مع إعلان البيت الأبيض عن حظر الاستثمار والتجارة والتمويل الجديد من قبل الأميركيين من وإلى المنطقتين الانفصاليتين بشرق أوكرانيا ، اللتين اعترف بهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ككيانين مستقلين يوم الاثنين، تترقب الأسواق توسيع نطاق العقوبات لتشمل روسيا بشكل أوسع. قائمة العقوبات المحتملة تطول، لكن هنا بعض هذه العقوبات التي قد تُحجِّم اقتصاد روسيا بشكل لم تشهده منذ الحرب الباردة. لعل أكثر العقوبات ضررا سيكون حظر تصدير الرقائق الإلكترونية، ما يعني منع روسيا من الحصول على آخر التكنولوجيا، خصوصاً الأميركية منها، وبالتالي إعاقة تقدمها في هذا المجال. وطلب البيت الأبيض من مصنعي الرقائق في الولايات المتحدة الاستعداد لقيود جديدة على الصادرات الأميركية إلى روسيا. هذا الأمر يعيد موسكو إلى الوراء، إلى زمن الحرب الباردة، عندما فرضت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى عقوبات تكنولوجية صارمة على الاتحاد السوفيتي، أبقته في حينها متخلفاً على اللحاق بالتكنولوجيا العالمية. الأمر الثاني الذي قد تحاصره الدول الكبرى هو النظام المصرفي الروسي، حيث يمكنها عزل البنوك الروسية عن عالم المال عن طريق فصلها عن النظام المالي سويفت SWIFT الذي يسمح لها بإرسال وتلقي الأموال من أي مكان في العالم. وفعلياً، هذا النظام تعمل من خلاله أكثر من أحد عشر ألف مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة. وللتذكير هنا أنه في عام 2014 عندما قامت موسكو بمغامرة شبيهة وضمت شبه جزيرة القرم إليها، طورّت نظاماً بديلاً لـ SWIFT خاص بها يعرف بـ SPFS تخوفا من عزلها مالياً. لكن النظام الروسي محدود القدرات في إرسال واستلام الأموال، ويعمل فقط في أيام العمل الأسبوعية، كما واجه صعوبة في جذب اهتمام المتعاملين الأجانب. وقد يكون تردد الدول الكبرى باللجوء إلى قطع روسيا من نظام سويفتSWIFT في السابق، بسبب تداعيات هكذا خطوة على البنوك الغربية، إذ أن فَرض هذه العقوبة سيَضر بالدرجة الأولى بالولايات المتحدة وألمانيا لأن مصارف هاتين الدولتين من أكثر مستخدمي سويفت مع البنوك الروسية، وفقًا لمعهد كارنيغي موسكو. الأمر الآخر في العقوبات هو في زيادة محاصرة العملة الروسية، فالولايات المتحدة سبق لها أن منعت تحويل الروبل الى الدولار وعملات أخرى، بمعنى أنها عزلتها عن نظام الصرف العالمي. العقوبات المتوقعة أيضاً هي تشديد القيود القائمة على السندات الروسية من خلال حظر المشاركة في السوق الثانوية. وهنا يكمن خطر كبير على موسكو حيث سيمنعها ذلك من الحصول على تمويل لمشاريعها المستقبلية وبالتالي إضعاف النمو الاقتصادي. وهناك قيود مفروضة على السندات الروسية منذ 2015 أدت إلى تخفيض الديون الخارجية لروسيا بنسبة 33% منذ مطلع 2014 وحتى الربع الثالث من 2021 إلى نحو 490 مليار دولار. وظاهرياً قد يبدو ذلك جيداً لكنه فعلياً يمثل حرمانا للروس من الأموال الخارجية. وتأتي التوترات بين روسيا والقوى الدولية في وقت مهم لمشروع نورد ستريم 2 الذي ينتظر الموافقات التنظيمية لتشغيله وقد هددت ألمانيا بتعطيله إذا هاجمت روسيا أوكرانيا. ويمكن فرض عقوبات وتجميد أصول أشخاص معينين وحظرهم من السفر.
مشاركة :