الخرطوم - (أ ف ب): نهب لمقرات الأمم المتحدة، معارك قبلية، هجمات مسلحة، اغتصاب وتظاهرات مناهضة للانقلاب، يتصاعد العنف في دارفور في الفراغ الأمني الذي سببته إجراءات العسكر في أكتوبر. في 2020. وقعت أول سلطة تولت الحكم في السودان عقب إسقاط عمر البشير اتفاق سلام مع الحركات المسلحة في دارفور وهو إقليم شاسع في غرب السودان مزقته الحروب خلال العقود الأخيرة. وبعد عام ونصف على توقيع هذه الاتفاقية وبعد أشهر من التحرك العسكري في الخرطوم، عادت الصراعات على السلطة إلى الواجهة في الإقليم. الأسبوع الماضي، أطلق مسلحون النار على قوات الأمن ليسرقوا مرة أخرى مقر البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي التي عملت لمدة 13 عاما في دارفور قبل أن تنهي مهمتها بعد توقيع السلام. ويسمع سكان المناطق المجاورة لمقر البعثة من حين لآخر أصوات طلقات نارية فيما يحاول المتمردون المسلحون، المتهمون بارتكاب انتهاكات في دارفور وفي مناطق أخرى في إفريقيا، الاستيلاء على سيارات وعلى آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية ومعدات مختلفة تركتها الأمم المتحدة. وفق برنامج الغذاء العالمي، يعاني الآن «مليونا شخص» من نقص المساعدات في السودان، أحد أفقر بلدان العالم. وتزداد المعاناة خصوصا في دارفور حيث يعيش أغلب النازحين الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين شخص. وإضافة إلى ذلك، هناك الصدامات القبلية وهي اشتباكات موسمية بسبب النزاع على الأرض أو المياه وتؤدي إلى تدمير منازل ومحاصيل. وأدت هذه الاشتباكات إلى مقتل 250 شخصا خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، وفق لجنة الأطباء المركزية (نقابة مستقلة) تتحدث عن وقائع اغتصاب. ويقول محمد عيسى المقيم في دارفور أن الانفلات بدأ عندما قام الفريق أول عبدالفتاح البرهان بالانقلاب في الخرطوم على بعد قرابة ألف كيلومتر من الإقليم. ويروى عيسى لفرانس برس أن «الأمن تدهور كثيرا في غضون أربعة أشهر: يقوم رجال مسلحون بانتظام بإيقاف السيارات ويبتزون ركابها». ويضيف عبدالله آدم المقيم في مخيم زمزم للنازحين بشمال دارفور: «أصبح الاغتصاب والنهب أمورا متكررة». في الخرطوم، تتجاهل السلطة العسكرية الجديدة الأمر وتتهم المجموعات المسلحة بعدم تنفيذ اتفاق السلام الموقع عام 2020 والقاضي بتسليم السلاح وإدماج أعضاء هذه الحركات في القوات النظامية. كما يتهم الجنرالات الذين يتولون الحكم الآن المسؤولين المدنيين السابقين، الذين أزاحوهم منذ أكتوبر، بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع اتفاق السلام موضع التطبيق. ويقولون إن المهمة باتت اليوم أكثر صعوبة بسبب وقف المساعدات الدولية التي كان يقدمها المجتمع الدولي وهو ما أدى إلى فقدان السودان 40% من موازنته. والخميس، قال مجددا الفريق أول عبدالرحمن عبدالحميد، المسؤول عن نزع سلاح الحركات المسلحة وإدماج رجالها في القوات النظامية، «يتعين على المجتمع الدولي أن يدعمنا». وتجد السلطة الجديدة صعوبة في استعادة السيطرة على دارفور مع الحشود التي تنزل إلى الشوارع بانتظام للمطالبة بـ«إسقاط الانقلابيين». ويقول آدم رجال الناطق باسم التنسيقية العامة للاجئين والنازحين في دارفور «لا أحد يثق في نظام الانقلابيين». وخرج المتظاهرون في دارفور مرارا ليقولوا «لا» لسلطة الفريق البرهان والرجل الثاني في سلطته الفريق أول محمد حمدان دقلو، قائد مليشيا قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب انتهاكات في دارفور. ويضيف رجال لفرانس برس «الذين يحكمون الآن ارتكبوا جرائم في دارفور في ظل البشير، لماذا سيحمون الناس الآن؟». ويقول «لابد من إعادة السلطة المدنية وإلا فكل الأمور ستسوء».
مشاركة :