روسيا قادرة على تحقيق أهدافها في أوكرانيا دون شن حرب

  • 2/24/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تخيم التساؤلات عمّا إذا كانت روسيا ستقدم على شن غزو على أوكرانيا المدعومة من الغرب على المشهد اليوم، لكن يبدو أن موسكو لن تلجأ إلى هذا الخيار رغم ضغطها المستمر على كييف والذي كانت آخر فصوله اعتراف الرئيس فلاديمير بوتين بسيادة الانفصاليين المدعومين من بلاده على منطقتي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيتين. وزادت هذه الخطوة من مخاوف الغرب لاسيما وأن بوتين وقّع أمرا لنشر قوات روسية في المنطقتين المذكورتين وهو ما رد عليه الغرب بعقوبات دشنها الاتحاد الأوروبي وحذت حذوه الولايات المتحدة لاحقاً والتي تتوعد موسكو بعقوبات لم تشهد لها مثيلا حال غزو أوكرانيا. ونجحت روسيا من خلال حشدها لحوالي 150 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا في بعث رسائل واضحة مفادها أنها جاهزة عسكريا للتحرك وهي بذلك تشن حربا نفسية أكثر منها حربا تقليدية كما يتوقع الغرب وخاصة الولايات المتحدة والاستخبارات البريطانية. ولا تعد التوترات الروسية مع الغرب وليدة اللحظة حيث تسعى موسكو للإبقاء على دول الاتحاد السوفياتي السابق في فلك نفوذها، وهذا ما عكسه الهجوم على جورجيا في العام 2008 وضم شبه جزيرة القرم في العام 2014، إضافة إلى الوجود المستمر للقوات الروسية على الحدود الأوكرانية. روسيا تهدف من حربها الهجينة في أوكرانيا لإعاقة التمدد الغربي على حدودها أي تجنب مشاركة حدودها مع دولة موالية للغرب ومنذ الهجوم على جورجيا وضم شبه جزيرة القرم ركز بوتين جهوده على تطوير القوات الروسية. وتضمنت تلك الجهود إصدار قانون الدفاع عن روسيا، وإعادة صياغة العقيدة العسكرية الروسية، ثم تأسيس المنطقة العسكرية الجنوبية، وإنشاء وحدات مسلّحة جديدة منتشرة بالقرب من بحر آزوف. وإضافة إلى ذلك، تسارعت وتيرة تسليح الوحدات المختلفة، بما فيها قوات المناطق الجنوبية والغربية العسكرية بأحدث الأسلحة والعتاد العسكري، وزيادة التدريبات العسكرية بشكل لافت لجميع الوحدات من دون استثناء، وإخضاعها، سرّاً لحالة الجهوزية والتأهّب الكاملين. ويرى محللون وخبراء أن هدف روسيا من كل هذه الترتيبات إنشاء “شبه دولة” روسية على الأرض الأوكرانية، وخلق تسع مناطق فيدرالية واقعة تحت نفوذها وهي: كاركوف، دنيبرو، دونيتسك، لوغانسك، زاباروجيا، خيرسون، ميكولايف، أوديسا، وشبه جزيرة القرم. ونجحت التحركات الروسية في تحقيق عدد من أهدافها خاصة في ما يتعلق بالحرب النفسية التي تحاول فرضها حيث حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قواته من خسائر ومحن مقبلة. لكن يبدو أن روسيا تعتمد حربا غير تقليدية أي حربا هجينة طويلة المدى على أوكرانيا تستهدف تحقيق أهدافها دون اللجوء إلى معارك ومواجهات عسكرية مباشرة. وفي تقرير لهما في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة يقول الباحثان داسكو توميك أستاذ الدراسات الدراسات الأمنية بالجامعة الأميركية في الإمارات وإلدار سالجيك أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في الإمارات إن “مثل هذه الحروب التي تعتمد عليها روسيا تحقق الأهداف المنشودة باستخدام وسائل غير تقليدية، كالحرب النفسية، والبروباغاندا، وإنزال العقوبات الاقتصادية، وفرض الحظر الدولي، أو حتى تسهيل العمليات الإرهابية أو الإجرامية وغيرها من العمليات التخريبية التي من دورها زعزعة استقرار الدول”. Thumbnail وأشار الباحثان إلى أنه “يمكن القول إن روسيا قامت بالعديد من الأنشطة على مدار السنوات الماضية منذ استقلال أوكرانيا، التي دعمت من خلالها الاتجاهات المناهضة لأوكرانيا والغرب، والمؤيدة لروسيا لدى الرأي العام في القرم وسيفاستوبول، ما أدّى إلى تراجع إمكانية تأسيس جيش أوكراني موحد. فمن خلال الدور الذي لعبه جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وعبر بعض الأنشطة الاستخباراتية، ظهر العديد من المنظمات السياسية الموالية لموسكو. فعلى سبيل المثال، أدّى فوز الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش في انتخابات 2010 إلى فتح المجال أمام مجموعة من السياسيين الموالين لموسكو للوجود في مختلف مفاصل النظام الأوكراني، منهم من تولّى مناصب رفيعة وحسّاسة في الدولة، بما فيها أجهزة المخابرات الأوكرانية الوطنية؛ ومنهم: سلاماتين، ليبيديف، وياوينكو، الذين تولّوا مناصب مهمّة في وزارة الدفاع وجهاز المخابرات الوطنية في الفترة بين 2012 و2013، وهم الآن في روسيا وخاضعون لحمايتها بعد هروبهم من بلادهم عشيّة وصول النظام الجديد الموالي للغرب”. ويضيف هؤلاء أن “روسيا تهدف من حربها الهجينة طويلة المدى في أوكرانيا إلى إعاقة التمدد الغربي على حدود روسيا، أي تجنب اضطرار روسيا لمشاركة حدودها مع دولة موالية للغرب، فضلاً عن طموح روسيا إلى ترسيخ مكانتها العالمية كقوة عظمى”. وتبدو استراتيجية روسيا ناجحة إلى حد الآن وفقا لمحللين في تحقيق أهدافها دون شن الحرب حيث تم إرجاء بحث انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) رغم عدم تمكن موسكو من الحصول على الضمانات الأمنية الكاملة التي تطالب بها.

مشاركة :