تقول أوساط سياسية كويتية إن قبول استقالة وزيري الدفاع والداخلية – وهما من الأسرة الحاكمة -، يعكس عمق الانسداد السياسي الذي بلغته البلاد، وسط توقعات بإعلان قريب عن حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة. وتبدي الأوساط السياسية تشاؤما حيال إمكانية أن يقود خيار الانتخابات إلى حل للأزمة، حيث من المرجح أن تنتج نفس التركيبة النيابية، وبالتالي بقاء الكويت في حلقة مفرغة، في وقت تدق المنظمات الدولية ولاسيما وكالات التصنيف الائتماني ناقوس الخطر من استمرار الأزمة السياسية وتأثيراتها على مالية الدولة. وعزز المرسوم الأميري بقبول استقالة الوزيرين التسريبات التي تتحدث عن صراع أجنحة على أشده داخل الأسرة الحاكمة، وأن المشكلة تتجاوز مسألة استجوابات نيابية للوزراء، بل إن هذه الاستجوابات هي مجرد أداة توظف في هذا الصراع. وتلفت الأوساط إلى أنه كان من المنتظر لدى البعض أن يحاول وليّ العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أو رئيس الوزراء الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح التدخل والطلب من الوزيرين العدول عن موقفهما باعتبار ذلك يمثل رسالة سلبية للحكومة في بداية مشوارها، بيد أن المسارعة في إصدار مرسوم أميري بقبول الاستقالة، يشي بأن الوضع أكثر تعقيدا وأن هناك توجها على ما يبدو لحل مجلس الأمة. الشيخ حمد جابر العلي: الممارسات النيابية تعطِّلنا عن تحقيق طموحات الشعب وصدر الخميس مرسوم بقبول الاستقالة التي تقدّم بها وزيرا الدفاع والداخلية فيما قالا إنها احتجاج على كثرة الاستجوابات في البرلمان. وصرّح رئيس مركز التواصل الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة الكويتية طارق المزرم أنّ مرسوما أميريا صدر بتكليف وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح بحقيبة وزارة الدفاع بالوكالة، وتكليف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة بحقيبة وزارة الداخلية بالوكالة. واستقال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي الصباح ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ أحمد المنصور الأحمد الصباح من منصبيهما الأربعاء بعد بضع ساعات من تجديد مجلس الأمة الثقة في وزير الخارجية عقب استجوابه. ونقلت صحيفة القبس الكويتية عن وزير الدفاع قوله “إن التعسف في استخدام الأدوات الدستورية” هو ما دفعهما للاستقالة. وتابع "الاستجوابات حقٌّ دستوري.. لكن وجدت نفسي وبقية الوزراء غير قادرين على تحقيق طموحات أبناء الشعب، الذين ينتظرون منا الكثير، وهذا حقهم إلا أن الممارسات النيابية تعطِّلنا عن تحقيق طموحات الشعب الكويتي". وخلافا للدول الأخرى في المنطقة، تتمتع الكويت بحياة سياسية نشطة ويحظى مجلس الأمة الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات، بسلطات تشريعية ورقابية واسعة. وكانت الكويت أول دولة خليجية تتبنى نظاما برلمانيا في العام 1962. ومنحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات في العام 2005. ولطالما تباهى الكويتيون بـ”ديمقراطيتهم” الناشئة في محيط منغلق على نفسه سياسيا، لكن هذا الشعور سرعان ما اضمحل لتحل محله خيبة أمل، حيث تحول مجلس الأمة في السنوات الأخيرة إلى عنصر تأزيم، من خلال مناكفاته المستمرة للحكومة وأعضائها، وقد أدى هذا الوضع إلى شلل سياسي في البلاد امتد إلى أشهر العام الماضي وانتهى باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة على أمل تحقيق انفراجة، وهو ما لم يحصل. ويرى مراقبون أن المشكلة الأساسية في الكويت تكمن في وجود تيارات داخل الأسرة الحاكمة تتصارع على النفوذ، وتوظف بعض الكتل النيابية لخدمة أغراضها وطموحاتها السياسية، ومن غير المرجح أن يتحسن هذا الوضع بمجرد حل المجلس الحالي وإجراء انتخابات جديدة.
مشاركة :