يُجري لبنان في الخامس عشر من مايو المقبل انتخابات نيابية للمرة الأولى بعد اندلاع الثورة الشعبية في السابع عشر من أكتوبر 2019 في وجه الطبقة الحاكمة، فيما تثار تساؤلات بشأن قدرة الساسة الذين تشملهم عقوبات أميركية على المشاركة. ويقفل باب الترشح قبل الموعد المحدد للاستحقاق بستين يوما، وفق قانون الانتخابات، وعلى كل مترشح أن يتمتع بشروط معينة تسمح له بخوض السباق. ولكن الكثير من السياسيين والنواب الحاليين أدرجتهم الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية على لائحة عقوباتها. عادل يمّين: القانون الأميركي لا يسري في الأراضي اللبنانية وفي 2019 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” (التابعة لحزب الله) النائب محمد رعد، معتبرة أنه “من خلال منصبه يشرف على تنفيذ أجندة حزب الله وسياساته داخل البرلمان اللبناني”. وإلى جانب رعد فرضت واشنطن عقوبات على النائب أمين شري (الكتلة ذاتها)، مشيرة إلى أنه “هدد مسؤولين في أحد المصارف اللبنانية وعائلاتهم، بعدما جمّد المصرف حسابات عناصر من حزب الله، كانوا قد أُدرجوا على اللائحة الأميركية السوداء”. أما في 2020 ففرضت واشنطن عقوبات على وزيرين سابقين، هما علي حسن خليل (حركة “أمل” التابعة لنبيه بري) ويوسف فنيانوس (تيار “المردة” بزعامة سليمان فرنجية)، نتيجة مزاعم تورطهما في الفساد وتقديم دعم لـحزب الله. وفرضت أيضا عقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل (الحليف الأبرز لحزب الله)، بسبب دوره في انتشار الفساد في البلاد. وآخر فصول العقوبات كان في 2021 إثر إدراج الولايات المتحدة النائب جميل السيد (مقرب من حزب الله) على اللائحة، بشبهة “الفساد والمساهمة في تقويض حكم القانون في لبنان”. ويشير الأستاذ في القانون الدولي بول مرقص إلى أنه “يمكن لأي لبناني الترشح للانتخابات النيابية ما دام لم يجرد من حقوقه المدنية في بلده”. والتجريد المدني يعني العزل والإقصاء من جميع الوظائف والخدمات العامة، والخدمات في إدارة الطائفة أو النقابة التي ينتمي إليها، بالإضافة إلى حرمانه من أن يكون ناخبا أو منتخبا، وغير ذلك من المهام. ويؤكد الخبير الدستوري عادل يمّين أنه “ليس في قانون الانتخابات النيابية اللبناني وتعديلاته ما يمنع أي شخص تتوافر فيه الشروط القانونية من الترشح للانتخابات، ولو وقعت عليه عقوبات أميركية إدارية وسياسية”. ويوضح أن “القانون الأميركي لا يسري في الأراضي اللبنانية، وبالتالي فإن العقوبات الأميركية ليس من شأنها منعهم من الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة”. باب الترشح للانتخابات يقفل قبل الموعد المحدد بستين يوما، وفق قانون الانتخابات، وعلى كل مترشح أن يتمتع بشروط معينة تسمح له بخوض السباق ويتوافق كلام يمّين مع مرقص الذي يؤكد أنه “لا يوجد في القانون اللبناني ما يحول دون تمكن أي شخص أُدرج على لائحة العقوبات الأميركية من الترشح للانتخابات النيابية”. وفي 2017 فرضت واشنطن عقوبات على كل من النائب أسعد حردان (الحزب السوري القومي الاجتماعي)، والوزير السابق وئام وهاب (حزب التوحيد العربي)، إلا أن الأول ترشح للانتخابات النيابية في 2018 وهو اليوم نائب، فيما لم ينجح الثاني في الحصول على مقعد برلماني. وأحد الإجراءات التي تتبع العقوبات الأميركية هو إقفال الحسابات المصرفية للمدرجين على لائحة العقوبات بالمصارف الخاصة في لبنان، ما يحول دون فتح حسابات لهؤلاء. ومن شروط الترشح للانتخابات أيضا أن يقدم المترشح إفادة مصرفية تثبت فتح حساب الحملة الانتخابيّة، إلا أن السلطة اللبنانية أوجدت حلا لهذه المعضلة قبل انتخابات 2018. ويقول يمّين “إذا لم يتمكن المترشح من فتح حساب مصرفي للترشح للانتخابات البرلمانية، فقد وجد قانون الانتخابات مخرجا احتياطيا لمثل هذا الاحتمال”. ويفسر ذلك قائلا إنه “يمكن للشخص الراغب في الترشح أن يفتح حسابا لدى وزارة المال اللبنانية، ليكون بديلا عن الحساب المصرفي المتوجب من أجل الترشح للانتخابات”. وبالمحصّلة لا تقف العقوبات الأميركية عقبة أمام ترشح أي من المدرجين على لوائح العقوبات للانتخابات النيابية اللبنانية.
مشاركة :