طهران/باريس - بات في شبه المؤكد أن إيران التي تبدي منذ أشهر حرصها على إيجاد صيغة توافقية تمهد للعودة للعمل بالاتفاق النووي للعام 2015 خلال مفاوضات نووية غير مباشرة في فيينا مع واشنطن، تحاول كسب الوقت لا أكثر لانتزاع مكاسب سياسية وممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على شركائها في الاتفاق. وفي موقف لافت للأمين العام لمجلس الأمن القومي الأعلى في إيران علي شمخاني يدفع أكثر لتقويض مفاوضات فيينا، قال الأخير في تغريدة على حسابه بتويتر اليوم الأربعاء "فشلت أميركا وأوروبا في اختبار تنفيذ تعهداتهما في الاتفاق النووي. بات الاتفاق بالنسبة لإيران في المجال الاقتصادي ورفع الحظر بمثابة طلقة فارغة". وتابع المسؤول الإيراني المعروف بمواقفه المتشددة وبقربه من المرشد الأعلى علي خامنئي "لن تكون هناك محادثات مع أميركا الناكثة للعهد وأوروبا المتفرجة خارج نطاق الاتفاق النووي". وتزامن هذا الموقف مع جلسة مفاوضات يقودها فريق التفاوض الإيراني في فيينا حاملا مقترحا قدمه وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان يطالب فيه بضمانات سياسية أميركية من الولايات المتحدة وأوروبا بعدم تراجع أي إدارة أميركية في المستقبل عن الاتفاق النووي. وأحد أشكال هذا الضمان هو إصدار "بيان سياسي" من قبل رؤساء البرلمانات الغربية. ويعني هذا عمليا تلغيما لمسار التفاوض، حيث لا تملك إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن صلاحية إلزام أي إدارة تخلفها في المستقبل بالاتفاق لأنه ببساطة ليس معاهدة ولا يمكن كذلك لأي برلمان غربي أن يلزم الحكومات به على فرضية قبوله أصلا. وأعطت تغريدة شمخاني الأربعاء جرعة إضافية من الغموض والالتباس حول وضع الاتفاق النووي، إلا أنها ليست المرة الأولى التي يدلي فيها بتغريدات توحي بأن المفاوضات سائرة إلى الانهيار. وقد قال في تغريدات يوم الأحد الماضي إن "محادثات فيينا تزداد صعوبة مع مرور الوقت"، فيما علق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية في اليوم التالي بالقول إن "عملية المفاوضات الحالية طبيعية". وقال كذلك "اطلبوا من علي شمخاني نفسه تفسيرا" لهذه الرسالة. والواضح أن ثمة شق من المسؤولين المتشددين في إيران يرغبون في استمرار الوضع الراهن لأسباب سياسية واقتصادية، فقد اتهم الصحافي ياشار سلطاني في تغريدة، بشكل غير مباشر، شمخاني بالاستفادة من استمرار العقوبات وبيع النفط، وفق موقع إيران انترنشونال' الإخباري المعارض. وفي علامة أخرى على دخول مفاوضات فيينا مرحلة حرجة، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الأربعاء إنه لم يتبق على اتخاذ قرار بشأن إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية سوى أيام، لكن الأمر الآن بيد طهران لاتخاذ القرار السياسي. واستؤنفت المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأسبوع الماضي بعد توقف دام عشرة أيام. وقام مسؤولون من الأطراف الأخرى في الاتفاق، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا، بتحركات مكوكية بين الجانبين في مسعى لسد الفجوات. وأشار دبلوماسيون غربيون في السابق إلى أنهم يأملون في تحقيق انفراجة في الوقت الحالي، لكن القضايا الصعبة لا تزال عالقة. وترفض إيران تحديد أي مهلة تفرضها القوى الغربية. وقال لو دريان أمام البرلمان "وصلنا الآن إلى نقطة حاسمة. إنها ليست مسألة أسابيع، بل مسألة أيام"، مضيفا أن "القوى الغربية وروسيا والصين متفقة على الخطوط العريضة للاتفاق". وأضاف "مطلوب من الإيرانيين اتخاذ قرارات سياسية، إما أن يكونوا سببا في اندلاع أزمة خطيرة في الأيام القادمة أو يوافقوا على الاتفاق الذي يحترم مصالح جميع الأطراف". وبدأ الاتفاق يتداعى عام 2018 عندما انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وأعاد فرض عقوبات صارمة على طهران التي بدأت بعد ذلك في انتهاك القيود المفروضة على أنشطتها لتخصيب اليورانيوم.
مشاركة :