ناقش منتدى نوت الذي يقام ضمن فعاليات الدورة السادسة لمهرجان اسوان الدولي لأفلام المرأة، كتابه الدوري الثالث "صورة المرأة في السينما العربية"، وقالت الكاتبة الصحفية والناقدة انتصار دردير، محررة كتاب صورة المرأة في السينما العربية، علينا أن نطرح هنا سؤالا: هل تقدم السينما صورة المرأة عموما بشكل صحيح وفعلي يعبر عن دورها صورتها في المجتمع؟ الكتاب فيه 16 ناقدا من دول مختلفة، كل ناقد يكتب عن بلاده لذلك هناك شيء من الموضوعية والمصداقية في ما يقدم، وأشارت هذا هو الإصدار الثالث لصورة المرأة في السينما العربية، ولكن هناك احداث جديدة وقضايا جديدة، هناك رصد لأفلام جديدة وقضايا مهمة تناولتها تلك الأفلام. وقدمت الناقد المغربي محمد شويكة، وقالت إن المغرب دولة مثالية في فهمها وتطبيقها لصناعة السينما ثم إتاحة الفرصة للنساء، فهناك مساواة كبيرة بين دور المرأة والرجل في السينما، وهي تولي المرأة أهمية كبيرة في صناعة الأفلام. قال محمد شويكة في تقرير عن السينما المغربية وما تقدمه بخصوص صورة المرأة في السينما. إن الثقافة والفن من الجسور الأساسية لتقريب وجهات النظر بين الشعوب وزرع بذور التواصل والنقاش. وأضاف أن صورة المرأة المغربية هي من نتاج صورتها المجتمعية، لا ينفصل دور المرأة في المجتمع عن حضورها السينمائي، فالدور التربوي أو الخدمي أو التنويري الذي تقوم به المرأة تنعكس على صورتها في السينما. هناك وجهة نظر اجتماعية خالصة على مستوى التعليم تتعلق بدور وطبيعة البيئة، المرأة في المجتمع الصحراوي هي التي تقود البيت وهي تختار من تتزوج وهي تختار زوجات أبنائها الذكور، وهناك حملات وطرق مختلفة للتوعية، توعية الفتيات تحديدا، وهناك ظاهرة تتمثل في التفوق العلمي والتعليمي الذي تتميز فيه الفتيات بالدرجة الأولى، وهو أمر في مصر أيضا وليس المغرب فقط. هذه الرؤية انعكست داخل الفنون، فالمرأة موجودة في كل قطاعات السينما، منتجة، مخرجة، تقنية، وفي التمثيل طبعا موجودة بقوة أكثر من الرجل. لكن هل يمكننا القول أن المرأة تعيد إنتاج المنظومة الذكورية بطريقة غير واعية؟ يجب ان تكون هناك رؤية للمساواة والتكافؤ بين الرجل والمرأة في المنزل وفي المجتمع. إذا كان القمع في الأسرة يكون في المجتمع، إنتاج الصورة السلبية أو الواعية لدور الاسرة في المجتمع مهم جدا ان ينعكس على تجارب السينما والأفلام المختلفة التي تنتج، الإنتاج المشترك غالبا لا يكون مجانا، فالشخص الذي يشارك لا بد له أهداف يريد تحقيقها من تقديم هذا الإنتاج، مثل تسريب أسلوب التفكير وأسلوب العيش ونمط الحياة بشكل عام، يجب ان ينعكس نمط الحياة على الأفلام، وتنعكس الأدوار المختلفة للرجل والمرأة في المجتمع دون مبالغة أو تمييز. وأشار شويكة إلى أن القهر الاجتماعي واللامساواة، كلها قضايا مرتبطة بالوضع الاجتماعي وقضايا المرأة، أحيانا بالتلميح وأحيانا بالتصريح، نحن مجتمع لم نصل إلى جرأة الحديث عن كل القضايا، صناعة السينما يجب ان تكون مختلفة، يجب ان تكون المرأة لدى المتلقي ليست مجرد موضوع اثارة جنسية، يجب النظر اليها كعقل وروح وشخصية خارج التصورات الجنسانية. هذا ما تحاول ان تقوم به بعض أفلام السينما المغربية، من خلال سيكولوجيا خاصة، كيف يمكن تصحيح هذه المفاهيم في مجتمعات ذات قيم قبلية، كيف يتم تحويلها لأسرة مدنية. وقالت الناقدة ماجدة خير الله إن دور المرأة في الأفلام هامشية، في التليفزيون قد تكون المرأة بطلة وهناك اهتمام كبير بها، لكن السينما تهمش دور المرأة، قبل ذلك كان هناك اهتمام، لكن الآن اصبح نادرا. واختارت ماجدة خير الله أربعة أفلام لتتحدث عنها من بينها فيلم " ريش " وقالت إن هذا الفيلم يقدم نموذجا عبقريا للمرأة، امرأة هامشية ومهملة، تساعد زوجها وتحمل عبء المنزل كاملا، هذا احد الأفلام التي رأيتها مؤثرة ومهمة العام الماضي، لذلك شارك الفيلم في مهرجانات، وحظي باهتمام كبير. الفيلم الآخر اسمه 200 جنيه يحتفي بالسيدات اللائي يعشن على المعاش. ولديها كل قرش له مكان. وأشارت ماجدة خير الله إلى ان الوفرة في المشاعر التي تنتج كما من الحواديت والقصص تفوق الخيال، وحين يكون هناك صدمة وجرأة يقولون " هيبوظوا الناس"، وهذا ليس صحيحا، فالواقع فيه ما هو أكبر من ذلك وأهم وأخطر، فيه مآسي أكثر جرأة وصدمة مما يقدم في السينما. أتمنى من السينما والتليفزيون أيضا ان تتبنى وتطرح قصصا تمس الواقع والحياة الاجتماعية بشكل مباشر. وأشارت إلى أن هناك مشاهد كثيرة تتضمن ضربا وعنفا ضد المرأة، وهناك ألفاظ تقال ضد المرأة شديدة السخف، مليئة بالإهانات. وقال الدكتور خالد عبد الجليل، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، ومستشار وزير الثقافة، إن هناك أعمال فنية كثيرة تقدم للرقابة يجد تنمرا ضد المرأة في الأفلام والمسلسلات، ليس فقط حين يتم التكريس لصورة المرأة النكدية أو خلافه في السينما العربية، هناك صور نمطية تكون موجودة داخل الأعمال فمعظم الأفلام تصر على إظهار المرأة كموضوع للجنس فهذا هو الخطر بجانب العنف والتنمر ضد المرأة بكل أشكاله، ثقافة التلقي لدينا فيها مشكلة، هناك مسلسلات أنتجت، تتضمن مشاهد فيها قهر من الأخ لأخته مثلا والأب والأم صامتين، والمتلقي يعتبر هذا أمرا طبيعيا. وأضاف: التفاصيل أخطر في السياق العام، تدخل في لا وعي المتلقي، واضطررنا لوضع معايير، ويجب تغيير ثقافة التلقي، لنعرف محددات الأفلام والنماذج المقومة التي يمكن الاعتماد عليها في المستقبل. وقدمت الناقدة ماجدة موريس مداخلة حول دور المتلقي في الاعتراض، ماذا يفعل المتلقي هل يرفض رؤية الاعمال الدرامية أو الأفلام، وقالت: أرى أن هذا يحتاج إلى دروس وعي للعاملين في السينما، هذا يحتاج إلى أكثر من ختم الرقابة، بل يجب أن تكون هناك دروس وحملات للتوعية. وقالت الكاتبة الصحفية هبة باشا، عضو لجنة الإعلام بالمجلس القومي للمرأة إن المجلس وضع " كود أخلاقي" لصورة المرأة في الدراما، وهذا الكود يجب أن يتم تنفيذه من خلال جلسات ولقاءات مع الكتاب والمنتجين وصناع السينما والدراما، ونحتاج إلى نشر هذا الكود في المجلس الأعلى للإعلام، يجب أن يكون هناك دور توعوي من المؤسسات الرسمية لحماية الأسرة. وقالت الدكتورة عزة كامل إن مؤسسة " أكت" من أهم المؤسسات التي عملت على مناهضة العنف ضد المرأة بالفن والكاريكاتير والإنتاج وما إلى ذلك، لكن حين نجد كودا أخلاقيا، ونجد تعليمات من الرقابة، فهذا قد يكون له رد فعل سلبي حول حرية الفن أو ما إلى ذلك، هذا ما نريد مناقشته، هذا ما نريد التوصل إلى حل فيه حتى نحقق المعادلة الصعبة المتمثلة في تقديم فن جيد وجاد، وفي الوقت نفسه لا يصدر قيما اجتماعية سلبية أو تدعو للعنف أو التمييز ضد المرأة.
مشاركة :