الأزمة الأوكرانية: تحقيق الردع أم توازن القوى؟

  • 2/21/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لست‭ ‬معتادًا‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬عن‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬احتدامها‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬مؤداه‭ ‬أن‭ ‬الأزمات‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬كل‭ ‬السيناريوهات‭ ‬وخاصة‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بمسائل‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬سقف‭ ‬مطالب‭ ‬طرفيها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬بحكم‭ ‬استحواذ‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬جل‭ ‬اهتمامات‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬فإن‭ ‬ثمة‭ ‬ضرورة‭ ‬لإعادة‭ ‬تناولها‭ ‬مجددًا،‭ ‬ومع‭ ‬تقديري‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬من‭ ‬تحليلات‭ ‬فإن‭ ‬مسارها‭ ‬الفكري‭ ‬هو‭ ‬حسابات‭ ‬الربح‭ ‬والخسارة‭ ‬بشكل‭ ‬حدي‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يجافي‭ ‬الواقع،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬للصراعات‭ ‬كلفة‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وأمنية،‭ ‬ولكن‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬فإن‭ ‬المعادلة‭ ‬الصفرية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬لتفسيره‭ ‬ومضمونها‭ ‬ببساطة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬مكاسب‭ ‬طرف‭ ‬ما‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬خسائر‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬وبمعنى‭ ‬آخر‭ ‬تعد‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬تمرينًا‭ ‬عنيفًا‭ ‬لممارسة‭ ‬الردع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقرار‭ ‬توازن‭ ‬قوى‭ ‬ما‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬وروسيا‭.‬ التطورات‭ ‬اليومية‭ ‬يعرفها‭ ‬الجميع‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬آثار‭ ‬اهتمامي‭ ‬ثلاث‭ ‬نقاط‭ ‬الأولى‭: ‬ممارسة‭ ‬الردع‭ ‬المتبادل‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬الأزمة،‭ ‬والثانية‭: ‬مفهوم‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬أمن‭ ‬مستدام،‭ ‬والثالثة‭: ‬أين‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع؟ وبداية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ارتباط‭ ‬مفهوم‭ ‬الردع‭ ‬بحقبة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬فإن‭ ‬ممارسة‭ ‬ذلك‭ ‬المفهوم‭ ‬ظل‭ ‬لصيقًا‭ ‬بكل‭ ‬الأزمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬ويعني‭ ‬ببساطة‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬مضمونها‭ ‬أن‭ ‬إقدامه‭ ‬على‭ ‬تصرف‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬يكلفه‭ ‬الكثير‭ ‬وتفوق‭ ‬خسائره‭ ‬الفوائد‭ ‬المرجوة‭ ‬منه،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬إن‭ ‬الردع‭ ‬هو‭ ‬التلويح‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬التهديد‭ ‬وليس‭ ‬ممارسته،‭ ‬وتوجد‭ ‬شروط‭ ‬لممارسة‭ ‬الردع‭ ‬وهي‭ ‬وضع‭ ‬خطوط‭ ‬حمراء‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع،‭ ‬وإظهار‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬تلك‭ ‬الخطوط‭ ‬وأخيرًا‭ ‬ضرورة‭ ‬تناسب‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬مع‭ ‬الفعل‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬الصراع‭ ‬منضبطًا،‭ ‬وفي‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬المفهوم‭ ‬قد‭ ‬وجد‭ ‬سبيله‭ ‬نحو‭ ‬التطبيق‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحشود‭ ‬والحشود‭ ‬المضادة‭ ‬مع‭ ‬الفارق‭ ‬في‭ ‬العتاد،‭ ‬ثم‭ ‬إعلان‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬بوضوح‭ ‬مطالبه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مواربة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬كل‭ ‬آليات‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬سواء‭ ‬الاتصال‭ ‬المباشر‭ ‬أو‭ ‬الحرب‭ ‬الدعائية‭ ‬وتأسيس‭ ‬شراكات‭.‬ ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬ففي‭ ‬تصوري‭ ‬أننا‭ ‬إزاء‭ ‬صراع‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬منشئة‭ ‬له‭ ‬بل‭ ‬كاشفة‭ ‬لعمق‭ ‬وتجذر‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬حقبة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بين‭ ‬خصمين‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬القوة‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬لترسيخ‭ ‬احترام‭ ‬متبادل‭ ‬لأمنهما‭ ‬القومي‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬سوى‭ ‬مؤشرات‭ ‬لمعركة‭ ‬حول‭ ‬ترسيخ‭ ‬مفهوم‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬أخذًا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬أرست‭ ‬ذلك‭ ‬المفهوم‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أداة‭ ‬اقتصادية‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬مارشال‭ ‬لإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬أوروبا‭ ‬وأداة‭ ‬دفاعية‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬ويتضمن‭ ‬مفهوم‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬جانبين‭ ‬أحدهما‭ ‬مادي‭ ‬ويعني‭ ‬وجود‭ ‬قدر‭ ‬مساو‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬طرف،‭ ‬والثاني‭ ‬إدراكي‭ ‬أي‭ ‬حتمية‭ ‬إدراك‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬لمقدار‭ ‬القوة‭ ‬لدى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬المعنى‭ ‬مقبولا‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تعني‭ ‬اختزال‭ ‬مفهوم‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬العسكري‭ ‬فحسب‭ ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬قدرات‭ ‬سيبرانية‭ ‬لدى‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬فإننا‭ ‬إزاء‭ ‬مشهد‭ ‬مغاير،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬فإن‭ ‬الصراع‭ ‬لا‭ ‬يدور‭ ‬بين‭ ‬قوى‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬جيواستراتيجي‭ ‬ممتد‭ ‬وإنما‭ ‬بلغ‭ ‬ذروته‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مفاصل‭ ‬التماس‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬‮«‬‭ ‬أوكرانيا‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬أضحت‭ ‬ساحة‭ ‬لاستعراض‭ ‬كل‭ ‬قدرات‭ ‬الردع‭ ‬ومدى‭ ‬إمكانية‭ ‬ممارسته‭.‬ لا‭ ‬أود‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاستطراد‭ ‬في‭ ‬مفاهيم‭ ‬نظرية‭ ‬بحتة‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ -‬ولاتزال‭- ‬هي‭ ‬الحاكمة‭ ‬لذلك‭ ‬الصراع‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬التحليلات‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬استرعت‭ ‬انتباهي‭ ‬كانت‭ ‬تطبيقًا‭ ‬واضحًا‭ ‬لتلك‭ ‬المفاهيم،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬إنه‭ ‬إذا‭ ‬سلمنا‭ ‬جدلاً‭ ‬بقدرة‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬الردع‭ ‬المتبادل‭ ‬فإن‭ ‬المخرج‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬تضمنته‭ ‬تلك‭ ‬التحليلات‭- ‬تعهد‭ ‬الناتو‭ ‬بعدم‭ ‬ضم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬مدة‭ ‬زمني‭ ‬طويل‭ ‬ربما‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬بما‭ ‬ينزع‭ ‬فتيل‭ ‬المخاوف‭ ‬الأساسية‭ ‬لدى‭ ‬روسيا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬منتدى‭ ‬موسع‭ ‬للحوار‭ ‬يضم‭ ‬روسيا‭ ‬وكل‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬بالأمن‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬يستهدف‭ ‬مناقشة‭ ‬مضامين‭ ‬وآليات‭ ‬ترسيخ‭ ‬منظومة‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬والتي‭ ‬لاتزال‭ ‬تشهد‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬الفعل‭ ‬والفعل‭ ‬المضاد‭ ‬ما‭ ‬يفاقم‭ ‬من‭ ‬هوة‭ ‬الشقاق‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والغرب‭ ‬عمومًا‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الأوروبي‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬منها‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والتي‭ ‬يثار‭ ‬حولها‭ ‬تساؤل‭ ‬منطقي‭: ‬هل‭ ‬سوف‭ ‬يمتد‭ ‬الصراع‭ ‬الحالي‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة؟‭ ‬الإجابة‭ ‬قدمها‭ ‬الجنرال‭ ‬الأمريكي‭ ‬إريك‭ ‬كوريلا‭ ‬المرشح‭ ‬لمنصب‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬للقيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالقول‭ ‬أمام‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬غزت‭ ‬روسيا‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فقد‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬أوسع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬سوريا‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬لوحظ‭ ‬صدور‭ ‬تحليلات‭ ‬عديدة‭ ‬تمحورت‭ ‬حول‭ ‬تهديد‭ ‬صادرات‭ ‬القمح‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والروسية‭ ‬لدول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬تحدي‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬مجددًا‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬أكثر‭ ‬حدة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬مضامين‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬ودول‭ ‬المنطقة‭ ‬وخاصة‭ ‬قطاعي‭ ‬الطاقة‭ ‬والتسلح‭.‬ في‭ ‬تصوري‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬بذات‭ ‬ذلك‭ ‬التبسيط‭ ‬بل‭ ‬ستكون‭ ‬أكثر‭ ‬نطاقًا‭ ‬فدول‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬ترتبط‭ ‬بعلاقات‭ ‬متنوعة‭ ‬بشكل‭ ‬متواز‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬سواء‭ ‬بشكل‭ ‬ثنائي‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منظمة‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬اندلاع‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تنافس‭ ‬محموم‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬مثلث‭ ‬تفاعلات‭ ‬امتد‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬شرق‭ ‬المتوسط‭ ‬لينتهي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬مقبولاً‭ ‬القول‭ ‬قبل‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬بصدد‭ ‬حرب‭ ‬باردة‭ ‬جديدة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ربما‭ ‬تسفر‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬عن‭ ‬سعي‭ ‬أطرافها‭ ‬لتأسيس‭ ‬تحالفات‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬بمنأى‭ ‬عنها‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬استحقاقات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬ليس‭ ‬أقلها‭ ‬أنها‭ ‬تقدم‭ ‬فرصة‭ ‬مجددًا‭ ‬لدور‭ ‬أوروبي‭ ‬فاعل‭ ‬تجاه‭ ‬أزمات‭ ‬المنطقة‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬التحدي‭ ‬الروسي‭ ‬والصيني‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أولويات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشأن‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭ ‬واستمرار‭ ‬التهديدات‭ ‬الإقليمية‭ ‬بل‭ ‬واتخاذها‭ ‬مسار‭ ‬أكثر‭ ‬عنفًا‭.‬ وجل‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬أنه‭ ‬يخطئ‭ ‬الظن‭ ‬من‭ ‬يتصور‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أمن‭ ‬إقليمي‭ ‬وآخر‭ ‬عالمي،‭ ‬وهو‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يتيح‭ ‬فرص‭ ‬للتحالفات‭ ‬والشراكات‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬تحديات‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬سواء‭ ‬ضمن‭ ‬شراكات‭ ‬وتحالفات‭ ‬ثنائية‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬ترتيبات‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬اعتبارها‭ ‬تغير‭ ‬مفهوم‭ ‬الأقاليم‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ومضمون‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.‬   }‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬والطاقة‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

مشاركة :