قد تكون مشاهد سحب جزء من الحشود العسكرية الروسية من المناطق الحدودية الغربية واحدة من الأخبار السارة القليلة للروس هذه الأيام؛ إذ لم تبد تحضيرات الحرب المحتملة مع أوكرانيا أمراً جيداً لقطاعات واسعة منهم. وحمل توجيه حزب «يابلوكا» الليبرالي بياناً تحول سريعا إلى «عريضة» شعبية للتحذير من عواقب الحرب مع صدور بيان لافت عن «جمعية ضباط عموم روسيا» التي يقودها الجنرال السابق ليونيد إيفاشوف، يؤكد أن روسيا ستواجه كارثة مصيرية إذا أقدمت على مغامرة عسكرية في أوكرانيا، إشارات واضحة إلى أن الروس ليسوا راضين عن حجم التصعيد الحالي ضد أوكرانيا. لكن في المقابل، يدافع كثيرون عن مسار الرئيس الروسي، ويرى بعضهم أنه يواجه «خيارات صعبة». فهو ليس قادرا على التراجع عن مطالبه الأمنية، خصوصا أن محصلته في السياسة الخارجية تبدو خاسرة. فخلال عهد بوتين ضم حلف الأطلسي 11 بلدا جديدا مقابل أربعة بلدان فقط في عهد سلفه بوريس يلتسين. كما يبدو النفوذ الروسي في الفضاء الحيوي (الاتحاد السوفياتي السابق) في تراجع، إذ خسرت موسكو أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا وتحولت هذه البلدان عمليا إلى خصوم، كما أن أذربيجان وأوزبكستان أصلا لم تسمحا بنفوذ روسي قوي فيهما. وبالنسبة لبقية «حلفاء» موسكو، خسرت روسيا حضورها وتأثيرها الشعبي في بيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا . وأمام هذه الظروف قد لا يجد بوتين بديلا عن تصعيد مطالبه الأمنية الاستراتيجية أمام الغرب لضمان عدم تلقي ضربات جديدة، يمكن كما يقول خبراء، أن تقوض نهائيا مكانة روسيا في محيطها الإقليمي.
مشاركة :