طالب سعودي يتمنَّى: «وِدِّي أصير حرامي إذا كِبرت!»

  • 12/7/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حين لَفَظَهُ «المجلس/غرفة المدرسين» تلقَّفه: «المقلط/ فصل ثاني.ب» حتى استقر راشد على كرسيٍّ متهالك وبوصفه: «استاد/ بالدال كما نلفظها» راح يتفقَّد بصوتٍ ميتٍ طلابه، ذلك أنَّ أعظم مهام المدرس لدينا هي رتابة التحضير في حين يتمُّ تغيُّب العمل التعليمي في رمل وظيفةٍ نقتات بها ليس إلا..! ولئن كانت التربية لدينا عملاً تخويفياً بامتياز، فإن الطالب يكبر ويكبر معه: «الكُره» للمدرسة وللمدرِّس معاً، بينما: «الحب» مفردةٌ يجب أن تتطهر منها ألسنة الطالب وحاشا لأذنه آنذاك أن تسمعها ولو سهواً، فالأوكد إذن أنها لن تجد طريقاً ينتهي بها إلى قلبه فتَعْمُره..! وبسببٍ من هذا التخويف الذي يتمتع به: «المدرس/ البعبع» لزمَ الطلاب الصمت وكأن على رؤوسهم الطير.. لا تسمع حينها إلا طقطقة أنامل استاد/ راشد- وهي تعبث بـ :«جواله».. حيث انتهى من وِرده التويتري.. ومن تفقده مجموعات: «الواتساب».. دسَّه في جيبه.. نهض ببطء.. وجهه أضحى تلقاء السبورة.. وما إن همَّ بكتابةِ: عنوان الدَّرس.. حتى حانت منه التفاتة عجلى نحو طلابه.. إذ دار بخلده أن يكتشف أيَّ شيءٍ هم هؤلاء الذين يتكدَّسون قبالته صباح كلِّ يوم.. وعلى الأقل دار بخلده هذه المرَّة- أن يقتل هذه الرتابة المملة.. عزم إذن أن يجعل من الحصة الأولى استراحةً لعلَّه أن يتعرَّف من خلالها على تلامذته.. أدنى الكرسيَّ من قفاه.. ثنى ركبتيه.. احتواه الكرسي بحميميَّة.. رمى كلامه بصوته المتهدِّج في ملعب الطلاب قائلاً: -هذه الحصة قررتُ أن ندع الدرس جانباً. * فترت شفاههم عن ابتسامة، ثم قالوا بصوتٍ واحد: صِدق يا استاد راشد؟. - أومأ برأسه أن: إيه. - مصطفى «طالب ليس سعودياً»: بأي شيءٍ سنمضي وقت الحصة؟ قالها بمنطق الدافور!. - لا شيء.. غير أنِّي أريد من كلِّ واحدٍ منكم أن يقول لنا ما هي أُمنيّته لما أن يكبر.. بمعنى آخر: إيش هو طموحك الذي تود أن تكون عليه في المستقبل..؟!. * مصطفى: أنا يا أستاز لأنه عربي لم ينطقها إلا زاياً-؟. - لا.. ليس وحدك.. إنما الجميع سيخبرنا.. لكن لنبدأ بك. * مصطفى: أتمنى أن أكون مهندساً معماريّاً كوالدي. - أشار أستاذ راشد بكلتا يديه للطلاب لينهضوا بالترتيب.. فجاءت الإجابات على هذا النحو: * ثلاثة أرباعهم ليس لديهم من طموح إلا أن يكونوا: «مدرسين» فيما عدَّ أربعةٌ منهم أمنياتهم بأن يكونوا طيَّارين!! وثلاثة: اتفقوا على أنَّ طموحهم إذا ما كبُروا هي: حمل السلاح والجهاد في سوريا.. * سعيد بثوبٍ فضفاض وبحذائين باليين.. وبعينين تتقدان ذكاء.. كان وحده مَن أحجم عن الإجابة.. وما إن ألح عليه الأستاذ أن يتحدَّث كبقية زملائه.. حتى فاجأهم بقذف إجابةٍ هي أقرب إلى الصراخ: * ودِّي إذا كبرت أن أكون: «حرامي»!!. - كانت إجابةً غير متوقعةٍ بالمرَّة.. أوقفت الأستاذ على قدميه.. التفت بقية الطلاب تلقاء: «سعيد».. تقدَّم المدرس راشد نحو سعيد.. وهو يكتم ضحكته وراح يسأله: - ليه تتمنى تكون: «حرامي»؟ * بلع سعيد ريقه مرتين.. طوى مرفقيه العاريتين على بعضهما.. عينٌ واحدة إزاء أستاذه، بينما حدَّق بالأخرى في الطاولة.. وراح يشرح سبب هذه الأمنية: يا استاد.. لأني بكرا إذا كبرت و- أعرست وجاني عيال- ما أبيهم مثلي ومثل إخواني يعيشون.. ولا ودِّي حرمتي بكرا- تصير مثل أمي.. لأنه كل ما أردنا شيئاً من والدي عصَّب وتخاصم مع أمي وقال: من وين لي أجيب لكم كل هذه الأشياء.. وأوفر لكم اللي تبونه.. ثم يزعّق بوجه أمي: أنا يا أم سعيد ماني بـ: «حرامي» حتى أحقق طلباتك وطلبات أولادك.. أنا مسيكين وقد حالي. فهمت يا استاد ليش ودي أصير: «حرامي» إذا كبرت.

مشاركة :