قرر الأوروبيون إرسال أسلحة إلى أوكرانيا من صواريخ وقاذفات صواريخ ورشاشات، بعدما امتنعوا لفترة طويلة عن ذلك، ولو أن إمداداتهم الأولى تبدو هزيلة بالمقارنة مع القوة النارية الروسية. وفي نهاية يناير، حين حشدت روسيا أكثر من 150 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، أثارت الحكومة الألمانية المتمسكة بموقفها التقليدي المعادي لتسليم أسلحة انتقادات ساخرة بإعلانها تزويد كييف بخمسة آلاف خوذة عسكرية. لكن بعد ثلاثة أيام على بدء الغزو الروسي تبدل الوضع، إذ كسرت ألمانيا محظورا بموافقتها على تسليم أسلحة إلى أوكرانيا خارجة عن سياستها القاضية بمنع أي صادرات من الأسلحة الفتاكة إلى مناطق نزاع. وأجازت ألمانيا تسليم كييف ألف قاذفة صواريخ مضادة للدبابات و500 صاروخ أرض - جو من طراز ستينغر وتسعة مدافع هاوتزر، حسب ما ذكرته الحكومة. كما أعلنت ألمانيا عن إرسال 14 آلية مدرعة وعشرة آلاف طن من الوقود إلى أوكرانيا، وقال مصدر حكومي “يجري حاليا درس إجراءات دعم أخرى”. دميترو كوليبا: معًا هزمنا أدولف هتلر، وسنهزم فلاديمير بوتين أيضًا وكذلك أعلنت فرنسا السبت أنها قررت تسليم المزيد من المعدات العسكرية الدفاعية لأوكرانيا. وقال قصر الإليزيه بعد اجتماع لمجلس الدفاع ترأسه الرئيس إيمانويل ماكرون إنه “تقرر تسليم المزيد من المعدات الدفاعية إلى السلطات الأوكرانية بالإضافة إلى دعم بالوقود”. وكانت هيئة أركان القوات المسلحة الفرنسية قد ذكرت في وقت سابق أنها “صادقت” على عمليات تسليم أسلحة دفاعية لكييف، بعدما طلبت أوكرانيا بصورة خاصة “وسائل دفاع جوي” ورقميّ. وبعدما انتقد لفترة طويلة عدم تحرك الغرب أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت بـ”تشكل تحالف دولي قوي لدعم أوكرانيا، تحالف مضاد للحرب”، وكتب على تويتر أن “أسلحة ومعدات من شركائنا في طريقها إلى أوكرانيا”. وأعلنت بلجيكا السبت إمداد الجيش الأوكراني بألفي رشاش و3800 طن من الوقود، فيما أفادت وزارة الدفاع الهولندية بأنها “أرسلت السبت قسما من المعدات الموعودة ولاسيما بنادق فائقة الدقة وخوذات”. وفي رسالة إلى البرلمان الهولندي كتبت وزارة الدفاع أنها ستؤمن “في أقرب وقت ممكن مئتي صاروخ أرض - جو ستينغر لأوكرانيا”. وبعدما صادقت الجمهورية التشيكية على منح كييف أربعة آلاف قذيفة مدفعية أعلنت السبت أنها سترسل إلى أوكرانيا ثلاثين ألف مسدس وسبعة آلاف بندقية هجومية وثلاثة آلاف بندقية رشاشة والعشرات من البنادق فائقة الدقة، فضلا عن مليون رصاصة. ومن جهتها أرسلت بولندا عشرات الآلاف من الذخائر إلى الدولة المجاورة. وأكد مكتب رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس أن بلاده سترسل “معدات دفاعية” ومساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، بعدما اتّهمت أثينا روسيا بقتل 10 من أفراد الجالية اليونانية خلال الغزو. وأكد البيان أن طائرتين لنقل المعدات العسكرية ستتوجهان إلى بولندا الأحد، دون تحديد طبيعة المعدات التي ستنقلها. وأعلنت وزارة الدفاع البرتغالية أيضا أن لشبونة سترسل معدات عسكرية إلى أوكرانيا تشمل “سترات وخوذات ونظارات للرؤية الليلية وقنابل يدوية وذخيرة بمختلف العيارات”، كما أكدت أنها على استعداد لاستقبال “الآلاف من الأوكرانيين” الفارين من بلدهم. وذكرت رومانيا أيضا أنها سترسل معدات بقيمة ثلاثة ملايين يورو إلى أوكرانيا. وقال المدير السابق للمدرسة الحربية الفرنسية المرموقة فينسان إن “الصعوبة في المسألة هي أن لا أحد كان يصدّق” أن روسيا ستشن عملية غزو واسعة النطاق على كامل الأراضي الأوكرانية. وتابع أن “الكل يفعل ما بوسعه” الآن و”لا أحد يملك مليارات قطع السلاح الزائدة. كل الجيوش الأوروبية تعاني من نقص في التجهيزات” في حين يشن مئتا ألف عسكري روسي هجوما على أوكرانيا مدعومين بصواريخ بالستية. متابعة عن كثب للوضع في أوكرانيا متابعة عن كثب للوضع في أوكرانيا وأوضح ديبورت “حين يتم إرسال ألفي بندقية رشاشة، فهي تُقتطع من مخزون البلد نفسه… الجيوش الأوروبية هي جيوش فقيرة. لا نملك المعدات، ولا المال”. وبمواجهة هذا الوضع الأوروبي بإمكان الولايات المتحدة الأفضل تجهيزا عسكريا أن تحدث فرقا، وقد أعلنت السبت إرسال مساعدة عسكرية جديدة إلى أوكرانيا بقيمة 350 مليون دولار لتصل القيمة الإجمالية إلى “أكثر من مليار دولار من المساعدة (…) خلال العام الماضي”، بحسب ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. لكن الجنرال ديبورت لفت إلى أن “الطرقات مقطوعة تماما والمطارات تحت القصف. حين تكون لديك أسلحة في بالتيمور لا يمكن القول إنها في كييف”. غير أن دبلوماسيا غربيا في بروكسيل بدا أكثر تفاؤلا الجمعة إذ قال ردا على سؤال حول هذا الموضوع إن “العديد من القادة الحلفاء” في الحلف الأطلسي يرغبون في تزويد أوكرانيا “قدر الإمكان” بمعدات عسكرية. الاتحاد الأوروبي يستعد للشروع في تمويل عمليات توريد أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا عبر تفعيل آلية السلام الأوروبية وأضاف “من مصلحتنا أن نحاول إبطاء التقدم الروسي قدر المستطاع وجعل كلفته باهظة قدر الإمكان على (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين”. ودعا الرئيس الأوكراني الأحد الأجانب، الراغبين في مساعدة بلاده على مواجهة الغزو الروسي، للتوجه إلى سفارات كييف حول العالم وتسجيل أسمائهم للالتحاق بـ”فرقة دولية” من المتطوعين. وقال زيلينكسي في بيان “تدعو القيادة الأوكرانية كل الأجانب الراغبين في الانضمام إلى مقاومة المحتلين الروس وحماية الأمن الدولي، للمجيء إلى بلادنا والالتحاق بصفوف قوات الدفاع”. وأضاف “يتم تشكيل فرقة من الأجانب، الفرقة الدولية للدفاع عن أراضي أوكرانيا”، معتبرا أن الانضمام إليها هو “تعبير أساسي عن دعمكم لبلادنا”. وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا “الأجانب الراغبون في الدفاع عن أوكرانيا والنظام العالمي كجزء من الفيلق الدولي للدفاع الإقليمي لأوكرانيا، أدعوكم إلى الاتصال بالبعثات الدبلوماسية الأوكرانية في بلدانكم”. وتابع “معًا هزمنا هتلر، وسنهزم بوتين أيضًا”. وتعبيرا عن دعمها للدعوة أعادت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس تغريدة نظيرها الأوكراني عبر حسابها على تويتر. وفي حين شدد زيلينكسي على تمتع الأوكرانيين بالشجاعة الكافية للدفاع عن بلادهم بمفردهم اعتبر أن هجوم موسكو “ليس مجرد غزو روسي لأوكرانيا، بل هو بداية حرب ضد أوروبا”. ودعا الأجانب الراغبين في الالتحاق بالمعركة إلى التواصل مع الملحقين العسكريين في سفارات أوكرانيا. وسبق لزيلينسكي أن دعا الأجانب الذين يتمتعون بخبرة قتالية للمجيء إلى بلاده لمواجهة الغزو. ويحاول الجيش الأوكراني صدّ محاولات توغل من محاور مختلفة للجيش الروسي الذي يعد متفوقا في العدة والعتاد. أوكرانيا تنزف أوكرانيا تنزف وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية الأحد إن نحو 4300 جندي روسي قتلوا منذ إعلان الرئيس الروسي الخميس عن بدء العملية العسكرية ضد كييف. ولم يتم التحقق من هذه الحصيلة بشكل مستقل، علما بأن موسكو لم تعلن بعد أي تعداد لخسائرها في المعارك. ووفق تقديرات مسؤولين استخباريين غربيين، فوجئت روسيا بقدرة القوات الأوكرانية على صدّ جيشها الذي لم يحقق بعد تقدما سريعا كما كان يأمل. وأشار مسؤولون في بروكسيل الأحد إلى أن الاتحاد الأوروبي يستعد للشروع في تمويل عمليات توريد أسلحة إلى أوكرانيا بما في ذلك الأسلحة الفتاكة. وقال المسؤولون إن الاقتراحات ذات الصلة سيتم عرضها على وزراء خارجية الاتحاد في جلسة خاصة ستعقد في بروكسيل، مع سحب الأموال من الآلية الأوروبية للسلام، وهي أداة مالية جديدة يمكن استخدامها في تعزيز القوات المسلحة للدول الشريكة. وتبلغ موازنة الآلية، التي اعتمدها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في مارس من العام الماضي، 5 مليارات يورو (5.6 مليار دولار) للفترة الممتدة بين عامي 2021 - 2027. ولم يتم تقديم تفاصيل بشكل مبدئي عن حجم التمويل لإمدادات السلاح والمعدات. وقال مسؤول بالاتحاد الأوروبي إن “المناقشات مع الدول الأعضاء بشأن ذلك مستمرة”، مضيفا أنه من المتوقع أن يقدم الاتحاد الأوروبي مساهمة كبيرة لتعزيز قدرة أوكرانيا على مقاومة الغزو الروسي، وأكد المسؤول أنه سيتم إدراج الأسلحة الفتاكة في ترتيبات التمويل. ويمكن للدول الأعضاء التي لا ترغب في دعم ذلك بشكل مباشر أن تستخدم آلية الاتحاد الأوروبي “للامتناع الإيجابي”، والتي تسمح لأي دولة عضو بالامتناع عن التصويت على قرار دون تعطيله. وتتجنب هذه الآلية القاعدة العامة الأوروبية التي تتطلب الإجماع. وقال المسؤول إن المساهمات من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي المستخدمة لهذا الخيار يمكن أن يتم استخدامها في شراء معدات غير فتاكة، بما في ذلك الوقود.
مشاركة :