إذا كنت تأكل الفلفل الحار، فقد تتمرد أمعاؤك، لكن صديقك يمكنه أن يأكل أي شيء ويشعر بالراحة، ويمكنك أن تتناول دواء «الإيبوبروفين» لعلاج الألم مثل الحلوى من دون أي آثار سيئة، لكن بطن صديقك قد ينزف وقد لا يخف ألمه؟ الإجابة السريعة على أسباب هذا التباين، هي أنّنا جميعا مختلفون، لكن الأسئلة التالية هي ما مدى الاختلاف بالضبط، وماذا تعني هذه الاختلافات بالنسبة للصحة والمرض؟... والإجابة على هذه الأسئلة أكثر صعوبة، لكنّ مختبر كلية الطب في جامعة الأمم المتحدة بأميركا، نجح في تقديم بعض الإجابات من خلال رسم أول خريطة جينية للأمعاء البشرية. ولأول مرة، استخدم مختبر الكلية مسالك الجهاز الهضمي البشرية بالكامل من ثلاثة متبرعين بالأعضاء لإظهار كيف تختلف أنواع الخلايا في جميع مناطق الأمعاء، ولإلقاء الضوء على الوظائف الخلوية، ولإظهار اختلافات التعبير الجيني بين هذه الخلايا وبين الأفراد. وخلال الدراسة المنشورة أول من أمس في مجلة «أمراض الجهاز الهضمي والكبد الخلوية والجزيئية»، ركز الباحثون على الطبقة السميكة أحادية الخلية التي توجد داخل الأمعاء والقولون لتفصلهما عن أي شيء آخر، والمسماه بـ«الظهارة». ومثل مجموعات الخلايا الأخرى والميكروبات، فإنّ الظهارة مهمة للغاية لصحة الإنسان، وقد عمل العلماء على استكشافها لسنوات، ولكن كان بإمكان الباحثين فقط أخذ خزعات صغيرة بحجم حبات الأرز من أجزاء قليلة من الجهاز الهضمي، عادة من القولون أو مناطق محدودة من الأمعاء الدقيقة. ويقول سكوت ماغنس، رئيس الفريق البحثي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة الأمم المتحدة بالتزامن مع نشر الدراسة: «ما كنا نقوم به في السابق، كمن ينظر إلى الولايات المتحدة من الفضاء، ولكن للتحقيق فيما يحدث في ماساتشوستس وأوكلاهوما وكاليفورنيا، نريد أن نرى كل شيء، ودراسة مسالك الجهاز الهضمي البشرية بالكامل التي حصلنا عليها من المتبرعين ساعدتنا في ذلك». وباستخدام تقنية التسلسل لتوصيف التعبير الجيني مع هذه المسالك من المتبرعين، استخرج الباحثون أولاً الحمض النووي الريبي من كل خلية مع الاحتفاظ بكل خلية منفصلة، من ثمّ شغّلوا تسلسل خلية واحدة، الذي يأخذ لقطة للجينات التي تعبر عنها كل خلية معوية ومقدارها. ويقول ماغنس: «الصورة التي نحصل عليها من كل خلية عبارة عن فسيفساء من جميع الأنواع المختلفة من الجينات التي تصنعها الخلايا وهذه التكملة من الجينات تخلق توقيعاً يخبرنا بنوع الخلية وما الذي تفعله، وهل هي خلية جذعية أم مخاطية أم خلية منتجة للهرمون أم خلية إشارات مناعية؟»، ويضيف: «لقد تمكننا من رؤية الاختلافات في أنواع الخلايا في جميع أنحاء الجهاز الهضمي بالكامل، ورأينا مستويات مختلفة من التعبير الجيني في نفس أنواع الخلايا من ثلاثة أشخاص مختلفين، وبدأنا في فهم سبب تشكيل بعض الناس سمية لبعض الأطعمة أو الأدوية والبعض الآخر لا».
مشاركة :