لبنان: تطويق انتكاسة طرابلس الأمنية وإصرار على استعادة الثقة بين الجيش والأهالي

  • 12/7/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اجتازت طرابلس انتكاسة الخطة الأمنية الهادفة لتهدئة الوضع فيها والتي تسبب بها مسلحون في منطقة باب التبانة تصدوا للجيش وأطلقوا النار ورموا قنبلة على وحداته ليل أول من أمس، وتظاهروا ضده في منطقة القبة، وذلك بعدما نجحت ضغوط قادة المدينة وتيار «المستقبل» وزعيمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بالتعاون مع المفتي الشيخ مالك الشعار، في لجم تحركات في احيائها ضد هذه التدابير، وأصروا على التعاون مع الجيش ليواصل فرض الأمن وملاحقة المخلين به في جبل محسن وباب التبانة على السواء، منعاً لعودة الفوضى الى طرابلس. وإذ واصل الجيش اللبناني أمس تدابيره من أجل ازالة مظاهر القتال بين المنطقتين، بعد أن سقط له مجند شهيد جراء انتكاسة ليل الخميس، اضافة الى جرح 7 عسكريين بينهم ضابطان، حرص رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في كلمة له عصر أمس في افتتاح المعرض الـ57 للكتاب العربي في بيروت على الترحيب بالحضور العربي في المعرض «وعلى رأسه حضور المملكة العربية السعودية التي عودتنا بسط يد الأخوة والخير والسلام»، مشيراً الى أن «لبنان لا يتغاضى عمن مدّ له يد العون والأخوة في أحلك الظروف وهم كثر والحمد لله». وعلمت «الحياة» ان المشاورات التي قام بها ميقاتي لعقد اجتماع لمجلس الوزراء من أجل البت في بعض القضايا العالقة، في ظل الجمود في عملية تأليف الحكومة الجديدة لم تصل الى حد طرحه الأمر في شكل رسمي على رئيس الجمهورية ميشال سليمان بعد، خصوصاً أن الأخير كان يردد إزاء التصريحات القائلة بتفعيل عمل الحكومة المستقيلة، دعوته الى استعجال تشكيل الحكومة الجديدة حتى لا يثير هذا التفعيل حفيظة فريق آخر في البلاد. وتتطلب دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد اتفاقاً بين الرئيسين على جدول أعمال الجلسة. وكانت الجهود للجم انتكاسة طرابلس تسارعت ليل أول من أمس واستمرت حتى فجر أمس ونجحت في اعادة الهدوء الى المدينة، بعدما اشتبك مسلحون مع الجيش عند محاوله القبض على مطلقي النار عليه. وقالت مصادر طرابلسية لـ «الحياة» ان «هناك من حاول الالتفاف على الجهود الرامية لإعادة بناء الثقة بين الجيش والأهالي في طرابلس لا سيما في باب التبانة عبر التحريض على القوى الأمنية بذريعة انها تكيل بمكيالين ولا تستقوي إلا على طرابلس وعرسال مروراً بصيدا ومجدل عنجر وعكار بينما تتعامل بالتراضي مع الآخرين». وأفادت المصادر بأن هوية هؤلاء معروفة «وقاموا بالتحريض بحجة ان الجيش يصر على دخول بعض الأحياء لتوقيف عدد من الشبان فيها وأنه لا يتشدد بموازاة ذلك في جبل محسن، وبثوا التعبئة بالتحذير من أن يحل بشباب باب التبانة ما حصل معهم أثناء وجود الجيش السوري في طرابلس في الثمانينات والعقود الماضية». وهذا ما دفع بقيادات المدينة الى التحذير من هؤلاء والتعاون مع الجيش لإعادة بناء الثقة، خصوصاً أن أحد أبرز المحرضين كان أوقف في طرابلس قبل أشهر، وأفرج عنه بعد تدخل جهات رسمية، ما لقي انتقادات من أطراف سياسية لأنه ساهم في ضرب هيبة الدولة من خلال اظهار أحد الأجهزة الأمنية على أنه بلا صدقية، بدلاً من توفير الغطاء السياسي له. وشهد وسط بيروت مساء مسيرة بالشموع لهيئات المجتمع المدني في طرابلس ضد الاقتتال فيها، تحت شعار «طرابلس تريد الأمن والأمان». وكان ميقاتي تناول في كلمته في افتتاح معرض الكتاب الوضع العربي، معتبراً أن «النزاعات تتخذ اشكالاً متعددة شديدة الدموية ونعيش أصعب أيام تاريخنا وكلما سدت ثغرة فتحت ثغر. الوضع العربي ما كان يوماً أضعف مما هو عليه». وأشار الى استنزاف طاقات كل بلد عربي وأن «قضية فلسطين صارت خارج سلم الأولويات والصراعات الاثنية والطائفية والمذهبية استهلكت كل موارد الأمة وحولتنا النزاعات أوراقاً في لعبة الأمم تحركنا كما تشاء وفي اتجاهات تعاكس تاريخنا ومصالحنا. وقال: «هي حقبة من الزمن علينا تجاوزها بأقل الأضرار ووظيفة الحاكم حصر الأضرار الى حدها الأدنى ومحاولة فكفكة العقد وحماية الناس وخياراتها. لا مفر من حوار على كل الصعد: حوار الأديان وحوار القوميات وحوار الأحزاب وحوار السلطات والمعارضات. التنازلات مشرّفة إذا انعكست ايجاباً على الأوطان وعلى كل الناس وهي تبقى الخيار الأرقى من القتل والتدمير والخراب، والذي بنتيجته يعود الجميع الى الحوار ولكن من موقع الخاسرين». وأكد «أننا في لبنان لن نتخلى عن مسؤولياتنا التي فرضتها علينا ظروف البلد السياسية وظروف المنطقة المحيطة بنا ولن ندخر جهداً لترميم الهوة بين مختلف الأطراف، لأن النزاعات العبثية لا تنتج منتصراً ومهزوماً بل تفضي الى أوطان مهزومة برمتها، ولبنان بتعدده وديموقراطيته وتنوع أبنائه لا يهزم، ولن نسمح لأي كان، بقدر إمكاناتنا، أن يطيح إنجازات المجتمع اللبناني بعد الحرب التي عصفت بين أبنائه، والتي عقدنا العزم على طي صفحتها نهائياً على رغم الأحداث التي تحصل من وقت الى آخر. قدرنا أن نتأثر بكل ما يجري من حولنا وقدرتنا على التأثير ضعيفة لكننا لن نوفر جهداً على استنباط كل ما من شأنه أن يخفف الاحتقان والتوتر. لا مكان للتشاؤم في قلوبنا بل واقعية معززة بإيمان بالله عز وجل وبإرادة المواجهة الإيجابية».

مشاركة :