النار والموت في قاموس دعاتنا

  • 12/7/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كان الجو لطيفاً رائعاً والنفوس منشرحة مبتهجة بعد أن أمطرت السماء وارتوت الأرض  ولاتزال السماء توحي بأن الأمطار ستكون أكثر في الساعات المقبلة. ارتفع صوت الحق من مسجدنا المجاور عذباً ندياً معلناً حلول وقت صلاة الظهر فلبى جموع المسلمين النداء في طمأنينة وفرح ، وما إن انتهت الصلاة حتى قام أحد طلبة العلم والبشر يعلو محياه فحمد الله وأثنى عليه ثم ارتجل كلمة قصيرة كان موضوعها بعيداً كل البعد عن واقع الحال فالكل كان يتوقع من شيخنا الفاضل أن يتحدث عن نعمة المطر وعن الخير العميم الذي سيتركه هذا المطر على البلاد والعباد ، خصوصاً وأن هتّان المطر لايزال يهمي على أركان المسجد في اللحظة التي كان يعلو فيها صوت شيخنا عبر مكبرات المسجد وهو يشنف أذاننا بعذاب النار والتذكير بزقومها وسلاسلها ومحذراً من الموت والبِلى وفراق الأحباب والأصحاب ومذكراً بالقبر والكفن وهول المطلع ، لقد كانت خطبة جنائزية تقرع أسماعنا فيختلط الوعيد والتهديد بصوت قطرات المطر ورذاذ السحب. الكل في المسجد كان مندهشاً من هذا التوقيت الخاطئ لمثل هذه الكلمة الوعظية ، ولكن حسن النية كان هو الغالب فالبعض كان يقول أن شيخنا الفاضل ربما كان يريد تذكرينا بأن لانركن إلى نعيم الدنيا وبهرجها وأن نضع المآل والمصير نصب أعيننا دائماً ، ولكن البعض الآخر كان له رأي مغاير فمنهم من قال لو أن الشيخ اغتنم فرصة هطول المطر وفرح الناس بهذا الخير وهذه الرحمة وجَعَل حديثه يتمحور حول ذلك. ومنهم من قال لو أن الشيخ قام بعقد مقارنة في كلمته بين الفرح بنعم الله والخوف من عذابه لكان ذلك أقرب لإيصال الفكرة وقبول الموعظة . ولعلي لن أبالغ إذا قلت أن أغلب الكلمات الوعظية التي تلقى في المساجد بعد الصلوات المفروضة وبشكل ارتجالي من بعض طلبة العلم تدور في مجملها حول الحديث عن عذاب النار وظلمة القبر وكأن قاموس دعاتنا لايحتوي بين دفتيه إلا هذه المفردات ، وأنا هنا لا أنكر وجوب التطرق إلى مثل هذه المواضيع بين فترة وأخرى ولكني أتساءل لماذا لايتم الحديث في المقابل عن الجنة ونعيمها وعن المرغبات والمبشرات اقتداء بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال ( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) فقلوب الناس ليست سواسية فهناك من يرتجف قلبه خوفاً من النار وهناك من يكاد قلبه يطير فرحاً عند ذكر الجنان . ومما لاشك فيه فإن اغتنام سوانح الفرص وإقبال القلوب والحديث بما يناسب الحال سيجعل الموعظة أكثر تأثيرا وأجدى نفعاً.    حسن الشمراني @hasan8hasan رابط الخبر بصحيفة الوئام: النار والموت في قاموس دعاتنا

مشاركة :