دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، خلال اتصال هاتفي، إلى اغتنام الفرصة الآن لإحياء الاتفاق النووي، وسط تفاؤل غربي بفرص التوصل إلى اتفاق في المفاوضات الجارية في فيينا. وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن ماكرون شدد خلال المكالمة التي استغرقت 90 دقيقة، مساء السبت، على "الحاجة الملحة إلى التوصل إلى اتفاق". وأعرب ماكرون عن "اقتناعه بأن المحادثات التي جرت بمشاركة نشطة من فرنسا وشركائها، جعلت من الممكن التوصل إلى حلّ يحترم المصالح الجوهرية لجميع الأطراف، مما من شأنه أن يجنب أزمة نووية حادة". وقال الرئيس الفرنسي إنه يتوجب على إيران الآن "اغتنام هذه الفرصة واتخاذ القرارات السياسية التي تتيح الحفاظ على اتفاق فيينا لمصلحة إيران والجميع". وهذا الاتصال الهاتفي بين ماكرون ورئيسي هو الثاني في أقل من شهر، حيث سبق أن حث الرئيس الفرنسي في الثلاثين من يناير الماضي إيران على اتباع نهج بنّاء في المفاوضات الدولية، من أجل تسريع الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق نووي. وتتوسط ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إلى جانب روسيا والصين، بين إيران والولايات المتحدة منذ شهور على أمل إنقاذ اتفاق عام 2015 المعروف باسم "خطة العمل المشتركة الشاملة". ويهدف ذلك الاتفاق إلى رفع العقوبات الأميركية عن إيران في مقابل عودة طهران إلى الامتثال لحدود برنامجها النووي. ويتمثل الهدف النهائي في منع إيران من تطوير أسلحة نووية. وكانت الولايات المتحدة انسحبت في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي من جانب واحد. ونتيجة لذلك، انتهكت طهران شروط الاتفاق. وقامت إيران، من بين أمور أخرى، بتخصيب اليورانيوم إلى مستوى لم يعد بعيدا عن قدرة التسلح. وقال رئيسي خلال الاتصال مع ماكرون إن "أي اتفاق في فيينا يجب أن يشمل إلغاء الحظر وتقديم ضمانات بناءة وإغلاق القضايا والمزاعم السياسية". وأكد رئيسي أن فريق بلاده المفاوض قدم العديد من المبادرات البناءة طوال المباحثات، كما ناقش الاقتراحات التي تقدمت بها سائر الأطراف، من حيث تطابقها مع مصالح الشعب الايراني، بحسب وكالة "إرنا" المحلية. وأضاف رئيسي أن الوفد الإيراني يسعى بشكل جاد لدفع مفاوضات فيينا إلى الأمام، وأن بلاده قدمت مقترحات بناءة خلال المفاوضات وقامت بدراسة المقترحات التي قدمتها الأطراف الأخرى. وأشار إلى أن الوفد الإيراني أعلن مرارا أنه يرحب بالمبادرات التي تلبي وتصون حقوق الشعب الإيراني، محذرا من أن "الضغوط أو المزاعم السياسية الهادفة إلى الاحتفاظ بأداة ضغط على الشعب الإيراني من شأنها أن تقوض فرص التوصل إلى اتفاق". وحذّر المستشار الألماني أولاف شولتز السبت، خلال مؤتمر ميونخ للأمن، من فشل مفاوضات إنقاذ الاتفاق النووي، داعيا الحكومة الإيرانية إلى تخفيف "حدة موقفها". ودعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خلال مشاركته في المؤتمر نفسه، الدول الغربية إلى استثمار الفرصة. وشدد عبداللهيان على تمسك بلاده بالحصول على ضمانات اقتصادية أميركية، ووعد بتفاوض مباشر مع واشنطن إذا رُفعت العقوبات. وكانت الولايات المتحدة أعلنت الخميس الماضي تحقيق "تقدم جوهري" خلال المفاوضات الجارية في فيينا لإحياء الاتفاق النووي. وأوضح المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أنه "إذا أبدت إيران جدية في هذا الشأن، فيمكننا ويجب أن نتوصل إلى تفاهم بشأن العودة المتبادلة إلى التنفيذ التام لخطة العمل الشاملة المشتركة (التسمية الرسمية للاتفاق النووي) في غضون أيام"، مضيفا أن "أي شيء يتجاوز ذلك بكثير، من شأنه أن يعرض لخطر كبير إمكان العودة إلى الاتفاق". ويعتقد خبراء أن أسابيع قليلة تفصل إيران عن امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي، حتى لو استغرق الأمر خطوات إضافية أكثر تعقيدا لصنع قنبلة فعلية. وفي حين أبدى الرئيس الأميركي جو بايدن عزمه على إعادة بلاده إلى الاتفاق مقابل عودة إيران إلى احترام التزاماتها، تخشى طهران أن تعمد إدارة أميركية مقبلة إلى الانسحاب مجددا من الاتفاق.
مشاركة :