الرؤية- مدرين المكتومية تصوير/ راشد الكندي رعى المكرم الشيخ عبدالله بن شوين الحوسني عضو مجلس الدولة رئيس اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، أمس، انطلاق أعمال "الملتقى العُماني لصُنَّاع الإعلام" في دورته الأولى التي تحمل عنوان "الإعلام الرقمي وفرص التطور"، وذلك بمقر جمعية الصحفيين العُمانية بمرتفعات المطار. وبدأ الملتقى بكلمة ترحيبية قدمها الدكتور محمد بن مبارك العريمي رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية، أكد خلالها أهمية الملتقى وتوقيت انعقاده، مشيرا إلى أن الملتقى يتناول في جلساته محاور مهمة لموضوع الإعلام الرقمي، يشارك في تقديمها كوكبة من الخبرات الإعلامية العمانية والعربية التي عاصرت جيلي الإعلام حتى هذه اللحظة، وهما جيل الإعلام المعروف للجميع الذي يطلق عليه "الإعلام التقليدي"، وجيل الإعلام الرقمي الذي تتعدد مسمياته؛ ومنها: الإعلام التقني، والإلكتروني، والتفاعلي، وإعلام الوسائط المتعددة، والإعلام الشبكي الحي على خطوط الاتصال، والإعلام السيبراني والإعلام الشعبي وغيرها من المسميات. آفاق الإعلام الرقمي وأضاف العريمي أن الخبراء والمشاركين في الملتقى سيقدمون خلال أعماله عصارة فكرهم ومعرفتهم وخبرتهم ورؤيتهم حول الإعلام الرقمي الذي أصبح إعلامًا فاعلًا ومؤثرًا في حياتنا اليومية، وكيفية النهوض بهذا الإعلام الجديد، وسبل مواجهة التحديات والعراقيل التي يمكن أن تقف أمام هذا الإعلام الحديث، والذي استطاع أن يغيّر نظرتنا النمطية حول مفهوم الإعلام ووسائله المؤثرة وقدرته على اختراق فضاءات الفكر البشري، والتأثير إيجابا وسلبا على سلوك وقيم ومبادئ المجتمع الإنساني. وأوضح أن ثورة المعلومات التي يعيشها العالم الآن أحدثت طفرة هائلة في الصناعة الإعلامية وأنماط استهلاك المعلومات وإنتاجها ونشرها والتشارك في مضامينها؛ حيث أدى هذا التطور إلى تقسيم القطاع الإعلامي إلى مجالين؛ هما: "الإعلام التقليدي" الذي يضم الصحف والمجلات والإذاعة والتليفزيون، و"الإعلام الجديد" الذي يقوم على تدفق المعلومات عبر شبكة الإنترنت والهواتف المحمولة، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن المختصين وخبراء الاتصال والإعلام الرقمي يعرفون الإعلام بأنه الذي يستخدم كافة الوسائل الاتصالية المتاحة للوصول إلى الجمهور أينما كان وكيفما يريد. تنوع لا محدود وأضاف أن الإعلام الرقمي حقق اكتساحاً كبيراً، وفرض سيادة قوية من حيث الانتشار، واختراق كافة الحواجز سواءً كانت حواجز مكانية أو زمنية، إضافة إلى التنوع اللامحدود في رسائله ومحتواه؛ نظراً لما يملكه من قدرات ومقومات تمكنه من الوصول للجميع وفي أسرع وقت ممكن، مخترقًا الحجب والحواجز التقنية التي تعتمد عليها وسائل الإعلام التقليدي؛ نظرا لما يملكه من خصائص تميزه وينفرد بها، وتنوع وتعدد المحتوى وسهولة الوصول إلى الجمهور. وتابع القول إنه مع ما حققه الإعلام الرقمي من نجاحات عظيمة وقفزات هائلة، إلا أنه بلا شك يواجه العديد من التحديات والمعوقات التي تقف أمامه وتعرقل مسيرته المتواصلة منها ما يتعلق بالدعم والتمويل، ومنها ما يخص القوانين والتشريعات التي تنظم عمله وأداءه، ومنها ما يرتبط بالقدرة على توفير الوسائل والأجهزة التي تساعد على تنفيذ رسائله ومحتواه، فضلًا عن قلة الكفاءات والخبرات الاحترافية القادرة على التعامل مع هذا الإعلام الجديد والإبداع فيه. وأكد رئيس مجلس إدارة جميعة الصحفيين أن الملتقى الإعلامي يسهم في إثراء المعارف الإعلامية، وتوسيع المدارك في هذا الجانب، وسيوجه بوصلة أدائنا وتوجهاتنا نحو أفضل السبل لتقديم أفضل رسائل وأقوى محتوى لجمهور الإعلام الرقمي. تطورات متلاحقة تلى ذلك عرض مادة فيلمية بعنوان "رقمنة الإعلام وصناعة التأثير"، تبعها البيان الافتتاحي للملتقى الذي ألقاه المكرم حاتم بن حمد الطائي عضو مجلس الدولة رئيس تحرير جريدة الرؤية؛ حيث أشار إلى أن الملتقى يسعى من خلاله إلى تسليط ضوء كاشف على التطورات المتلاحقة في الإعلام الرقمي والسبل والأدوات التي تضمن لجموع الصحفيين والإعلاميين مواكبة هذه المستجدات، بكل احترافية وكفاءة ومهنية. وقال الطائي إن الحديث عن الإعلام الرقمي يقودنا بالضرورة إلى استشراف مُستقبل الإعلام التقليدي، المقروء والمسموع والمرئي، وسواء اتفقنا أم اختلفنا على الفترة الزمنية التي ستختفي فيها وسائل إعلام بعينها، إلا أن الغالبية العظمى من أبناء هذه المهنة ومنتسبيها يدركون حتمًا أن التطور التقني لن يدع مجالًا لمزيد من الاستمرار للإعلام التقليدي، وأخص بالذكر هنا الصحافة المطبوعة والبث التلفزيوني والإذاعي التقليدي. وأكد المكرم رئيس تحرير جريدة الرؤية أن من بين التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام، ضعف التمويل اللازم من أجل ضمان التحول الرقمي الشامل، ففي ظل تراجع الإيرادات الإعلانية ولجوء معظم المعلنين من كبار الشركات إلى الإعلان عبر منصات دولية لا تخدم الاقتصاد الوطني، سيظل قطاع الإعلام يعاني من ضعف العوائد الإعلانية، التي تمثل مصدر الدخل الوحيد لأي مؤسسة إعلامية، مطالبًا بصياغة تشريعات تضمن تحقيق المنافسة العادلة بين وسائل الإعلام المحلية ومنصات التواصل الاجتماعي العالمية، التي استحوذت على نسبة كبرى من سوق الإعلانات، دون تحمل أي ضرائب أو رسوم، وننتهزها فرصة كي نحث هذه الشركات على توجيه جزء من هذه الإعلانات إلى وسائل الإعلام المحلية، لا سيما وأن هذه الوسائل الإعلامية قد وضعت قدمًا راسخة في سوق الإعلانات الرقمية. وأشار إلى أنه من بين الأفكار التي يمكن طرحها في هذا السياق، التحول نحو الخدمات الإخبارية المدفوعة، ذات الجودة، فبدلًا من تقديم الخبر وحسب للجمهور، تتولى المؤسسات الصحفية والإعلامية مسؤولية تقديم محتوى نوعي متميز بمقابل مادي. ورغم أن البعض لن يستحسن الفكرة، لكن دعونا نتأمل نتائج الوضع الراهن، في نهاية المطاف لن تصمد المؤسسات الصحفية والإعلامية في ظل غياب الإيرادات والتمويل. الكلمة الرئيسية أعقب ذلك، الكلمة الرئيسية بعنوان "نزاع بطولة المحتوى واتجاهات الجمهور في الفضاء الرقمي"، وقدمها غسان بن يوسف الشهابي الإعلامي والكاتب الصحفي البحريني، استعرض فيها تطورات الإعلام على مختلف الأصعدة والمستجدات ذات الصلة بالعمل الإعلامي ومعايير المهنية والموضوعية. وتضمن الملتقى محورين، الأول يحمل عنوان "تحديات تمويل التحول الرقمي في قطاع الإعلام"، ويشتمل على عدد من أوراق العمل؛ حيث قدم الدكتور عبيد بن سعيد الشقصي الأكاديمي والخبير الإعلامي ورقة عمل: "معايير ضبط بوصلة الأداء الإعلامي الرقمي"، أشار فيها إلى معايير تقييم أداء المؤسسات الإعلامية، وقال إن مؤشرات تقييم الأداء التقليدية تتضمن: سعة الانتشار أو الوصول إلى الجمهور على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، وأرقام التوزيع أو أعداد المتعرضين للوسيلة الإعلامية، ونسبة الاستحواذ على السوق الإعلاني، وأعداد المشتركين في الوسيلة الإعلامية. وتحدث الشقصي عن التحولات الرقمية والتطورات الإعلامية، وذكر منها: دخول الإعلام الرقمي كمنافس قوي لمؤسسات الإعلام التقليدي، والتطورات المتلاحقة في تكنولوجيا الإعلام والمعلومات، وتوفر مواد إعلامية نصية وسمعية ومرئية عبر المنصات المفتوحة، وتنامي دور المواطن كوسيط إعلامي غير مؤسسي، وتعدد الخيارات المتاحة من حيث نوع الوسائل الإعلامية، وتعدد المحتوى كمًا ونوعًا، وصعوبة تحديد الإطار الجغرافي الذي تعمل فيه المؤسسة الإعلامية، والسرعة في إنتاج المحتوى الإعلامي بسبب التقدم التقني، والتحدي الناجم عن التقدم التقني الهائل في الذكاء الاصطناعي، والاندماج الحاصل بين الوسائل التقليدية والحديثة. وعرج بعد ذلك إلى الحديث عن المعايير التي فرضتها التحولات الرقمية في المجال الإعلامي، ومن بينها: التفاعل مع الوسيلة الإعلامية والمحتوى الذي تقدمه، وإعادة نشر المحتوى أو التنويه له، واتجاه الجمهور نحو الوسيلة أو المحتوى المقدم، ودرجة الاعتماد على الوسيلة الإعلامية. وأشار الشقصي إلى المعايير التي ينبغي النظر إليها ومنها الاستخدام والاعتماد والتأثير والمعرفة والاتجاه والسلوك. وبين أن ما يترتب على ما يترتب على تطبيق هذه المعايير مراجعة فلسفة وعقيدة المؤسسة الإعلامية، ومراجعة هيكل المؤسسة الإعلامية، ومراجعة الجوانب الإدارية والمالية، ومراجعة الجوانب الفنية والمهنية، ومراجعة تكلفة الإنتاج وجودة المنتج. وقدمت منى بنت سليمان الكندية من المديرية العامة للإعلام الإلكتروني بوزارة الإعلام ورقة عمل بعنوان "تجربة وزارة الإعلام في المنصات الإلكترونية الإعلامية "منصة عين.. أنموذجًا". أعقب ذلك تنظيم انطلاق الجلسة النقاشية الأولى بعنوان "الإعلام الرقمي.. المعايير المهنية في مواجهة "الترافيك"، وشارك فيها كل من: الدكتور عبيد بن سعيد الشقصي أكاديمي وخبير إعلامي، وموسى بن عبدالله الفرعي رئيس تحرير صحيفة "أثير" الإلكترونية، وعاصم بن سالم الشيدي رئيس تحرير جريدة عُمان، ومنى بنت سليمان الكندية من المديرية العامة للإعلام الإلكتروني بوزارة الإعلام، ويوسف بن عبدالكريم الهوتي رئيس لجنة الحريات بجمعية الصحفيين العمانية، فيما يدير الجلسة الدكتور المعتصم المعمري من إذاعة الوصال. فيما عُقد المحور الثاني بعنوان "الإعلام الرقمي.. وأزمة صناعة المحتوى"، واشتمل على ورقة عمل بعنوان "شبكات التواصل الاجتماعي ومواجهة الخلل المعلوماتي" قدمها أحمد عصمت مدير منتدى الإسكندرية للإعلام ومحاضر أكاديمي من جمهورية مصر العربية، فيما قدم محمد عبدالرحمن محمود المحلل الإعلامي ومؤسس "إعلام دوت كوم" بجمهورية مصر العربية ورقة عمل بعنوان "تحديات الإعلام الرقمي عربيًا". ومن ثم، انطلقت الجلسة النقاشية الثانية بعنوان "رقمنة الإعلام وصناعة الوعي"، وشارك فيها كل من: الدكتور محمد بن عوض المشيخي الأكاديمي والباحث في الرأي العام والاتصال الجماهيري، وبثينة البلوشية الإعلامية ومذيعة الأخبار، ومحمد عبدالرحمن المحلل الإعلامي ومؤسس "إعلام دوت كوم" بجمهورية مصر العربية، وأحمد عصمت مدير منتدى الإسكندرية للإعلام ومحاضر أكاديمي من جمهورية مصر العربية، فيما يدير الجلسة قصي الزدجالي من إذاعة "هلا.إف.إم". وفي ختام الملتقى ألقى سالم بن حمد الجهوري عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية بيان الملتقى.
مشاركة :