المسؤولية المجتمعية للإعلام ضرورة في ظل التحديات

  • 11/27/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في ظل التحديات الحالية، والأزمات العالمية المتفجرة، كثيراً ما يغرد إعلاميون بعيداً عن السرب، بتناول قضايا قد لا تهم كثيراً الشارع، أو المدينة والدولة، المنتجة له، فيكون الاهتمام منصباً بعيداً، بإثارة الكثير من القضايا، التي لا تهم شرائح بعينها، هي أكثر حاجة وإلحاحاً، منها الشباب والمرأة، والرؤى المجتمعية، والقضايا البيئية، وتقديم الحلول لها، وقضايا التربية. في المقابل، يكون التركيز أحياناً على قضايا هامشية، لشرائح متعددة، فمتى يصبح الإعلام مرآة حقيقية للشعوب؟ ومتى يسهم بحق في دفع العجلة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وتحقيق الرؤى الوطنية. ومتى يكون الإعلام داعماً للسياسي في اتخاذ قراراته، ويتلاحم مع الأهداف السامية، التي تسعى إلى تحقيقها الشعوب؟ نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة مع مجموعة من المختصين الذين شارك بعضهم في مؤتمر ناقش القضية أخيراً وعقدته جمعية أم المؤمنين في عجمان بالتعاون مع جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا. يقول د. حسام سلامة، رئيس قسم الإعلام والعلوم الإنسانية، بجامعة عجمان: الإعلام الناجح والمسؤول يعكس حال المجتمع، بكل أطيافه وفئاته، فهو معبر عن الواقع، ولا يوجد نظام إعلامي ابن البيئة التي يعرض بها، فالنظام الإعلامي مثل جميع الأنظمة التي ترتبط بالبيئة، مثل النظام الاقتصادي، القيمي، والسياسي وغيرها من الأنظمة، التي لا يمكن، بأي حال من الأحوال، فصلها عن المحيط الاجتماعي، وبالتالي مسؤولية الإعلام في التعبير عن الواقع، وعكس صورة الحياة بكل مضامينها، والتلاحم مع قضاياه. ويضيف سلامة: النظام الإعلامي، لابد أن يكون مسؤولاً في مراحل التحديدات، التي تواجه الدول، فيكون في القلب منها، حين يرسل رسائله للجمهور، ملقياً الضوء على ما يعانيه المجتمع، وما يحدث فيه، حينها سيكون بحق المرجعية الأساسية، التي يستقي منها المتلقي قيمه وسلوكياته، والمعلومة القيمة، في ظل المشاهد الإعلامية المضطربة والمرتبكة، على مستوى العالم. ويرى سلامة أن دور الإعلام لا يقتصر سعيه على مجرد الكسب المادي، بل يكون مراعياً للمجتمع، لنشر ثقافة السلم المجتمعي، وبث روح الثقة، ووسيلة للتجميع، لا التفريق ووسيلة بناء لا هدم. ويؤكد سلامة أن على الإعلام أيضاً، أن يلقي الضوء على النجاحات التي تتحقق، ولا يقتصر على مجرد النقاط غير المضيئة والسلبيات التي تقع، حتى لا يخلق حالة من التشاؤم المجتمعي للأفراد، ما يعطل مسيرة الشعوب نحو التنمية. ويرى سلامة أن ميثاق الشرف الإعلامي والمهني ضرورة في الوقت الحالي، فعلى الإعلامي أن يدرك الرصاصة الكلمة، التي تخرج من فيه، وأن التأثر بها يكون كبيراً إلى حد يشكل رأياً عاماً، فعليه يقصد الإصلاح، ومن لا يتبع المعلومة الصادقة والكلمة الهادفة، يفقد المصداقية، والخداع المستمر في تقديم كل ما هو سلبي، والاكتفاء به وسيلة هدم لا بناء، وإفساد لا إصلاح. ويرى سلامة أن الإعلام الرسمي للدول ضرورة في الوقت الحالي، فهو السد المنيع أمام ما يمكن أن يحدث من اضطرابات أحيانا، لتحقيق مصالح أفراد بعينهم، من دون اعتبار للمسؤولية المجتمعية التي تقع على كاهلهم، فهو يحدث أيضاً توازناً في المشهد الإعلامي، حين تختلف المعلومة المقدمة، أو تخرج عن إطارها الصحيح، وعند اختلاف الأخبار في السند الذي تعتمد عليه المؤسسات الرسمية، يكون أكثر اعتماداً على أسانيد ودلائل، من مسؤولين ذوي مصداقية كاملة. وقال سلامة: إن الإعلام الإماراتي حقق نجاحات كبيرة في تقديم نموذج الإعلام الصادق، الموجه إلى تثقيف الجمهور، ما يجعل منهم أفراداً يمكن الاعتماد عليهم، في بناء حضارة، بجانب المهنية العالية، التي يتعامل بها الإعلام الإماراتي، حيث استطاع أن يحدث حالة من التعبئة الوطنية التي لم تكن سهلة، وإطلاع المواطن الإماراتي، بمهنية عالية، وقدرة على الإقناع، بما يقدم، ومنها صور البطولة والتلاحم في الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة الإماراتية، وهي صور تستحق التأمل كثيراً. تعزيز الانتماء الوطني ترى د. شيرين موسى، أستاذة الإعلام، أنه ليسير الإعلام في مساره الصحيح لابد من خطوات منها، أن تتضمن المساقات الأطر النظرية التي تنمي ثقافة التسامح والمسؤولية الاجتماعية، ودعم وتشجيع مؤسسات الإنتاج الإعلامي والثقافي لإنتاج مواد إعلامية ودرامية منطلقة من قاعدة المسؤولية المجتمعية، بجانب قيام الأسرة بواجبها في توعية الأبناء وتنمية القدرة على الانتقاء الهادف للمواد البرامجية التي تدعم الهوية، ولا تتعارض مع المنظومة القيمية والعادات والتقاليد المجتمعية. وتذكر أن التنسيق بين المؤسسات الإعلامية والبحثية يعزز قيم الانتماء الوطني والحفاظ للمجتمع، والاهتمام بدور المؤسسات التربوية في تعزيز قيم التكافل والتعاون والتسامح والعمل على تنشئة الفرد الإيجابي، الذي يقوم بدوره وفق ما تقتضيه قيم المجتمع والمصلحة العامة. وتؤكد موسى أن مراعاة احتياجات الشباب عند وضع الخطط الاستراتيجية والسياسات الإعلامية من خلال تقديم مادة إعلامية جاذبة شكلاً ومضموناً، تعزز غرس القيم والسلوكيات الإيجابية. تقول د.مي الخاجة، أستاذة الإعلام بجامعة الإمارات: المسؤولية المجتمعية التي تقع على كاهل الإعلام العربي، في ظل التحديات التي تواجه المجتمعات العربية الحالية، ومنظومة الإعلام بشكل عام، تعتمد على القائم على الاتصال، فلابد أن يشعر الجميع بالمسؤولية، وأن الربح المادي، لابد ألا يكون على حساب القيم المجتمعية. وتضيف الخاجة أن ضمير المؤسسة الإعلامية، يكون الدافع وراء اختيار الموضوعات والبرامج، وتوفير الإمكانات ضرورة مع التنافس الكبيرة بين المؤسسات، التي يصل أعدادها بالمئات، والتفكير في القضايا المجتمعية، من خلال دراسة المجتمع واحتياجاته ومشكلاته وبناء الأطروحات المقدمة. وترى الخاجة أن لفريق العمل دوراً في عرض ردود في النجاح الإعلامي، ويسهم في تثقيف الجماهير، وأن تدريبهم واختيارهم لابد ألا يعتمد على مجرد الشكل، بل يتعدى إلى الثقافة والمهنية والوعي بأهم القضايا والأطروحات المقدمة. ويقول الدكتور عبده داؤود أستاذ الإعلام: هناك حرية تقابلها المسؤولية الإعلامية، فنظرية المسؤولية الاجتماعية أفرزتها الحرب العالمية الثانية، والحرية حق وراءه واجب، والإعلامي لابد أن يستشعر هذه الحرية المسؤولة، التي تملي عليه الالتزام بالمصداقية والشفافية، والاهتمام بتحقيق جوانب الأمن، فهي هدف رئيسي لأي مجتمع، والإعلام لا يخرج عن كونه أداة مجتمعية، يمكن من خلالها دعم المجتمع، وتحقيق أهدافه، ولاسيما إن كانت هناك تحديات. ويقول الدكتور نصر الدين علي أستاذ الإعلام: من دلائل التطورات الكبيرة لوسائل الإعلام في العصر الحالي، الثورات الكبيرة الحادثة في مجال الإعلام، فهي دليل واضح على الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام الجديد. ويرى علي أن الكثير من القضايا الهامشية التي يركز عليها الإعلام يجعلها أكثر انفجاراً، ويضيف: نحن كإعلاميين وأكاديميين، كثيرا، ما نسلط الضوء على ضرورة الوعي أكثر، بدور الأسرة في التربية والنشء، فمن خلاله، يمكننا أن توجيه المجتمع بشكل عام، ولاسيما أن لها الحيز الأكبر في التركيز على القضايا المجتمعية. ويشير الى ضرورة الاهتمام بالتربية والنشء ووضع التشريعات القوانين والتي تكون أكثر حرصاً على نشر روح التسامح والولاء، ولا تقتصر على قضايا الترويج والشو الإعلامي، وضرورة وجود مرصد إعلامي، لمعرفة الجيد من الرديء، بجانب ضبط الإيقاع الإعلامي، فكل شيء له حدود وأطر لابد ألا يخرج عنها. يقول الدكتور سعود محمد خلفان، رئيس مساعد العلاقات العامة بشرطة دبي: مع التعدد الكبير والتنوع في وسائل الإعلام الحالية ولاسيما الإعلام الإلكتروني، لابد أن تهتم المؤسسات الإعلامية بمناقشة موضوعات هادفة، ومنها التركيز ويضيف: لدينا تعاون إعلامي كبير يمكننا من خلاله القضاء على القضايا التي تهم جوانب الأمن فالإعلام لابد له من دعم الجانب الأمني في أي دولة كانت وخدمة القضايا الأمنية. والإعلام الشرطي يكسر التحدي الحالي وله دور كبير في الخروج الآمن من جميع الجرائم الحالية. د. خالد الخاجة: إعلامنا الإماراتي وسيلة سلام وحب وفق د. خالد الخاجة، عميد كلية الإعلام والعلوم الإنسانية، بجامعة عجمان، فإنه عند الحديث عن المسؤولية المجتمعية التي تقع على الإعلام، لابد أن يراعى في الاعتبار أن هناك إعلاماً محلياً، وآخر خارجياً، والأول له دور كبير في توجيه المجتمع، ولابد له من القيام بدوره التوجيهي، ولاسيما للشباب المتأثرين بالمجتمعات الغربية، ولابد من اختيار المحتوى المناسب للمجتمع مما يقدم من مسلسلات وبرامج، لتكون هادفة وجاذبة، حتى لا ينفر منها الشباب إلى أخرى، تختلف فيها التوجهات والقيم. وأضاف الخاجة أنه لابد أن تقوم جهات في الدول العربية، بشكل عام، والخليجية بشكل خاص، بإنتاج برامج جاذبة وهادفة، لهذه الفئات المجتمعية المهمة. ويرى الخاجة أن البرامج العربية كلها تقليدية، ومن أهم ما يسلكه الشباب، حين يعرفون أن للبرنامج المقدم نسخاً غير عربية وأصلية، وأنه مقتبس منها، يتوجهون إلى الأصل، تاركين البرنامج، فلابد أن تكون لدى الإعلامي ما يقدمه خلال برامجه وسيلته الإعلامية، لجذب أكبر عدد من الجمهور والتخلص من النفور والملل الحاصل لدى البعض، وأن الاهتمام بإنتاج برامج متخصصة، تخدم المجتمعات المحلية، لتسهم في تشكيل الوعي. وعن مدى تقييم الإعلام الإماراتي، وقدرته على تقديم نماذج قيمة للإعلام، في دول أخرى، قال الخاجة إن الإعلام الإماراتي وسيلة سلام وحب وتواصل بين الشعوب، وإن دولة الإمارات تقوم على السلام، وهي نموذج فريد في التعايش، والإعلام لعب دوراً كبيراً في ذلك، لكن ما يجب التركيز عليه، في الفترات المقبلة، هو التوجه نحو الشباب، وتخصيص ما يهمهم من قضايا، ومعالجتها، فلا يمكننا أن نتركهم يتربون على أيدي إعلام غيرنا، بما لا يناسب الكثير من عاداتنا وتقاليدنا، في ظل السماءات المفتوحة، والفضائيات المتعددة. ويرى الخاجة أن من أهم التوصيات التي يجب أن تراعى لتحمل الإعلام المسؤولية المجتمعية كاملة، إيجاد شراكة بين الخبراء والمتخصصين في تحديد مهام الإعلام على قاعدة المسؤولية الاجتماعية، لإنتاج رسالة إعلامية هادفة، واهتمام وسائل الإعلام بنشر قيم التسامح ونبذ العنف، ومراعاة الانطلاق في العمل الإعلامي من رؤية الإمارات 021، التي تُعنى بمواجهة التحديات المتعلقة بالهوية الوطنية، والنسيج الاجتماعي والتنافسية الاقتصادية والصحة والتعليم والبيئة والسلم المجتمعي، وألا تسعى وسائل الإعلام إلى تحقيق النجاحات، أو ما يسمى بالسبق الإعلامي على حساب التوازن، وإعادة إنتاج خطاب ديني يتوافق مع روح العصر، ويعكس الصورة الصحيحة للإسلام، ودحض دعاوى الإرهاب والتطرف. خالد هنيدي: السعي إلى زيادة وعي الجمهور يقول د.خالد هنيدي عميد كلية الاتصال الجماهيري بجامعة الفلاح: لابد للمجتمع أن يعي الدور الحقيقي للإعلام، في المرحلة الحالية، والأحداث المضطربة في كثير من البلدان العربية، تحتم الكثير من المعايير المهمة، التي يجب على الإعلام مراعاتها والاهتمام بها، وتسليط الضوء عليها، ويرى هنيدي أن ضرورة السعي إلى زيادة وعي الجمهور بالقضايا المجتمعية المهمة، في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها المجتمعات العربية، فلابد أن تلعب وسائل الإعلام إلى نبذ العنف والتطرف والإرهاب الذي يقتل ويدمر ويستهدف الشعوب العربية بأكملها. ويؤكد هنيدي أن الأسلوب الإعلامي الحالي يجب أن يكون مختلفاً عن الأساليب النمطية التي يتبعها، في أطروحاته ومعالجاته، والسعي إلى غرس قيم سياسية ودينية واجتماعية وقيمية في أبناء الجيل الحالي، ليكون لديهم دراية كاملة، لما يحدث في المجمعات العربية، ليكون بديلاً حقيقياً عن المصادر غير الموثوقة، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، أو وسائل الإعلام المغرضة، والتي لها أهداف وأجندات تطبقها. وقال هنيدي: إن الحرية المسؤولة التي تقع على كاهل الإعلام، في الوقت الحالي، تفرض الكثير من القيم التي يجب اتباعها، ومن هنا يمكن مواجهتها، حين تحاول تفتيت الآراء والشعوب، وهذه وسائل الكثير من المجتمعات، حتى المتقدمة وقت الأزمات، ولاسيما عندما تكون هناك مؤسسات بعينها إعلامية سبب لها.

مشاركة :