تصرفت صحيفة ((وول ستريت جورنال))، الناقدة التقليدية للصين، في الآونة الأخيرة على عكس طبيعتها ومنحت بعض الاعتراف لـ “سياسة صفر كوفيد الديناميكية” للصين. وخلصت الصحيفة في مقالة بعنوان “سياسة ‘صفر كوفيد’ الصينية تحمل دروسا للدول الأخرى”، فيما يمثل سلالة نادرة من تقارير وسائل الإعلام الغربية عن الصين، بشيء من الموضوعية والعقلانية إلى أن “نجاح الصين” يحمل دروسا للغرب، ولاسيما الولايات المتحدة. ورغم أن المقالة نفسها تستحق الدراسة بالتأكيد ويمكن أن تقدم للغرب إرشادات للخروج من مستنقع الوباء، إلا أن ما وراء “التحول غير الطبيعي” في موقف صحيفة ((وول ستريت جورنال)) بشأن الصين يمثل أيضا نقطة تستحق التأمل. بادئ ذي بدء، لقد سلطت الصحيفة الضوء على منجزات بكين التي لا مراء فيها فيما يتعلق بمكافحة كوفيد-19– حالات الوفيات والاستشفاء في الصين أقل بكثير من المتوسط العالمي وسط الوباء المستعر. وقد كان للصين السبق في التعافي الاقتصادي، الأمر الذي بث الحيوية والثقة على نحو مستمر في الاقتصاد العالمي. وفي ضوء الحقائق الدامغة، اعترفت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) بأن سياسة “التطهير االديناميكي” للصين فعالة و”تحمل دروسا” للدول الأخرى. ثانيا، كشفت الصحيفة النقاب عن العقلية المشوهة للرأي العام الغربي تجاه الصين. وأقر التقرير بأنه من الصعب على الغربيين “تقييم استجابة الصين لكوفيد-19 بطريقة موضوعية”، وأن التوتر الجيوسياسي مع الصين “يميل إلى تشويش منجزات الصين ودروسها” بالنسبة للدول الغربية. “كل سياسات الصين ليست ديمقراطية” و”كل ما تقوم به الصين جيدا يجب أن ينطوي علي مشاكل”– بمثل هذه العقلية المتعصبة، عمدت بعض وسائل الإعلام الغربية منذ فترة طويلة إلى تجاهل الحقائق وعدم إدخار أي جهد للتشهير بالصين والهجوم عليها. فغالبا ما يتم قمع الأصوات التي تعكس الحقيقة. وقد انتقد الرياضي الأمريكي آرون بلونك الذي جاء إلى الصين للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين مؤخرا بعض وسائل الإعلام الأمريكية لقيامها بنشر “أخبار كاذبة” حول منجزات الصين في مكافحة فيروس كورونا الجديد. وقال بلونك “في الواقع، قامت (الصين) بعمل ممتاز فيما يتعلق بالعمل الوبائي بالكامل”. ثالثا، اعتبرت الصحيفة حملة الولايات المتحدة لمكافحة الوباء فشلا ذريعا. ومنذ تفشي الوباء، احتلت الولايات المتحدة المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد الحالات وعدد الوفيات، ولا يزال مئات الأمريكيين يموتون بسبب كوفيد-19 كل يوم. وأدى الانتشار المستمر للمرض في الولايات المتحدة إلى نقص ما في العمالة، مما أدى إلى تراكم هائل للبضائع في الموانئ وتعطل سلاسل التوريد وتفاقم ارتفاع الأسعار. واستشهدت الصحيفة بدراسة أجرتها مجلة ((ذا لانسيت)) الطبية قائلة إن ثقة الناس بالحكومة هي التي تسببت بالاختلافات في نتائج جهود البلدان فيما يتعلق بمكافحة الوباء. وأضافت أنه “كلما زادت ثقة المواطنين بالحكومة أو بعضهم البعض، زادت فعالية تعامل الدولة مع كوفيد-19″، مشيرة إلى “ارتفاع مستوى الثقة بالحكومة في الصين وانخفاضه في الولايات المتحدة”. لقد أثبتت الحقائق والأرقام فعالية وجدوى “سياسة صفر كوفيد الديناميكية” التي تنتهجها الصين. وتحتاج الولايات المتحدة إلى التخلص من تحيزها الأيديولوجي وفرض تدابير فعالة لمكافحة كوفيد من خلال الاستفادة من تجربة الصين. كلما تعاملت واشنطن بشكل أسرع، قل عدد الأمريكيين الذين يموتون بسبب العامل الممرض.
مشاركة :