شنت روسيا منذ فجر الخميس هجوما على أوكرانيا ونفّذت ضربات جوية في مختلف أنحاء البلاد خصوصا العاصمة كييف، بينما دخلت قوات برية من شمال وشرق وجنوب البلاد، بحسب السلطات الأوكرانية التي أشارت الى مقتل أربعين جنديا أوكرانيا وعشرة مدنيين. وأكد الكرملين أن العملية العسكرية في أوكرانيا ستستمر طالما هي ضرورية، فيما أثار الهجوم على الفور موجة تنديد دولية وقرر حلف شمال الأطلسي عقد قمة طارئة اليوم الجمعة. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف "بعد ضربات القوات المسلّحة الروسية، باتت 74 منشأة عسكرية برّية تابعة للبنى التحتية العسكرية الأوكرانية خارج الخدمة. ويشمل ذلك 11 مهبط طائرات لسلاح الجوّ". وأعلن أحد مساعدي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مقتل أكثر من 40 جنديا أوكرانيّا و10 مدنيين في الساعات الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا. بينما أعلنت السلطات المحلية في جنوب أوكرانيا مقتل 18 شخصا في "ضربات عسكرية". ولم يعرف ما إذا كانت الحصيلة الإجمالية تشمل هؤلاء. بعد يومين على اعترافه باستقلال منطقتين انفصاليتين اوكرانيتين في دونباس، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يريد "الدفاع" عنها إزاء العدوان الأوكراني وأعطى إشارة إطلاق العملية. وقال بوتين في تصريح مفاجئ للتلفزيون قبل الساعة السادسة صباحا (03,00 ت غ) في الكرملين "اتخذت قرار شن عملية عسكرية خاصة"، مضيفا "سنبذل أقصى جهودنا لنزع السلاح وإزالة الطابع النازي لأوكرانيا". وأضاف "لا نخطط لاحتلال أراض أوكرانية ولا ننوي فرض أي شيء بالقوة على أحد"، داعياً الجنود الأوكرانيين إلى "إلقاء أسلحتهم". وكرر اتهاماته غير المدعومة بأدلة بـ"إبادة" تدبرها أوكرانيا في الأراضي الانفصالية الموالية لروسيا في شرق البلاد، مشيرا الى طلب المساعدة الذي أطلقه الانفصاليون ليلا، والسياسة العدوانية التي يمارسها حلف الاطلسي بحق روسيا وتعتبر أوكرانيا أداتها. بعيد ذلك، سمعت سلسلة انفجارات في كييف وكراماتورسك المدينة الواقعة في شرق البلاد وتعد مقر قيادة للجيش الأوكراني، وفي خاركيف، ثاني مدينة في البلاد وأوديسا على البحر الأسود. كما دوت انفجارات في لفيف، المدينة الواقعة في غرب أوكرانيا والتي نقلت اليها الولايات المتحدة وعدة دول أخرى سفاراتها، وفي أوديسا. وأعطى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "الأمر بالحاق أكبر قدر من الخسائر بالمعتدي"، كما أعلن قائد القوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجيني، مشيرا الى أن الجيش "يصد بكرامة" هجمات العدو. وأعلن حرس الحدود الأوكراني من جهته أن قوات برية توغلت في الأراضي الأوكرانية من روسيا وبيلاروس. وأعلن الجيش الروسي أن الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا حققوا تقدما ميدانيا في مواجهة الجيش الأوكراني. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف إن الانفصاليين تقدموا ثلاثة كيلومترات في منطقة دونيتسك وكيلومترا ونصف كيلومتر في منطقة لوغانسك. في مترو كييف، كان عشرات السكان يحاولون الاحتماء أو مغادرة المدينة عبر القطار او السيارات. وقالت ماريا كاشكوسكا (29 عاما) وهي في حالة صدمة في المترو، لوكالة فرانس برس، "استيقظتُ ليلا على صوت القذائف، وضبت حقيبتي وهربت". وخلال الليل، كانت سيارات تقلّ عائلات تتجه الى خارج المدينة، غربا أو الى الأرياف أبعد ما يكون عن الحدود الروسية الواقعة على بعد 400 كلم. في شوغوييف قرب خاركيف، كانت امرأة وابنها يبكيان رجلا قتل بصاروخ، وقال الابن الذي كان الى جانب بقايا سيارة لادا قديمة وفجوة خلفتها قذيفة، "طلبت منه الرحيل". وأكد الجيش الروسي أنه يستهدف المواقع العسكرية الأوكرانية بواسطة "أسلحة عالية الدقة"، مشيرا الى أنه دمر قواعد جوية ودفاعات أوكرانية مضادة للطائرات، فيما أعلنت كييف أنها أسقطت خمس طائرات روسية وطائرة هليكوبتر. وفرض الرئيس الأوكراني الأحكام العرفية في كل أنحاء البلاد. وقال للأوكرانيين "لا داعي للهلع" مؤكدا "سننتصر". وشبّه الرئيس الأوكراني روسيا بـ"ألمانيا النازية". كما أعلنت أوكرانيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المدني وإلغاء الرحلات الجوية من المطارات في المدن الكبرى في جنوب روسيا، القريبة من أوكرانيا. وأغلقت روسيا حركة الملاحة في بحر آزوف بين روسيا واوكرانيا. كما أغلقت مولدافيا مجالها الجوي بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا المجاورة. وأعلنت ليتوانيا أنها ستفرض حال الطوارئ على أراضيها بعد الهجوم الجويّ والبري الذي شنّه الجيش الروسي على أوكرانيا. وأثار قرار الرئيس الروسي الذي جاء بعد أشهر من التوتر والجهود الدبلوماسية الهادفة الى تجنب حرب، موجة من الإدانات الدولية. ودان الرئيس الأميركي جو بايدن "الهجوم غير المبرر" الذي سيسبب "معاناة وخسائر في الأرواح". ووعد بأن "يحاسب العالم روسيا". ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي إلى وقف النزاع الذي بدأته روسيا في أوكرانيا "الآن". وقال غوتيريش "الرئيس بوتين باسم الإنسانية أعيدوا قواتكم إلى روسيا!"، مؤكدا "هذه أتعس لحظة في ولايتي كأمين عام للأمم المتحدة". قمة أطلسية أعلن حلف شمال الأطلسي أنه سيتخذ خطوات إضافية لتقوية تدابير الردع والدفاع بعد أن بدأت روسيا غزو أوكرانيا وأنه سيعقد قمة طارئة لدوله الأعضاء البالغ عددها 30 دولة اليوم الجمعة. وقال ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسي في مؤتمر صحفي "تحطم السلام في قارتنا. روسيا تستخدم القوة لمحاولة إعادة كتابة التاريخ وحرمان أوكرانيا من مسارها الحر والمستقل". وأضاف أن التدابير الجديدة "ستمكننا من نشر قدرات وقوات بما في ذلك قوة الرد التابعة للحلف". و قال ستولتنبرج إن الحلف ليس لديه قوات داخل أوكرانيا ولا يعتزم إرسال قوات إليها. وتابع قائلا "ليس هناك قوات قتالية تابعة لحلف شمال الأطلسي ولا أي قوات تابعة للحلف داخل أوكرانيا. أوضحنا أننا ليس لدينا أي خطط ولا نية لنشر قوات للحلف في أوكرانيا". وأضاف ستولتنبرج "ما أوضحناه جليا هو أننا زدنا بالفعل ونزيد من وجود قوات حلف شمال الأطلسي في الجزء الشرقي من حدود الحلف". وأوكرانيا شريكة لحلف شمال الأطلسي لكنها ليست عضوا فيه. حطام طائرة عسكرية أوكرانية جنوب كييف (أ ف ب)
مشاركة :