فرز النفايات المنزلية مسؤولية مجتمعية ورافد اقتصادي

  • 2/21/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مع ازدياد حجم النفايات البلدية الصلبة المتولدة من القطاع السكني، وارتفاع إنتاج الفرد اليومي منها، يتوجب على الجمهور تحمل مسؤولياتهم تجاه البيئة والمجتمع بتقليل إنتاجهم من النفايات وإعادة تدوير النفايات المنزلية بأقصى درجة ممكنة، إلى جانب التعامل السليم مع ما تبقى من نفايات بالمنزل بفرزها وإرسالها إلى مناجم النفايات للاستفادة منها كمواد أولية في الصناعات الأخرى، وتحقيق الهدف الوطني بتقليل كمية النفايات المحولة إلى المطامر بنسبة 80 % بحلول 2030، وخفض معدل تولد النفايات البلدية الصلبة اليومية إلى 1.4 كجم / الفرد. وأصبح التعامل مع النفايات وفرزها جزءاً من تطور المجتمعات، لا سيما وأن فرزها من المنزل يساهم بتحقيق فائدة اقتصادية قصوى ويجعلها رافداً للاقتصاد عوضاً عن أن تكون عبئاً، ومصدراً لانبعاث الغازات الدفيئة كغاز الميثان، إلى جانب تأثيراتها على تلوث التربة والمياه الجوفية، والحياة البرية، وزيادة تعرض الإنسان للآفات الحاملة للأمراض كالبعوض والفئران. سالم البريكي سالم البريكي أكد سالم البريكي مدير إدارة سياسات ولوائح جودة البيئة في هيئة البيئة- أبوظبي، أن تزايد كميات النفايات البلدية الصلبة المتولدة من القطاع السكني بسبب الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي والسلوك الاستهلاكي للمجتمع، يؤكد أن هناك ضرورة ملحة تقع على عاتق القطاع السكني لاتخاذ الدور الإيجابي وتحمل المسؤولية المجتمعية للتعامل السليم مع النفايات المتولدة من هذا القطاع الحيوي. وقال البريكي: إن أهم هذه الأدوار التي تقع على الفرد تتمثل بالفصل السليم للنفايات لحظة تولدها (عند المصدر)، ويمكن فصلها إلى الأصناف التالية: - النفايات البلدية الصلبة القابلة لإعادة التدوير (الحاوية الخضراء). - النفايات البلدية الصلبة غير القابلة للتدوير (الحاوية السوداء). - النفايات المنزلية الخطرة (مثل البطاريات بما في ذلك بطاريات السيارات، وأنابيب / مصابيح الفلورسنت، ومصابيح الفلورسنت المدمجة أو المصابيح الموفرة للطاقة، وعلب المذيبات / الطلاء)، ليتم إرسالها إلى نقاط التجميع الموزعة في مختلف مناطق الإمارة. وتشير إحصائيات عام 2019، وفقاً للبريكي، إلى أن إجمالي كمية النفايات البلدية الصلبة المتولدة في إمارة أبوظبي بلغت 1.927.065 طن بزيادة قدرها 7.4% مقارنة بعام 2018، وتشكل ما نسبته 17.5% من إجمالي النفايات الصلبة غير الخطرة المتولدة عام 2018. فصل النفايات وأشار البريكي إلى أن فصل النفايات من المصدر يعتبر خطوة مهمة لتحسين ورفع نسبة إعادة التدوير واستعادة الموارد من النفايات البلدية الصلبة، حيث إن طرح النفايات البلدية الصلبة من القطاع السكني دون فرزها يجعل من الصعوبة إرسال هذه النفايات إلى منشآت إعادة التدوير وبالتالي تقليل فرص جذب الاستثمار في قطاع إعادة التدوير، ويجعل من الصعوبة تحقيق المؤشر الوطني الخاص بتحويل 75% من النفايات البلدية الصلبة عن مطامر النفايات عام 2025. تشريعات وأشار البريكي إلى أن «الهيئة» ضمن استراتيجيتها للأعوام 2021 - 2025 ركزت على إدارة النفايات وتشجيع الاقتصاد الدائري. ويعد تعزيز الإطار التشريعي والتنظيمي للنفايات أحد الأهداف الرئيسية لهذه الأولوية. وقال البريكي إنه استناداً للقانون المحلي رقم (21) لسنة 2005 بشأن إدارة النفايات بإمارة أبوظبي والقوانين الاتحادية ذات العلاقة، تقوم الهيئة بالعمل على إعداد لائحة للإدارة المتكاملة للنفايات تهدف إلى تنظيم وتحسين إدارة النفايات في الإمارة، من خلال تقليل النفايات المتولدة بكافة أنواعها وإعادة استخدامها، وتطبيق أفضل الأساليب والتقنيات المتاحة لتدوير النفايات ومعالجتها واسترداد الموارد والتخلص الآمن منها. بالإضافة إلى العديد من الأدلة الإرشادية التي تساعد مولدي النفايات الالتزام بأدوارهم ومسؤولياتهم تجاه إدارة نفاياتهم بشكل فعّال. أقصى فائدة وكشف مدير إدارة سياسات ولوائح جودة البيئة في هيئة البيئة - أبوظبي عن جهود جارية حالياً لإعداد وإصدار قرار بشأن فصل وجمع النفايات من مختلف القطاعات المولدة للنفــايــات بالتعـــاون مع مركـــز أبوظبـــي لإدارة النفايات وجميع الجهات المعنية في الإمارة، بما يساعد على تحقيق أقصى فائدة من إعـــادة استخــدام وإعـــادة التدوير واستعادة الموارد من النفايات، بالإضافة إلى السيطرة والحد من القطاع غير الرسمي للنفايات. وبشأن وجود قانون أو تشريع إلزامي لفصل النفايات من المصدر وتحميل الجمهور مسؤولية عملية الفصل من المنزل، أوضح البريكي أن القانون الاتحادي رقم (12) لسنة 2018 في شأن الإدارة المتكاملة للنفايات يخول هيئة البيئة - أبوظبي كونها السلطة المختصة في الإمارة، باتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة للتقليل من توليد النفايات البلدية الصلبة وفصلها عند المصدر من خلال توفير حاويات بألوان مختلفة وموحدة وإنشاء مراكز جمع النفايات. 3 أهداف وقال البريكي: إن هيئة البيئة - أبوظبي وضمن استراتيجيتها وضعت 3 أهداف رئيسية لتحقيق الإدارة المتكاملة والمستدامة للنفايات، وتتلخص الأهداف الثلاثة كما يلي: • تبني نهج متكامل لإدارة النفايات، وتنسيق الإجراءات عبر قطاع النفايات والأهداف المتتالية لدولة الإمارات. • وضع إطار تنظيمي محكم لدعم الاقتصاد الدائري والمعالجة السليمة بيئياً والتخلص الآمن من النفايات. • دعم الشركاء المعنيين لضمان جمع بيانات النفايات الدقيقة في الوقت المناسب. مؤشرات الأداء وأوضح أن «الهيئة» وضعت مؤشرات الأداء الرئيسية والمتوائمة مع المؤشرات الوطنية والتي تهدف إلى تقليل تولد النفايات البلدية الصلبة، والتشجيع على الاقتصاد الدائري من خلال إعادة الاستخدام وإعادة التدوير واستعادة الموارد للنفايات بدلاً من إرسالها إلى المطامر. بالإضافة إلى تنفيذ «الهيئة» العديد من البرامج والمبادرات وبرامج التوعية من خلال خططها السنوية وبالتعاون مع مركز أبوظبي لإدارة النفايات، الشريك الاستراتيجي لـ«الهيئة» وجميع الجهات المعنية في الإمارة. الفصل من المصدر أوضح الدكتور سالم الكعبي مدير عام مركز أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير» أن سياسة المركز خلال المرحلة الحالية تتمحور في توجه جديد قائم على توفير مراكز خاصة تساعد الجمهور على فرز النفايات وفصلها من المصدر، والتركيز على جانب التوعية ليكون الأفراد داعمين لهذا التوجه. وقال إن هدفنا في المرحلة الحالية إشراك القطاع الخاص في معالجة النفايات البلدية وأن يكون لهم مبادراتهم التحفيزية للأفراد لفصل النفايات من المصدر، كجمع وإعادة تدوير زيوت الطبخ أو الملابس والنفايات الإلكترونية أو البلاستيكية. رخص جديدة وأشار إلى أن «تدوير» أطلقت تطبيق لمعالجة النفايات الإلكترونية، وتطبيق آخر لتجميع ستة أنواع من النفايات التي يمكن إعادة تدويرها. كما تم منح تصريح لشركة خاصة لإعادة تدوير زيوت الطبخ، ومن المتوقع أن تبدأ شركة أخرى عملها فينفس المجال نهاية الربع الأول من العام الجاري، وستعمل هاتان الشركتان من خلال الاستعانة بتطبيق إلكتروني خاص بجمع الزيوت من الجمهور، كما تم ترخيص منشأة خاصة للنفايات الإلكترونية والتي بدأت عملها منذ العام الماضي. ودعا الكعبي الجمهور إلى الاستفادة من مناجم النفايات المنتشرة في عدة مواقع على مستوى إمارة أبوظبي وفرز النفايات من المصدر، مشيراً إلى أن «تدوير» تتجه خلال العام الجاري إلى زيادة عدد مراكز تجميع المواد القابلة لإعادة التدوير لتصل إلى 26 منجماً، في خطوة نحو إشراك أفراد المجتمع للمساهمة في عملية فصل النفايات من مصدرها، والمحافظة على بيئة صحية آمنة ومستدامة، علماً أن العدد الحالي للمناجم يبلغ 17 مركزاً لفرز النفايات. منشآت آمنة تأتي مراكز تجميع المواد القابلة لإعادة التدوير ترجمة للحرص المتزايد على توفير منشآت صحية وآمنة في كافة المناطق السكنية والتجارية، إلى جانب النهوض بالجانب الاقتصادي عبر الانتقال من صرف التكاليف المرتفعة إلى الاستفادة من النفايات المعاد تدويرها واستثمارها في مشاريع حيوية، إضافة إلى الدور الأساس والمهم في تسهيل عمليات الجمع والفصل جراء استخدام الحاويات المُقسمة لكافة أشكال وأنواع النفايات وآليات التخلص الآمن منها. ويتكون كل مركز لتجميع المواد القابلة لإعادة التدوير من سبع عشرة فتحة (تيارات)، كل منها مخصصة لنوع محدد من النفايات والمواد القابلة لإعادة التدوير كزيوت الطهي المستعملة، مخلفات إلكترونية صغيرة الحجم، مخلفات إلكترونية كبيرة الحجم، زجاج شفاف، زجاج ملون، عبوات معدنية، عبوات بلاستيكية، معادن، مطاط، أخشاب، قماش، ورق، الورق المقوى، النفايات المنزلية الخطرة، بطاريات مستعملة، أدوية منتهية الصلاحية. تطبيقات ذكية وتقدم شركة E-CYCLEX خدمة إعادة تدوير ستة أنواع من النفايات المنزلية، وفق ما أوضح موظف قسم التسويق في الشركة، الذي أشار إلى أن الشركة طرحت مؤخراً تطبيق «RELOOP» الذي من خلاله يمكن لأفراد المجتمع أن يكونوا فاعلين في عملية فرز النفايات من المصدر، حيث يتطلب من كل شخص معني بإعادة تدوير النفايات التي لديه في المنزل تحميل التطبيق، وفرز النفايات بشكل ذاتي، واختيار اليوم المتاح لتسلم النفايات المفروزة مقابل 25 درهماً عن كل مرة يتم فيها جمع النفايات. وبين أن الهدف من التطبيق تشجيع الناس على الاستفادة من النفايات التي لديهم في المنزل بأقصى درجة ممكنة، وفي حال تبقى لديهم نفايات، إما أن يقوموا بفرزها ووضعها في مناجم إعادة التدوير التابعة لمركز تدوير بشكل ذاتي، أو بتحميل التطبيق والطلب من فريق RELOOP أخذ النفايات وتوزيعها على الشركات التي تقوم بإعادة التدوير حسب نوع النفايات. وأوضح أن النفايات التي يمكن إعادة جمعها من الأفراد هي ستة أنواع، تتمثل في نفايات البلاستيك، النفايات الإلكترونية، أوراق، زجاج، معادن والملابس. ولفت إلى أن التطبيق يفيد الأفراد في توعيتهم أيضاً بكيفية الاستفادة من النفايات التي لديهم وإعادة تدويرها ذاتياً في المنزل. وأوضح سيد محيي الدين مدير تطوير الأعمال في شركة geocycle أن فرز النفايات من المصدر يساهم في حفظ المصادر الطبيعية، وتقليص كمية النفايات المحولة للمطامر، وتقليص الضغط على مكبات النفايات، وتشجيع الأفراد على الحفاظ على البيئة، وفتح قنوات جديدة للاستثمار وإنتاج مواد معاد تدويرها. وبين أن كل شخص يجب أن يشارك في عملية فرز النفايات من المنزل، لا سيما وأن النفايات الصلبة تعتبر مصدراً لمواد خام يمكن أن تستخدم في إنتاج الطاقة وصناعات أخرى متعددة، وتجعل من عملية الفرز وإعادة التدوير أسهل وذات جدوى اقتصادية أعلى. ويرى أن على شركات القطاع الخاص دور كبير لتحفيز الأفراد على فرز النفايات من المصدر، وذلك من خلال تقديم حوافز مقابل النفايات المفروزة التي يحصلون عليها، لا سيما أن عدم فرز النفايات من المنزل يحول دون الاستفادة الكاملة من أنواع النفايات كافة. البداية من المنزل أكدت فادية حمدان أن الفرز لا بد أن يبدأ من المنزل وتركيز الجهود على توعية النشء بثقافة الفرز والاستفادة من النفايات التي لديهم بإعادة تدويرها والاستفادة منها من خلال القيام بالأعمال الفنية. وقالت: للمدرسة والأهل دور كبير في تعزيز سلوك فرز النفايات من خلال النشاطات المختلفة القائمة على فكرة إعادة التدوير والاستفادة من النفايات التي لديهم. وترى بيان صالح أن هناك العديد من الوسائل المتاحة التي تساعد الأفراد على فرز النفايات، ومنها وجود الحاويات الملونة حسب نوع النفايات، على امتداد كورنيش أبوظبي وفي مراكز التسوق، بالإضافة إلى وجود مناجم فرز النفايات التي يمكن من خلالها وضع النفايات بعد فرزها في هذه المناجم. وأكدت أن عملية الفرز من المنزل ليست بالأمر الصعب، وذلك بفصل نفايات الأطعمة عن النفايات التي يمكن إعادة تدويرها كالنفايات الإلكترونية، أو زيوت الطبخ، أو النفايات البلاستيكية، بما يتيح الاستفادة منها بأقصى درجة ممكنة. وتؤكد أن ثقافة الفرز أمر في غاية الأهمية، ويجب أن يرافقه استخدام واع ومتفكر لكافة أنواع النفايات خلال حياتنا اليومية والتقليل بأكبر قدر ممكن من حجم النفايات التي ينتجها كل فرد، والتصرف بمسؤولية تجاه البيئة والموارد الطبيعية.

مشاركة :