هل تردع العقوبات الغربية بوتين عن غزو أوكرانيا

  • 2/23/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يشكك محللون في جدوى العقوبات الغربية ضد روسيا والتي تم اتخاذها الثلاثاء عقب اعتراف موسكو باستقلال دونيتسك ولوغانسك، إذ لم تنجح العقوبات السابقة عندما غزت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014 وجورجيا في 2008 في تحسين سلوك الرئيس فلاديمير بوتين. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا استهدفت البنوك التي تمول عمليات روسيا في الأراضي التابعة للانفصاليين في أوكرانيا ووصول موسكو إلى الأسواق المالية الأوروبية. وأفاد بيان لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن العقوبات ستشمل وضع مسؤولين على القائمة السوداء واستهداف التجارة مع المنطقتين الانفصاليتين. وجاء في البيان أن “الاتحاد الأوروبي يستعد لتبني إجراءات إضافية في مرحلة لاحقة إذا لزم الأمر في ضوء تطورات إضافية”. وفصّل البيان أربعة مجالات ستستهدفها حزمة العقوبات الأولى بيتر كوي: من غير الواقعي الاعتقاد بأن فرض عقوبات سينجح وقال إنها ستستهدف “الأشخاص المتورطين في القرار غير الشرعي” بالاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين و”التجارة من المنطقتين الانفصاليتين من وإلى الاتحاد الأوروبي”، كما أنها ستستهدف البنوك التي “تمول الجيش الروسي وعمليات أخرى في هذه الأراضي”. وأكد أنها “ستستهدف قدرة الدولة والحكومة الروسية على الوصول إلى رؤوس أموال الاتحاد الأوروبي والأسواق والخدمات المالية، للحد من تمويل السياسات التصعيدية والعدوانية”. وقال زعيم الحزب القومي الحاكم في بولندا ياروسلاف كاتشينسكي الثلاثاء إن العقوبات المفروضة على سياسة موسكو تجاه أوكرانيا يجب أن تطال الرئيس بوتين والمسؤولين الروس بشكل مباشر. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء أن بلاده ستفرض عقوبات على خمسة بنوك روسية وثلاثة “أفراد أثرياء”، محذرا من “أزمة طويلة الأمد” في أوكرانيا. وفي واشنطن أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن مرسوما الاثنين يحظر أي تعامل للأميركيين مع المناطق الانفصالية، في ما يمثل الحد الأدنى من العقوبات. واعتبر البيت الأبيض الثلاثاء انتشار قوات روسية شرقي أوكرانيا بمثابة “غزو”، بعد أن كان يحجم عن استخدام هذه الكلمة، ما يمهد الطريق أمام فرض عقوبات قاسية ضد موسكو. وقال جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي “نعتقد أن هذا بداية لغزو، غزو روسيا الأخير على أوكرانيا. الغزو هو غزو وهذا ما يجري الآن”. وقال مسؤول أميركي، فضل عدم الكشف عن هويته، إن البيت الأبيض قرر بدء الإشارة إلى تصرفات روسيا على أنها “غزو” بسبب الوضع على الأرض. وتزامنا مع إعلان الغرب لحزمة عقوبات، وافق مجلس الاتحاد الروسي الثلاثاء على إرسال قوات لدعم الانفصاليين في أوكرانيا، في خطوة وصفها مراقبون بالتصعيدية. وكان بوتين طلب في وقت سابق الثلاثاء من مجلس الاتحاد الموافقة على إرسال قوات إلى خارج البلاد لدعم الانفصاليين الذين يقاتلون الجيش الأوكراني منذ العام 2014. وقال نائب وزير الدفاع نيكولاي بانكوف خلال جلسة لمجلس الاتحاد عقدت بناء على طلب بوتين “المفاوضات توقفت. القيادة الأوكرانية سلكت مسار العنف وإراقة الدماء”. وأضاف “لم يتركوا لنا أي خيار”. ياروسلاف كاتشينسكي: العقوبات المفروضة على سياسة موسكو تجاه أوكرانيا يجب أن تطال الرئيس بوتين وفي رده على سؤال عن الاستخدام المحتمل لقوات روسية في دونباس، قال بوتين إن موسكو ستنفذ التزاماتها إذا اقتضت الضرورة. وأضاف “نشر الجيش الروسي في أوكرانيا سيكون رهنا بالوضع على الأرض”. وقالت الباحثة في معهد بروكينغز، وضابطة المخابرات القومية الأميركية السابقة بشؤون روسيا وأوراسيا أنغيلا ستينت “عند مراجعة خياراته بشأن أوكرانيا، هناك أمران واضحان لبوتين: لن يرد الناتو عسكريا على التوغل الروسي، تماما كما امتنع عن القيام بذلك في جورجيا والقرم”، مضيفة أنه يُمكن لروسيا أيضا تحمّل أي عقوبات تُفرض عليها. ويرى محللون أنه عندما يتعلّق الأمر بفرض عقوبات على روسيا تواجه الولايات المتحدة ثلاثة تحديات متكرّرة: تميل العقوبات إلى أن تُفرض بشكل تدريجي، كما يتمّ التفاوض مع حلفاء بينما تكون العقوبات مكلفة للاقتصادات الغربية أيضا. ويؤكد هؤلاء أن تغيير خطط بوتين يتطلب استهداف الاقتصاد الروسي ككل والنظام المالي للدولة، بما في ذلك الصادرات الأساسية مثل النفط، والتي قد تكون لها آثار كبيرة على الاقتصاد الروسي وعلى النظام المالي العالمي، ولهذا كانت الولايات المتحدة متردّدة في اتخاذ هذا الإجراء في العقوبات السابقة عندما غزت موسكو شبه جزيرة القرم وجورجيا. ويشير المحللون إلى أن إيجاد عقوبات “ذكية” تستهدف روسيا فقط ربما لن ينجح، إذ أن على الولايات المتحدة والدول الأوروبية تحمل بعض العبء أيضا. وحافظت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال السنوات الماضية على حزمة من العقوبات على روسيا منذ غزوها شبه جزيرة القرم في 2014، ولكن هذه العقوبات ساعدت في كبح جماح طموحات موسكو في أوكرانيا، ولكنها لم تُوقفها. كما أن تشديد العقوبات على قطاع الدفاع الروسي لن يفرض تكاليف كبيرة وفورية كافية لردع الكرملين. والأمر نفسه ينطبق على معاقبة جميع عمليات التداول في الديون السيادية الروسية، لأن موسكو تمتلك صندوقا احتياطيا ضخما (630 مليار دولار)، ومستوى منخفضا جدا من الدين الحكومي، كما أنه من المتوقع أن تُحقّق فائضا في الموازنة هذا العام. ويرى اقتصاديون أن العديد من العقوبات التي تتمّ مناقشتها هي “نسخ أقوى بشكل هامشي من العقوبات التي تمّ فرضها بالفعل، ولكن تأثيرها ضئيل”. الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على روسيا استهدفت البنوك التي تمول عمليات روسيا في الأراضي التابعة للانفصاليين في أوكرانيا ووصول موسكو إلى الأسواق المالية الأوروبية وبينما تتمتّع روسيا بميزة عسكرية في ساحة المعركة في أوكرانيا، فإن الغرب لديه قوة هائلة على الاقتصاد الروسي، ولهذا لا ينبغي أن تسمح واشنطن للتداعيات غير المقصودة للعواقب أن تكون ذريعة للتردّد أو التقاعس عن العمل، لأن عدم الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي الذي سينتج عن الغزو الروسي لأوكرانيا من شأنه أن يفوق تداعيات العقوبات المالية القاسية. ووفقا للكاتب الصحافي بيتر كوي، فإن العقوبات التي فُرضت على روسيا عقب غزوها أوكرانيا عام 2014، لم تؤدِ إلى تحسن في السلوك، مثلما لم تساعد العقوبات السابقة ضد كوبا وإيران والعراق وكوريا الشمالية وفنزويلا تلك الدول على انتهاج سلوك حسن. ويضيف كوي أن من غير الواقعي الاعتقاد بأن فرض عقوبات أشد صرامة على روسيا سينجح هذه المرة. ومع أن العقوبات، برأي كوي، أبعد ما تكون عن الحل المثالي، فإنها البديل الوحيد إما لصراع مسلح أو إذعان على مضض للعدوان الروسي.

مشاركة :