بلغ التوتر أشدّه في شرق أوكرانيا مع تسجيل اشتباكات وطلب انفصاليون موالون لروسيا إجلاء مدنيين نحو الأراضي الروسية، في حين ندّدت الولايات المتحدة بـ«سيناريو» يقوم على الاستفزازات لتبرير تدخل عسكري روسي. جاء ذلك، فيما قالت وزارة الدفاع الروسية: إن الرئيس فلاديمير بوتين سيشرف على تدريبات للقوات النووية الروسية اليوم، تشمل إطلاق صواريخ باليستية وصواريخ كروز، في أحدث استعراض للقوة في وقت يشهد توتراً شديداً مع الغرب بخصوص أوكرانيا. وذكر ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن التدريبات تأتي في إطار عملية تدريب دورية، ونفى أن تكون تلويحاً بتصعيد الأزمة. وقال: إن دور بوتين رئيسي، وإن الرئيس من المرجح أن يشارك من «مركز عمليات». تأتي التدريبات بعد سلسلة ضخمة من المناورات أجرتها القوات المسلحة الروسية في الشهور الأربعة الماضية، شملت تعبئة للقوات قدّر الغرب أعدادها بنحو 150 ألفاً أو أكثر إلى الشمال والشرق والجنوب من أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع: إن التدريبات تهدف لاختبار حالة الاستعداد لدى قيادة الجيش وفرق التحكم والقتال والسفن الحربية وحاملات الصواريخ الاستراتيجية، فضلاً عن قدرات الأسلحة النووية الاستراتيجية وغير النووية. وتواصل الولايات المتحدة اتهام روسيا بالتأهب لغزو أوكرانيا «في الأيام المقبلة»، فيما تنفي موسكو أن تكون تعد لهجوم. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: إن القصف في شرق أوكرانيا في الساعات الـ48 الماضية هو جزء من جهود روسية لاختلاق «استفزازات كاذبة» لتبرير مزيد من «العدوان» ضد الجمهورية السوفياتية السابقة. بدوره، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أمس، أن واشنطن ترى «مزيداً» من القوات الروسية تتحرك باتجاه منطقة الحدود الأوكرانية، رغم تصريحات موسكو عن انسحابات. وقال أوستن في وارسو وإلى جانبه نظيره البولندي ماريوش بلاشتشاك: «رغم إعلان روسيا أنها تعيد قواتها إلى الثكنات، لم نر ذلك بعد.. في الحقيقة نرى مزيداً من القوات تتحرك باتجاه تلك المنطقة، المنطقة الحدودية». من جهته، اتّهم بوتين، أمس، لدى استقباله نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو في موسكو، أوكرانيا برفض الانخراط في حوار مع الانفصاليين، وقال: «في الوقت الحاضر نرى تدهوراً للوضع» في شرق أوكرانيا. وسُمع، أمس، دوي القصف في مدينة ستانيتسا لوغانسكا في شرق أوكرانيا الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، وفق مراسلي وكالة فرانس برس. وكانت هذه المدينة تعرضت، أمس الأول، لقصف ألحق أضراراً في روضة أطفال ومنازل عدة، فيما لا يزال التيار الكهربائي مقطوعاً في جزء منها. وقال انفصاليون في شرق أوكرانيا: إنهم يعتزمون إجلاء نحو 700 ألف نسمة إلى روسيا من «دونيتسك». وأعلن قائد «جمهورية» دونتيسك الانفصالية الموالية لروسيا، إجلاء مدنيين باتجاه الأراضي الروسية، متهماً كييف بالتحضير لغزو بعد تصعيد أمني. وقال دنيس بوشيلين، في كلمة مصورة نشرت على حسابه عبر «تلغرام»: «اعتباراً من اليوم تقام عملية مغادرة كثيفة ومنظمة للسكان باتجاه روسيا، وسيتم أولاً إجلاء النساء والأطفال والمسنين». كذلك حض زعيم الانفصاليين في إقليم لوغانسك بشرق أوكرانيا ليونيد باسيشنيك، السكان على المغادرة والتوجه إلى روسيا، «منعاً لوقوع إصابات في صفوف المدنيين». وأكدت روسيا، أمس، مجدداً أنها أجرت انسحابات جديدة لقواتها من الحدود مع أوكرانيا، وهي معلومات تشكك بها كييف والدول الغربية. وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف: «هذا لا يحصل»، مشدداً على أن روسيا حشدت 149 ألف جندي عند حدودها مع أوكرانيا. وتقول واشنطن: إن روسيا تبحث عن ذريعة لشن هجوم على أوكرانيا، وقد يكون تجدد أعمال العنف في دونباس يندرج في هذا الإطار، إذ تنصّب موسكو نفسها مدافعاً عن الناطقين بالروسية في المنطقة، ومنحتهم جوازات روسية. وأفاد الجيش الأوكراني بتسجيل 45 انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار منذ صباح أمس، على خط الجبهة بطول مئات الكيلومترات. وأشار الانفصاليون، بدورهم، إلى حصول 27 انتهاكاً من جانب الجيش الأوكراني. وتحدث مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن زيادة كبيرة في عمليات إطلاق النار بتسجيل 189 انتهاكاً لوقف إطلاق النار في منطقة دونيتسك أمس الأول، بزيادة 24 عن اليوم السابق. من جهته، اتّهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بالانحياز وبـ«التقليل من النقاط التي تظهر مسؤولية القوات المسلّحة الأوكرانية». وكانت اتفاقات سلام، وقعت عام 2015 في مينسك، سمحت بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار وتراجع كبير في المواجهات، إلا أن حوادث متفرقة تسجل بانتظام على خط الجبهة. على الصعيد الدبلوماسي، عقد الرئيس الأميركي جو بايدن اجتماعاً افتراضياً مع قادة دول أوروبية عدة والحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وفي بروكسل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، إلى «وقف العمليات العسكرية»، التي «تضاعفت» في شرق أوكرانيا، وحيث «الضغط العسكري الروسي لا يتراجع». ونددت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، «بنشر غير مسبوق لقوّات عند الحدود مع أوكرانيا، ومطالب تعود إلى حقبة الحرب الباردة، تتحدّى روسيا المبادئ الأساسيّة لنظام السلام الأوروبي»، داعيةً موسكو إلى إظهار «جهود جادّة لخفض التصعيد». وتُعتبر روسيا التي تطالب بضمانات أمنية مثل انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من أوروبا الشرقية الراعي العسكري والأمني للانفصاليين في شرق أوكرانيا. الانفصاليون: انفجار سيارة وسط دونيتسك أعلنت السلطات الانفصالية المدعومة من روسيا في شرق أوكرانيا، أمس، عن انفجار سيارة وقع بالقرب من مبنى حكومتهم في وسط مدينة دونيتسك، حسبما أفادت وكالة «تاس» الروسية للأنباء. وذكرت الوكالة أن أحداً لم يصب في الحادث. يأتي ذلك، فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: إن روسيا «تشعر بقلق بالغ» بشأن القصف المتزايد شرقي أوكرانيا. وذكر لافروف في موسكو، أمس، أنه يتم استخدام أسلحة محظورة بموجب اتفاق مينسك للسلام. وتواجه قوات الحكومة الأوكرانية، المجهزة بأسلحة وذخيرة من الغرب، الانفصاليين الموالين لروسيا. ويتبادل الطرفان اللوم على تصاعد العنف. وجدد لافروف قوله: إن موسكو ليست لديها خطط لغزو أوكرانيا. وقال: إنها «دعاية غربية وأخبار كاذبة ومختلقة. الأمر الرئيسي هو أن مختلقي هذه الأنباء الملفقة يؤمنون بما يقولون.. إنهم يحبون ذلك، وهذا يبعث على الضحك».
مشاركة :