لتجسيد هوية أي شعب، يتم الارتكاز إلى عاداته ومخرجاته الثقافية والفنية، وفي فلسطين، يعتبر التطريز من أهم الرموز الثقافية والتراثية للشعب هناك على مدار قرون طويلة؛ فمن خلال الإبرة والخيط والقماش صاغ أجداد الشعب الفلسطيني لغة خاصة تشكلت من خلال رموز وأشكال عبر مربعات ودوائر ومثلثات وقطع مستقيمة خيطية، ورموز مختلفة، يتم رسمها بعناية. ومع الوقت صارت هذه الرسومات تاريخًا لشعب أعزل يتمسك بالحياة، ويستلهم الفن من الطبيعة. وبالرغم من تطور أدوات الحياة، وتغير كل توجهات الملابس، حياكة وتصميمًا، فإن التطريز الفلسطيني يبقى محافظًا على وجوده، بفعل قناعة المواطن الفلسطيني بأنه يمثل هوية وفكرًا فلسطينيًا خاصًا، لا يمكن محوه. فهنالك العديد من الأنشطة والتجمعات الثقافية والتجارية في فلسطين تهتم بالتطريز، وتسخّر كل إمكاناتها للحفاظ على ثقافته في المجتمع الفلسطيني والعربي، بل وإيصاله إلى العالم بكل السبل. الشابة الفلسطينية غادة عليوة تمتلك متجرًا صغيرًا لبيع تشكيلات من المطرزات المختلفة، وبأفكار متنوعة. وتقوم غادة بتطريز الأشكال الفنية على الثوب الفلسطيني والحقائب والقماش المتنوع بالإضافة إلى أدوات منزلية متعددة. وترى غادة أن هذه المطرزات تشعرها بالسعادة، وتمكنها من الإحساس بقيمة ذاتية، إذ إن ما تقوم به تحبه فلسطين، على حد قولها. وأضافت الفتاة البالغة 28 عامًا: «حينما أنهيت دراستي الجامعية، وبسبب ارتفاع نسبة البطالة، اتجهت إلى العمل في التطريز، كاتجاه عملي في الحياة، يحقق لي المعنى، حيث أكون بذلك أحقق ذاتي، وأقدّم ما يخدم قضية شعبي، ويجذر من وجودي على هذه الأرض».
مشاركة :