قصيدة – الشيخ والغزالة للشاعر حميد سعيد

  • 2/22/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قصيدة –الشيخ والغزالة للشاعر حميد سعيد حسن حمادي الساعدي الحلم الأبيض وعنفوان الغربة سأشير بوجيز الكلمة الى ما قرأتهُ في قصيدة الشيخ والغزالة للشاعر حميد سعيد..وهنا يصار الى رؤية ذات طابعين أوّلهما : أنّها عرض لما طرحه في ديوانه- ما تأخر من القول – عموماً . ، وفي هذه القصيدة من آراء قرأت بعضها في قصائد اخرى من الديوان نفسه ، وثانيهما : أن له القدرة العالية في تجاوز ما كتب برؤية جديدة ، فتح فيها منافذ الابداع في القيمة الأنسانية للشعر بإعتباره بديلا جمالياً للعين أن تراه وأن يتحسسه الاخرون بروح الملهم لميدان العشق الحياتي بكل ما فيه مفعم بالصدق والوفاء ..ولما يراه مغايراً للزمن الذي يعيشه ويراه بتحدٍّ كبير خلال سنيّ عمره المتوالية .. فمنذ صباه وحتى صيرورته رجلاً له قيمة كبيرة ومكان ..، كانت غزالته ونحسبها – المدينة الاولى ، أو الوطن ، .. تفتح باباً ربما تتجلى فيه تجارب كل الأعوام ، إذ ينعم ببعضها بالدفء وأطايب الشذى ، أو في قسوة الزمن المتغير في حين وحال .. ما انفكت تدفعه رياحها بقوة الى غير الاتجاه الذي يريد ، عاش مكابدات تم ترويض بعضها بصبر وأناة ، وحوّل بعضاً منها الى ثبات بإتجاه الرفض المطلق لأوجاعها ومتغيراتها اللاانسانية ..انه في دائرة تراجيدية الزمان والمكان ..، فكلما تذكر غزالته نأى عن حقيقة ما يقع امامه الى صوب ما كان في فتوته وصباه منذ كانت تغمره في شذاها، وهو لما يزل يقدّس فيها حبها واسمها كما هو اسمه وهويته الإنسانية ، فترفده بأطايب حبها وإن نأى عنها غريباً في المكان.! ونؤكد أنها قدره المهيمن على خطاه , هي الحبٌّ والرغبة المشتهاة وهو عصفورها في دفئها والحنان ، وفي نظرة نتأمل فيها النص الابداعي ، تبزغ ومضات فلسفة مُثلى وتحليل كمّ من الآثار النفسية التي طبعها الواقع المرّ والزمن التراجيدي بتقلباته ، وما اكتنفه من انطباعات لما يتمتع به من شخصية شعرية إنسانية لها صدارتها ، فهو انسان تتخلله رؤيا حلمية أحياناً تتجذّر في جوهر كلماته وتشطر بعضاً من مفرداتها حبّاً بمثل ما يعتصره ألم الغربة والمكان .. و لاضير ، فتلك المفردات إنما هي استجابة روحية لمؤثر نفسيّ عميق عمق ما احاط به من مترادفات هي نقائض غير متجانسة وجراحٌ طالت جسده وهو في هذا العمر المتقدم وإن كانت مختزلة بتكثيف نوعي لغوي ٍ ومعنى دون افاضة .. فقد أجمل فيها ما يبتغيه بذكاء شاعر كبرتْ فيه التجارب وكبر بها عن قوة تتمحور بما حوله لئلا تدور به الى غير الاتجاه الذي يريد …! مؤثرات فكرية فتلك العناصر هي مؤثرات فكرية ، أراها صادقة كشاعريته التي وهبها لغزالته في قصيدته ، تبدأ من نقطة الانطلاق الاولى (الصِّبا والشباب) حتى بلوغه السنّ الذي هو في مداره الآن ، بتجربته الخلاقة المبدعة , كونه يهيم احياناً في نهر من العواطف النبيلة ، تحتدم فيها صراعات شتى تميزت بمنحنى انساني خاص وإن تخللتها مفردات في مقاطع أشبه ما تكون منطلقات تنظيرية لفظاً ومعنى ، تدخل مؤشراتها بقوة في محطات الرؤية الإبداعية النافذة لتجسيد الإشكالات التي يواجهها باختياره السليم وضمن المفهوم الدلالي الذي تقاطع فيه مع الانقلاب الزمني ومتغيراته في مكان الاغتراب .. مثلما نرى أن الحب الحقيقي المعلن والمخفي لما أحب وما زال في دومته يصطلي..”في بيتها يجد عناق الدفء والحنان . فلا حياة بدونها ابداً ولا جمال ولا مسرات،  وكنتيجة لتجربته على طول مدى سنوات عمره والأحداث التي واكبها منذ منفاه الأول لمدينة السليمانية ذات القمم الثلجية التي لم يألفها من قبل نجده يهتم كثيراً للإستجابة الذاتية والتحليل النفسي الانساني اللذين يضعانه في سياق متفرد مع كبار شعراء العصر على الساحتين الإقليمية والعالمية.. شاعراً كبيراً بتجربته وثقافته ونزوعه الإنساني اللامحدود.. “الغزالة تفتح باباً على الريح / توقظهُ حين يغفو/ وتُدخله في شذاها/ يراها كما هي منذُ رآها…فأيّ ريح هذه التي تأتيها وتمرّ به من بابها..؟ أهي ريحُ السواقي القاتلة أم هي ريح تذروه بنسائم العواطف والاخلاق النبيلة والحبّ البرئ..؟ وهنا يفاجئنا سياق النسق العام للقصيدة بتحديد هدف الإرسال لعالم تحددت ملامحه عن معنى قصصي بعيد، وليس في محدودية الإطار الوصفي للحدث ، أي تعدد عناصره المبتكرة التي أحكمَ صِلتها بموضوعة حبّه وأسلوبيه الربط اللَّذين يجعلانه يقدّم بالتحليل الدلالي رسالة ذات خصوصية لغوية شفافة بنعومة الوصف ودقة التعبير الدلالي في القصيدة وشرطاً توضيحياً لها ، أكسبها الرداء الذي تجاذبتهُ التجارب الكبيرة في ميدان الحزن والفرح ، إذْ ارتقي في سلمّ الفكر والسياسة والأدب وحتى على صعيد مؤثر الاصدقاء ، تميزت نصوص قصائده بما فيها نصّ هذه القصيدة –الشيخ والغزالة- بأنها تؤدي وظيفتها الجمالية بقدر ما تؤدي الوظيفة الإجتماعية الانسانية في سياق التحام الفكر واللغة في قوة التعبير الشعري واللحمة الفنية بسلاسة الأداء ، وقد أحكمَ في صياغته الجسر الموصل بين الاستدلال وحالة الإتصال ، بعيداً عن التقليد والتأويل ..وبهذا المرتقى حسم المعنى الجدلي لمفهوم الشعر المتّسم بحداثة الكتابة والرؤية ببصيرة متلقٍ ومتابع لحركة الشعر ، فيما خلق إيقاعاً منسجماً بين الجملة الشعرية وماً يعتمرها من معنى… “وهل يعود الى صباه اذا التقى غزالته.. لقد كبرا ..؟! نعم، كبرا في الجسد لا في الروح وهذا لا ينقص من ميزان رؤيته الاولى والتي ما يزال يراها، كما هي منذ رآها فتىً يبارك ما خبّأَ الصمت منذ رآها في ثالوثها.. الحبّ والحبّ..والحبّ .. كما النهر يفيض خيراً وجمالاً ونماءاً على شاطئيه، يطلع مبتدئاً بالرفقة وينتهي محترقاً بلهيب ثالوثها الأبدي ، ولولا ذلك لما ابتدأ الصباح صباحاً بالشروق ولا كانت الشوارع في مدينته كما يريد أن تكون حدائقها مكاناً لليمام …. وهو الآن يطوف في بيته الأول تحت غلالة الحلم البيضاء..! هو مبدع في الوصف والتوصيف لما يكتب ويرى ..حقاً , أقرب الى ما قاله “الخليل” ..إنه من امراء الكلام…

مشاركة :