العقوبات تشل قدرة موسكو على الاقتراض من أسواق المال العالمية

  • 2/24/2022
  • 23:09
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تهدف العقوبات المالية التي فرضت على روسيا في إطار النزاع مع أوكرانيا، خصوصا، إلى الحد من قدرتها على الاقتراض من الأسواق المالية العالمية، فماذا يعني ذلك بالنسبة إلى المستثمرين وموسكو؟ كيف تمول الدول نفسها؟ تحتاج الدول إلى اقتراض مبالغ مالية كبيرة لتمويل نفقاتها العامة، لذلك تصدر سندات دين يشتريها مستثمرون من العالم كله "مصارف، صناديق تقاعد، شركات تأمين، وغيرها". ووفقا لـ"الفرنسية"، يتم بشكل مسبق تحديد سعر الفائدة والجدول الزمني للتسديد، وكذلك مدة القرض، تسمى هذه السوق أولية وهي مختلفة عن السوق الثانوية، حيث يتم تبادل السندات بين المستثمرين. وغالبا ما تطلق الدول عمليات اقتراض جديدة لدفع الديون التي يقترب موعد سدادها، وهذا ما يسمى إعادة تمويل الدين. ويمكن لدولة ما أن تصدر ديونا بأسعار فائدة معقولة، طالما يثق بها المقرضون. ماذا تغير العقوبات الجديدة؟ لن يتمكن المستثمرون الأمريكيون من شراء سندات الدين الروسية الصادرة بعد الأول من آذار (مارس). وسيكون أيضا مستحيلا بالنسبة إلى الدولة الروسية الوصول إلى الأسواق المالية الأوروبية لإعادة تمويل دينها. وستمنع اليابان أيضا إصدار سندات الحكومة الروسية وكذلك تداولها في السوق الثانوية. ومن جانبها، أعلنت كندا أنها "ستحظر على الكنديين الانخراط في شراء سندات الدين الحكومية الروسية". ما الحلول المتاحة أمام روسيا لتمويل نفسها؟ يقول كان نازلي الخبير الاقتصادي وهو مدير محفظة متخصصة في ديون الدول الناشئة في شركة "نوبيرجر بيرمان" الاستثمارية، إن "روسيا ستلجأ الآن إلى مصادر وطنية وإلى سوقها الخاصة لتمويل نفسها". ويوضح أنه "لو كان الأمر متعلقا بسوق ناشئة على غرار تركيا أو جنوب إفريقيا مثلا اللتين تعتمدان بشكل كامل على السوق المالية لتمويل عجز الميزانية، فإن المشكلة ستكون أكبر، لكن بما أن وضع روسيا المالي متين، فإن هذه القيود تولد بالطبع تكاليف إضافية وتعوق قدرتها على تكوين احتياطيات، لكن ذلك لن يكون مزعجا بالنسبة إليها". وترى آنا زادورنوفا الخبيرة الاقتصادية لدى مصرف "يو بي إس" السويسري أن الآثار المالية للقيود المفروضة على الإصدارات الجديدة للديون السيادية محدودة بسبب مستوى الدين العام المنخفض "16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي" وعائدات الميزانية الأعلى من المتوقع، خصوصا بفضل عائدات قطاع النفط والغاز مع ارتفاع الأسعار حاليا، وقدرة السوق المحلية على استيعاب الديون المستقبلية المقومة بالروبل. في الوقت الحالي، لا يملك المستثمرون الأجانب سوى أكثر بقليل من ربع مجموع سندات الحكومة الروسية، بحسب بيانات وكالة "بلومبيرج" المالية. وبحسب زادورنوفا، فإن العقوبات التي أُعلنت الثلاثاء "لن تقود إلى الحاجة الفورية لتصفية المستثمرين الأجانب حيازاتهم من السندات الروسية". لكنها أشارت إلى أن تأثير العقوبات سيترجم من خلال انخفاض السيولة في سوق السندات الروسية مع خشية المستثمرين من القيود المحتملة. وأعلنت وزارة المال الروسية في بيان أمس الأول، أن "القرارات بشأن الحاجة إلى تنظيم مزادات لطرح سندات الحكومة الروسية في الأسابيع المقبلة، ستتخذ مع الأخذ في الحسبان ظروف السوق". وفضلت إلغاء مزاد كان مقررا الثلاثاء بسبب تقلبات الأسواق المالية. وفي سياق متصل، قال مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن "إنه من غير المتوقع أن تفرض الإدارة عقوبات على قطاع النفط الخام والوقود المكرر في روسيا بسبب مخاوف بشأن التضخم والأضرار التي يمكن أن تلحقها بحلفائها الأوروبيين وأسواق النفط العالمية والمستهلكين الأمريكيين". ووفقا لـ"رويترز"، تراهن الولايات المتحدة على أن السماح باستمرار تدفق النفط من روسيا، ثالث أكبر منتج للنفط الخام في العالم، حتى لو عمد الرئيس فلاديمير بوتين إلى غزو أوكرانيا غزوا شاملا، سيساعد على الحد من ارتفاع الأسعار العالمية ويساعد على حماية المستهلكين الأمريكيين من زيادة أسعار البنزين. ويعتمد المسؤولون الأمريكيون أيضا على إمدادات النفط المحلية الهائلة - فالولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط في العالم - وستساعد الجهود المنسقة مع الدول الحليفة لزيادة الإمدادات على تخفيف تأثير الأزمة الأوكرانية. وقال مسؤول - لم يكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالحديث علانية - عن المسألة "نظرا إلى أن أسواق النفط عالمية، وأن الولايات المتحدة هي نفسها دولة منتجة للنفط، فهناك سبب للاعتقاد أننا سنكون قادرين على تجاوز هذه الأزمة الأوكرانية دون كثير من الضرر، لكن بالتأكيد هذا شيء سنواصل مراقبته من كثب". وقال مسؤولون أمريكيون إن "هناك مجموعة من الخيارات المتعلقة بالنفط قيد الدراسة إذا نفذت روسيا غزوها، منها إيقاف ضريبة البنزين الأمريكية مؤقتا والاستفادة من احتياطيات النفط الاستراتيجية للبلاد وتقييد صادراتها النفطية". وقال المسؤول دون الخوض في التفاصيل إن "جميع الخيارات ما زالت مطروحة". وقال الكرملين في كانون الثاني (يناير)، "إن إيرادات روسيا من النفط والغاز زادت 51 في المائة في 2021 إلى 119 مليار دولار مع ارتفاع الأسعار، وشكل النفط الخام نحو خمس إجمالي الصادرات". وحتى لو فرضت الولايات المتحدة عقوبات على النفط الروسي، فقد تظل روسيا تجد سوقا لخامها. فقد باتت الصين وجهة التصدير الروسية الأولى بعد تطبيق العقوبات عقب الاستيلاء على شبه جزيرة القرم 2014. وسجلت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي أعلى مستوياتها منذ أيلول (سبتمبر) 2014 وتجاوزت حاجز مائة دولار للبرميل. ويبلغ متوسط ​​سعر جالون البنزين في الولايات المتحدة 3.53 دولار، ارتفاعا من 2.64 دولار قبل عام. وقال بايدن الثلاثاء "إنه من الأهمية بمكان أن تعمل إدارته على الحد من أي زيادة في أسعار الغاز الأمريكية بسبب الأزمة الأوكرانية". وأضاف في تصريحات في البيت الأبيض "أريد الحد من الألم الذي يشعر به الشعب الأمريكي في محطات التزود بالوقود، فهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلي". وقالت وزارة الخزانة الأمريكية على موقعها الإلكتروني إن "الولايات المتحدة فرضت عقوبات على ماتياس وارنيج، الرئيس التنفيذي لشركة نورد ستريم2 إيه.جي التي تمد خط أنابيب الغاز نورد ستريم2 الروسي". وكان قد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان كتابي، أن الولايات المتحدة تعد لفرض عقوبات على شركة نورد ستريم2 وكبار مديريها، وهي الخطوة التي كان بايدن تخلى عنها في وقت سابق مراعاة لألمانيا. وقال بايدن "هذه الخطوات جزء آخر من المجموعة المبدئية للعقوبات التي فرضناها، في رد فعل على خطوات روسيا في أوكرانيا". وظهر خط نورد ستريم2 للغاز كورقة مساومة أساسية في الأزمة مع روسيا بشأن أوكرانيا، إلا أن واشنطن أوقفت فرض عقوبات على الشركة في السابق بسبب علاقة المشروع بحليفتها ألمانيا. لكن في أعقاب إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإثنين اعتراف روسيا باستقلال إقليمين انفصاليين في شرق أوكرانيا جمهوريتين مستقلتين، أعلنت ألمانيا تجميد خط الغاز الذي اكتمل، ولم يبدأ تشغيله بعد. وشكر بايدن في بيانه أولاف شولتس المستشار الألماني، على "شراكته الوطيدة ودأبه المستمر في مساءلة روسيا".

مشاركة :