن نبعث بها إلى (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين هي أنه لا يمكن أن تكون هناك مكافأة على العدوان". وكررت تراس تصريحات سياسيين في الولايات المتحدة حذروا من أن موسكو يمكن أن تختلق ذريعة لإشعال صراع. وقالت "ما زال الأمر على ما هو عليه، من ناحية أن الغزو يمكن أن يكون وشيكا، وأنه مرجح بدرجة كبيرة". وطلبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الثلاثاء من موسكو "سحب قواتها" من حدود أوكرانيا، معتبرة أنّ "الوضع قد يشهد تدهورا في أي لحظة"، فيما يُنتظر وصول المستشار الألماني أولاف شولتز إلى موسكو. وأوضحت بيربوك في بيان أنّ "الوضع خطر للغاية، ويمكن أن يتدهور في أي لحظة. علينا أن نغتنم كل فرص الحوار للتوصل إلى حل سلمي"، مضيفة "مسؤولية خفض التصعيد تقع بوضوح على عاتق روسيا، ويعود لموسكو سحب قواتها". وأضافت قبل توجهها إلى مدريد للقاء نظيرها الإسباني خوسيه مانويل الباريسي "الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي متحدان وراء أوكرانيا. يجب استنفاد كل فرص الحوار للتوصل إلى حل سلمي". ويأتي ذلك، فيما يستعد حلف شمال الأطلسي خلال اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء الأربعاء والخميس، لوضع خطة عسكرية قد تفضي إلى نشر أربع مجموعات قتالية متعددة الجنسيات في جنوب شرقي أوروبا، ردا على الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا، بحسب ما ذكر ثلاثة دبلوماسيين. وخلال اجتماعات الأربعاء والخميس، من المقرر اتخاذ قرار بشأن إصدار الأمر للقادة العسكريين بوضع خطط لنشر مجموعات قتالية يبلغ قوام الواحدة منها نحو ألف جندي في بلغاريا ورومانيا، وربما في سلوفاكيا والمجر. وسيتعارض أي نشر لقوات "الناتو"، مع مطالب موسكو الأمنية بأن يسحب الحلف قواته من شرق أوروبا. كما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، عشية توجه الوزير لويد أوستن إلى أوروبا، أن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر أن بوتين لم يتخذ أي "قرار نهائي" بشأن غزو أوكرانيا من عدمه. وأوكرانيا ليست من أعضاء حلف شمال الأطلسي ولا توجد معاهدة تلزمه بالدفاع عنها. ومن شأن تعزيز القوات في البحر الأسود أن يظهر جدية الحلف في منطقة ذات أهمية استراتيجية، وفي بلدان مثل المجر وسلوفاكيا لها حدود مع أوكرانيا. وعرضت فرنسا وبلغاريا قيادة المجموعات القتالية في رومانيا وبلغاريا على الترتيب. وأي قرار نهائي بشأن نشر القوات سيتم اتخاذه في وقت لاحق. ويؤكد حلف شمال الأطلسي أن تشكيلة المجموعات القتالية المستخدمة في منطقة البلطيق، ليست تمركزا دائما للقوات وإنما هي وجود "مستمر" لقوات بالتناوب، كي تصبح خط دفاع أول في حالة غزو روسيا أراضي دول بالحلف. وقال مسؤول بالرئاسة الفرنسية إن القوات الفرنسية سوف تُنشر في رومانيا فقط، بعد أن يتخذ الحلف قراره، وإن تكوين وتسليح المجموعات القتالية قد يستغرقان وقتا. لكن في ظل حرص المجر وسلوفاكيا على عدم إغضاب روسيا، قال دبلوماسيون إن "الحلف قد يتجنب نشرا للقوات في الجنوب الشرقي بشكل يماثل تماما المجموعات القتالية في البلطيق". وبدلا من ذلك، قد يلجأ الحلف إلى تشكيل قوة متعددة الجنسيات تقودها فرنسا في رومانيا، تقوم بتنسيق تدريبات قوات الحلف في شرق أوروبا، ويسمح ذلك بحركة للقوات من وإلى المنطقة دون وجود رسمي. وفي الأشهر القليلة الماضية، اتهمت الولايات المتحدة والغرب وأوكرانيا روسيا بتعزيز القوات بالقرب من الحدود الأوكرانية في استعداد لغزو مزعوم. ونفت موسكو هذه الاتهامات. وأكدت روسيا مرارا أنها لا تهدد أحدا، واعتبرت في الوقت نفسه أن الاتهامات دعاية كاذبة وذريعة من الغرب والولايات المتحدة لزيادة أنشطة الناتو والتواجد العسكري بالقرب من الحدود الروسية، وهو ما تعتبره موسكو تهديدا لأمنها القومي.
مشاركة :