إن للماضي والحاضر ثقافتين متفاعلتين تفاعلا أكيدا، إذ إن الحاضر امتداد للماضي تمثل ذلك في عراقة البحرين وإذا أردنا العودة إلى تاريخنا القديم فمن الحقائق الثابتة أن تراث الوطن يوجب علينا أن نفتح له عقولنا واهتمامنا، فنحن في هذا نملك تراثا تاريخيا نابعا من روحنا وقدرنا فهو عنوان مسيرتنا، من هنا أوجد البحرينيون أسلوبا صحيحا للعلم الذي انتهجوه في مدارسهم الحكومية كافة في جميع أرجاء الوطن، عندما بدأوا التعليم عام 1919. فقد كان بحق الركيزة الأولى في اتخاذ التدريس والحوار بين الطلبة ومدرسيهم، وينظر إليهم اليوم وأعني بهم طلاب الأمس، وزراء ومسؤولين وأساتذة جامعيين ومهندسين ومحامين، لقد كان هؤلاء يدركون أن أمهم هي اللغة العربية فحافظوا عليها وتعلموها. لقد بدأ هذا واضحا عندما نشط أبناء هذا الوطن في الرؤية الصحيحة للعلم فهو السلاح الحقيقي للحاضر والمستقبل، وليس في ذلك أي غرابة، لقد قدر الله سبحانه وتعالى للغة العربية أن تصارع لتبقى وفعلا تخلصت من ذلك (المستعمر) وهكذا يجب أن تلامس اللغة العربية يقظة حتى نجنب أولادنا وبناتنا اللجوء إلى عبارات أجنبية أثناء نطقهم سواء في البيت أو السفر وهذا لا يعني التخلي عن التعلم باللغات الأخرى الإنجليزية أو الفرنسية وغيرهما. لقد فرض الاستعمار على أبناء البلد بطرق ملتوية أن يتكلموا العربية وخير مثال ما نراه اليوم ومن كثب عند شعوب دول المغرب حتى حانت الساعة فعادت دول المغرب إلى عنايتها واهتمامها باعتماد اللغة العربية التي تحمل في أركانها حضارة وتاريخا. وكما جاء ذكره بالنسبة إلى دول المغرب العربي، فقد شن الاستعمار الفرنسي أعنف حرب على اللغة العربية في المغرب العربي بصفة عامة وفي الجزائر خاصة. فقد كان للمستعمر أحلامه التي امتدت إلى اعتبار أن الجزائر جزء لا يمكن الانفصال عن كيان فرنسا، حيث قام بهدم المدارس التي تدرس اللغة العربية، ولكي نعرف الحقيقة كاملة يجب أن نقول إن اللغة العربية هي الحياة والعناية بها واجب قومي تتحمله وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي الكبير، لذا فإن التعليم من دون الانتباه إلى اللغة العربية فيه خطورة، من هنا يجب تنبيه الأبناء والطلبة بصفة خاصة بأهمية الإيمان بلغتهم وتراثهم الروحي والحضاري ولا يتحقق ذلك الا بزيادة حصص اللغة العربية في المدارس وأن تبقى المراعاة أيضا للذين يتلقون تعليمهم في الخارج حتى لا يعطوا لأنفسهم حرية كاملة في التلاعب باللغة العربية في المحاورة فترة زمنية قصيرة كخمس دقائق مثلا فيخرج الكلام العربي بكلمات إنجليزية وحتى نتذكر دائما وأبدا فإن روح الأمة تكمن في لغة سامية يجب أن نحيطها بالرعاية والاهتمام وأن نعض عليها بالنواجذ وليتحول ولاؤنا لها كجزء من الهوية الوطنية والانتماء والاعتزاز. من هنا مرة أخرى نقول للذين تمكنهم ظروفهم الدراسية في البلاد الأجنبية إن عليه إدراك أن ما يتعلمه كل واحد منهم بلغات أخرى يجب أن ينصهر تعليمه في لغة قومه، لذلك يجب أن تتضافر جهود جميع المؤسسات التعليمية والثقافية على تحقيق هذا الصهر، فكل ذلك موجود في اللغة العربية التي باركها الله في كتابه العزيز قال تعالى: (وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا) (سورة طه)، وأيضا (إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) (سورة الزخرف) صدق الله العظيم. بهذا نستطيع أن ننقذ اللغة العربية في مسيرتنا الخيرة لهذا الجيل والأجيال القادمة.
مشاركة :