التوتر حول أوكرانيا يدفع أسعار النفط قرب 100 دولار للبرميل

  • 2/22/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لندن - أشعلت التوترات الجيوسياسية المتعلقة بالأزمة الأوكرانية مع التطورات المتسارعة بعد اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا وقرار ألمانيا بتعليق المصادقة على مشروع 'نورد ستريم 2' لنقل الغاز، أسعار النفط في العالم حيث اقترب سعر خام برنت المرجعي اليوم الثلاثاء من عتبة الـ100 دولار وهو أول ارتفاع قياسي لأسعار النفط منذ نحو سبع سنوات، بينما يتوقع أن تسجل أسعار الغاز أيضا ارتفاعا قياسيا وسط مخاوف من اضطراب كبير في إمدادات الطاقة للعالم. وارتفع سعر برميل نفط بحر الشمال تسليم أبريل/نيسان بنسبة 3.77  بالمئة إلى 98.97 دولارا، بعدما وصل إلى 99.50 دولارا للبرميل في وقت سابق الثلاثاء. وفي نيويورك، ارتفع سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط تسليم مارس/اذار بنسبة 4.86 بالمئة إلى 95.50 دولارا وبالتالي سجل سعرا النفط المرجعيان مستوى قياسيا جديدا منذ نحو 7 سنوات. واختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدي الغرب وأمر قواته بدخول الأراضي الانفصالية في شرق أوكرانيا ما أدى إلى انعقاد اجتماع طارئ لمجلس الأمن ليل الاثنين الثلاثاء في محاولة لتجنب اندلاع حرب مع كييف. وأوضحت المحللة لدى مجموعة "إنتراكتيف إنفستور" فيكتوريا سكولر أن "تصعيد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا أثار مخاوف بشأن اضطراب الإمدادات حيث قد تؤدي العقوبات بإصابة روسيا بالشلل" فيما هي ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم. ودعت أوكرانيا الثلاثاء الغرب إلى اتخاذ "عقوبات صارمة" ضد روسيا التي اعترفت في اليوم السابق باستقلال منطقتين انفصاليتين مواليتين لروسيا في شرق البلاد. وأعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل أن الاتحاد الأوروبي سيقرر العقوبات الأولى على موسكو الثلاثاء. وأضافت سكولر "ليست التوترات الجيوسياسية وحدها التي تدفع نحو هذا الاتجاه الصعودي لأسعار النفط بل إن أسس طلب قوي في فترة ما بعد الجائحة إلى جانب عرض مقيد من أوبك+" تواصل دعم ارتفاع الأسعار. وقال إيبيك أوزكارديسكايا المحلل في شركة "سويس كوت"، "هذا أسوأ تصعيد منذ الحرب الباردة"، بينما قال نيل شيرينغ المحلل في كابيتال إيكونوميكس "من المرجح أن يكون التأثير الأكبر على أسعار السلع الأساسية". وأوضح الوسيط التجاري لدى 'ماريكس' آل مونرو أن الألمنيوم والنيكل من المعادن "التي تعتمد على المعروض الروسي" قد ارتفعت أسعارها بشكل كبير مع "التهديد الذي يواجهه الإنتاج الروسي". وقد وصل سعر طن الألمنيوم إلى 3.380 دولارات الثلاثاء في سوق المعادن الأساسية في لندن (بورصة لندن للمعادن). كما سجل النيكل رقما قياسيا جديدا وقد جرى تداول طن من النيكل عند 24.925 دولارا، وهو سعر لم يصل إليه هذا المعدن منذ أغسطس/اب 2011. وقال نيل شيرينغ "من المرجح أيضا أن ترتفع أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي أكثر" إذ تُعتبر روسيا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم. وتنذر التطورات الأخيرة بارتفاع أكبر في أسعار الطاقة خاصة الغاز حيث تعتبر روسيا من بين اكبر مصدري الغاز في العالم في الوقت الذي أعلنت فيه قطر وهي منتج كبير للغاز أنه لن يكون بمقدورها تعويض الفجوة المحتملة في الإمدادات الروسية. وقال وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد الكعبي إن "حجم إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا في الوقت الحالي لا يمكن تعويضه من أي دولة"، مضيفا في مؤتمر صحفي عقب قمة منتدى الدول المصدرة للغاز "بشكل عام، عندما نتحدث عن الوضع في أوكرانيا أو في أوروبا، يتردد كثيرا بأن الغاز القطري يمكن أن يحل محل الغاز الروسي. لقد ذكرت بالفعل في هذا الصدد أن 30 إلى 40 بالمئة من الإمدادات إلى أوروبا تأتي من روسيا. أعتقد أنه لا يمكن لأحد استبدال روسيا في هذا الصدد". وتابع "لسوء الحظ ليس لدينا حتى الآن مثل هذه الكميات من الغاز الطبيعي المسال التي توجد في العقود طويلة الأجل وبالتالي فإن ذلك مستحيل"، موضحا أن الدول المنتجة للغاز لا توافق على فرض عقوبات اقتصادية على أي من الدول الأعضاء بالمنتدى خارج إطار الأمم المتحدة. وتأتي تصريحات الوزير القطري بينما كانت المفوضة الأوروبية للطاقة كادري سيمسون قد شددت قبل ذلك على وجوب عدم الاعتماد على إمدادات الطاقة الأجنبية إلى دول الاتحاد، مضيفة أن المفوضية الأوروبية تدرس سيناريوهات مختلفة لإمدادات الغاز في إذا قامت روسيا بتقييد صادراتها جزئيا أو كليا إلى أوروبا. وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قد أعلن في وقت سابق الثلاثاء تعليق المصادقة على خط أنابيب الغاز الطبيعي (نورد ستريم 2) بعد أن أعلنت روسيا الاعتراف رسميا بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا. وقال شولتس في مؤتمر صحفي مع نظيره الأيرلندي "يجب علينا أن نعيد تقييم الوضع، وخاصة ما يتعلق بمشروع نورد ستريم 2"، مضيفا أن وزير الاقتصاد سيعيد النظر في عملية منح الترخيص للمشروع نظرا للخطوات الروسية". وردا على القرار الألماني هددت روسيا أوروبا بأسعار غاز مرتفعة جدا، وسط توقعات دولية كذلك بأن أسعار الغاز المسال سترتفع إلى مستويات قياسية في ظل الأزمة الراهنة. وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف في تغريدة عبر تويتر ردا على القرار الألماني بالقول "حسنا مرحبا بكم في العالم الجديد الشجاع حيث سيدفع الأوروبيون قريبا 2.000 يورو مقابل 1.000 متر مكعب من الغاز الطبيعي". وانتهى انجاز خط الأنابيب (نورد ستريم 2) البالغ طوله 750 ميلا في سبتمبر/أيلول الماضي لكنه لم يتلق بعد الشهادة النهائية من المنظمين الألمان ويعني هذا أنه لا يمكن تدفق الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا. ويتوقع أن ينتج مشروع نورد ستريم 2 حوالي 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ما يمثل أكثر من نصف استهلاك ألمانيا سنويا بإيرادات تقدر بنحو 15 مليار دولار لشركة 'غاز بروم' الروسية الحكومية. وكان هذا المشروع محل جدل واسع وسط اعتراضات من كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وأوكرانيا منذ الإعلان عنه قبل نحو سبع سنوات. وترى هذه الدول أنه سيزيد من النفوذ الروسي في أوروبا ويضع الأوروبيين تحت رحمة موسكو التي قد توظف الغاز في الضغط على الاتحاد الأوروبي في قضايا خلافية كأن تقطع الإمدادات عنه. وتأتي هذه التطورات في أعقاب ردود فعل غربية واسعة على قرار روسيا الاعتراف بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا وإقرار مجلس الشيوخ الروسي استخدام القوة العسكرية في شرق أوكرانيا. ويتيح الاعتراف الروسي بانفصال منطقتي دونيتسك ولوغانسك المواليتين لموسكو، تحريك القوات الروسية بدعوى حماية آلاف السكان في المنطقتين. وأدان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نشر قوات في المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، معتبرا أن هذه الخطوة هي "ذريعة لشن هجوم شامل". وقال "عبر إنكار شرعية أوكرانيا كدولة وتصوير وجودها على أنه تهديد مميت لروسيا، يضع بوتين أسس ذريعة من أجل شن هجوم شامل"، فيما أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس أنها أعطت توجيهات باستدعاء السفير الروسي بالمملكة المتحدة. وكتبت على موقع تويتر "أعطيت توجيهات باستدعاء السفير الروسي لشرح ما قامت بها روسيا من انتهاك للقانون الدولي واستخفاف بسيادة أوكرانيا". واتخذت الحكومة البريطانية إجراءات عقابية بحق روسيا تشمل تجميد أصول خمسة بنوك روسية وفرض عقوبات على أشخاص تقول إنهم مقربون من الرئيس الروسي، في الوقت الذي يدرس فيه الإتحاد الأوروبي فرض حزمة عقوبات على موسكو تستهدف المصارف والوصول إلى الأسواق. كما استدعت النمسا الثلاثاء السفير الروسي، معتبرة القرار الروسي "انتهاكا خطيرا لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، تدينه النمسا بقوة". سنغافورة - رجح محللون وتجار أن ترغم التوترات المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، الدولتين الكبيرتين المنتجتين للحبوب في العالم، مشتري القمح والذرة وزيت دوار الشمس على البحث عن شحنات بديلة، وهو ما يرفع أسعار الأغذية العالمية التي تقترب بالفعل من أعلى مستوياتها منذ سنوات طويلة. وتدنت الأسعار بقوة في أسواق الأوراق المالية العالمية في حين قفزت أسعار النفط اليوم الثلاثاء، بينما صار الجناح الشرقي من أوروبا على شفا الحرب بعد أن أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته بدخول منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا. وفي حين تسهم الدولتان بنحو 29 بالمئة من صادرات القمح العالمية و19 بالمئة من إمدادات الذرة في العالم و80 بالمئة من صادرات زيت دوار الشمس، يخشى التجار أن تؤثر أي اشتباكات بين جيشي البلدين على حركة الحبوب وتدفع المستوردين للبحث عن بدائل للإمدادات القادمة من منطقة البحر الأسود. وقفزت مبيعات القمح الآجلة في شيكاغو بنسبة تزيد على 2 بالمئة اليوم الثلاثاء وارتفع سعر الذرة مسجلا أعلى مستوى منذ سبعة أشهر وارتفع أيضا سعر فول الصويا. وزادت أسعار السلع الثلاث ومكونات الأعلاف بنسبة تصل إلى 40 بالمئة بالمقارنة بمستوياتها المتدنية في 2021، وكان السبب في زيادتها نقص الإنتاج العالمي وزيادة قوية في الطلب. وقال فين زيبل خبير تجارة المحاصيل في بنك أستراليا الوطني "الاضطرابات في الإمدادات من منطقة البحر الأسود ستؤثر على مجمل الإمدادات العالمية... سيبحث المشترون في الشرق الأوسط وأفريقيا على مصادر بديلة". وكان نحو 70 بالمئة من صادرات القمح الروسية قد ذهب إلى مشترين في الشرق الأوسط وأفريقيا في 2021 بحسب بيانات رفينيتيف للشحن. ويقول تجار إن تصاعد التوتر دفع بعض المشترين لتحويل سفنهم لموردين آخرين خوفا من أن يتسبب اندلاع حرب في تأخر طويل في الشحن. وقال تاجر يعمل في سنغافورة "السفن تتجنب دخول البحر الأسود بسبب خطر الحرب... اضطراب الإمداد بدأ بالفعل". ومن الممكن أن يتسبب نقص الإمدادات من منطقة البحر الأسود في زيادة الطلب على القمح من الولايات المتحدة وكندا. وتحوم أسعار الأغذية العالمية بالفعل حول أعلى مستوياتها منذ عشر سنوات بسبب قوة الطلب على القمح ومنتجات الألبان، بحسب ما أورده برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في أواخر العام الماضي.

مشاركة :