أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مساء الثلاثاء تخصيص إعانات للشباب العاطلين عن العمل وتعليق بعض الضرائب المفروضة على المواد الاستهلاكية الأساسية، في خطوة رآها مراقبون محاولة لمغازلة الشارع الجزائري وتلميع صورته، في وقت ينتظر منه البحث عن حل جذري لمعضلة البطالة التي أرقت البلاد طيلة السنوات الأخيرة. ويبلغ معدل البطالة في الجزائر نحو 15 في المئة أغلبهم من خريجي التعليم العالي، وهي نسبة مرجحة للارتفاع بسبب تراجع الاستثمارات الحكومية والخاصة، لاسيما خلال السنوات الأخيرة التي تشهد ركودا اقتصاديا سيلقي بارتداداته على الجبهتين الاجتماعية والسياسية. وقال تبون في لقاء دوري مع ممثلي الصحافة الوطنية "تقدر منحة البطالة بـ13 ألف دينار جزائري (نحو 82 يورو)، وسيتم صرفها ابتداء من شهر مارس، بالإضافة إلى التغطية الصحية. وستحسب هذه العلاوة في ميزانية 2022". والحد الأدنى للرواتب في الجزائر 20 ألف دينار (125 يورو)، وبالتالي فإن هذه المنحة توازي أكثر من نصفه. ويستبعد مراقبون أن يخفف رصد هذه المنحة للعاطلين عن العمل، والتي وصفها تبون بالإنجاز العربي غير المسبوق قائلا "كنا أول دولة بعد أوروبا تؤسس هذه العلاوة، لكي يتحصل الشباب على شبه مرتب لصون كرامتهم"، من الاحتقان الاجتماعي خاصة وأن البطالة تعد الخزان الأول للاحتجاجات المشتعلة خلال الفترة الأخيرة. وشهدت مدينة ورقلة، عاصمة النفط جنوبي الجزائر خلال فبراير الحالي ويناير الماضي احتجاجات عارمة على البطالة والفقر، وطالب المحتجون الحكومة بإيفاد لجنة تحقيق للنظر في ملف التشغيل، والتوقف عند كيفية توزيع المناصب والتوظيف بالمحاباة من قبل مسؤولين بالمحافظة ووكالات التشغيل المحلية، كما طالبوا السلطات بإلغاء ومراجعة شروط يعتبرونها "تعجيزية" تعيق التحاق عدد منهم بالعمل في الشركات البترولية. وتنظم هذه الاحتجاجات المستمرة من طرف "لجنة البطالين" المنتشرة في الكثير من محافظات الجنوب، حيث بدأ في الفترة الأخيرة يتشكل حراك اجتماعي واسع في عدة مدن في الجنوب، وإضافة إلى ورقلة، تشهد مدن كتقرت والأغواط وغرداية واليزي وتمنراست وقفات احتجاجية للشباب والسكان للمطالبة بالتنمية. ويرى البعض أن هذه المنحة من شأنها التخفيف من معاناة الكثير من الشباب بسبب البطالة التي خلقت العديد من المظاهر الاجتماعية السلبية، لعل من أبرزها ظاهرة الهجرة غير الشرعية، حيث تشير آخر الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد المهاجرين الجزائريين الذين وصلوا إلى السواحل الإسبانية بطرق غير شرعية عام 2021 تجاوز الـ10 آلاف جزائري، أي بزيادة 20 في المئة عن عام 2020. ويذهب آخرون إلى أن المنحة لن تحل مشكلة البطالة المتفاقمة، مشيرين إلى أنه كان من الأجدر بالحكومة الجزائرية أن تفكر في تحويل إيرادات الغاز الموجه لبعض الدول الأوروبية إلى صناديق سيادية تمكنها من استثمارها في مشاريع تنموية، وبالتالي تقليص نسبة البطالة. ولم تنجح السلطات الجزائرية طيلة السنوات الماضية من شراء السلم الاجتماعي، لإشاعة الاستقرار السياسي في البلاد، بسبب تراجع مداخيلها من النفط واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة، واعتمادها إجراءات جبائية قاسية في قانون المالية. وتتأثر الجزائر، رابع أكبر قوة اقتصادية في القارة الأفريقية، بتقلبات أسعار النفط بسبب اعتمادها على العائدات النفطيّة التي تمثّل أكثر من 90 في المئة من إيراداتها الخارجيّة. وشدد تبون على أن ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية جعل الأموال المخصصة لشراء كميات معينة من الحبوب والبقوليات لم تعد تكفي حاليا إلا للحصول على ثلث هذه الكميات. وأشار إلى تعليق ضرائب بنسبة خمسة في المئة مفروضة على مواد استهلاكية أساسية. وقال الرئيس الجزائري إن "الخبازين لن يدفعوا الضريبة على رقم الأعمال بداية من شهر مارس"، وفق الوكالة. وفي نوفمبر، صادق النوّاب الجزائريّون على قانون الماليّة لعام 2022، الذي يُلغي نظام الدعم المعمّم للمنتجات الأساسيّة القائم منذ عقود. وقال الرئيس الجزائري "إن القمة العربية المرتقبة ببلاده ستنعقد خلال الربع الأخير من عام 2022"، دون أن يحدد تاريخا محددا. وأوضح أن التاريخ سيحدد خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب، مرتقب في مارس القادم بالقاهرة باقتراح من الجزائر. ويرى مراقبون في تصريح تبون محاولة لرفع الحرج، بعد أن أثير جدال واسع خلال الفترة الأخيرة حول موعد القمة العربية ورفض عدد من القادة حضورها. وردا على سؤال بشأن مدى صحة ما تم تداوله إعلاميا حول وجود خلافات بين القادة العرب كانت وراء تأجيل القمة، قال تبون إن "ذلك غير صحيح". ولفت تبون إلى أن بلاده "تأمل أن تخرج هذه القمة بنتائج جيدة تخدم لمّ شمل الدول العربية وكذا مراجعة نصوص الجامعة العربية". وكانت القمة العربية قد تأجلت عامي 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا.
مشاركة :