منذ إنشاء مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، عقب ترحيل سكانه من مدنهم وبلداتهم وقراهم الأصلية مع نكبة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وجدرانه تحمل اللون الرمادي الباهت الذي تحول مع الزمن، ومع أكثر من عدوان على القطاع إلى السواد القاتم الذي يذكر سكانه وزواره، بالمأساة التي يعيشونها كلاجئين في ظروف مأسوية. بيد أن مجموعة من الفنانين الفلسطينيين بدأت تلوين جدران منازل المخيم، خصوصاً المطلة منها على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بألوان زاهية، كالبرتقالي والزهري والبنفسجي والأصفر وغيرها، إضافة إلى تزيينها بإطارات من خشب، وإطارات معلقة تحمل زهوراً، ورسوم معبرة ونقوش، لإدخال السعادة إلى قلوب قاطنيه وزواره، بعد مرور سنة ونصف السنة تقريباً على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. أعمال ثلاثين فناناً في إطار مبادرة «غزة أحلى»، حولت جدران تسعين منزلاً تقوم على مسافة تمتد قرابة كيلومترين، إلى لوحات بديعة. وتستمر مبادرة تلوين ساحل مخيم الشاطئ التي انطلقت في منتصف الشهر الجاري، بدعم من شركة باديكو الفلسطينية شهراً كاملاً، في أكبر فترة استغرقتها مبادرة شبابية منذ بدء مشاريع التلوين في قطاع غزة. فيما تجري مناقشة مقترح شبابي لتطوير «ساحل مخيم الشاطئ» بعد تلوين المنازل من خلال تزيين الشارع ذاته ونشر إضاءة فيه لتكتمل الصورة الجمالية. وقالت منسقة المبادرة الفنانة داليا عبد الرحمن إن «هذا المشروع جاء لإدخال السعادة والفرح إلى قلوب سكان مخيم الشاطئ، وإضفاء مظهر بهيّ على المنازل المطلة على البحر، لافتة إلى استخدام الزهور الطبيعية ورسم زخارف نباتية على جدران المنازل، تهدف إلى الانتصار لثقافة الحياة والفرح في وجه ثقافة الموت التي يسعى الاحتلال إلى ترويجها بين الفلسطينيين». وأضافت: «نحن نسعى كفنانين، وبما نملك من مواهب، إلى تعميم ثقافة الأمل، التي نحن في أمس الحاجة إليها في قطاع غزة، وخصوصاً في مخيمات اللاجئين، حيث التهميش والفقر والبطالة عناوين بارزة في الأزقة، وعلى وجوه السكان الذين ابتهجوا بالمبادرة». وقال الفنان أسامة أبو حمرة إن رسوم الزخارف النباتية أتت «لتعطي رسالة أمل وحياة عما يجول في داخلنا تجاه أهالينا الذين نحن منهم في قطاع غزة، من خلال محاولة بث نبض الحياة في نفوسهم من جديد». وأوضح أن الألوان المستخدمة في تلوين جدران المنازل جاءت بتنسيق وانسجام وإعداد مسبق أجمع عليه الفنانون المشاركون في المبادرة، في حين أن الزخارف النباتية لكل جدار ترجع إلى ذوق الفنان ذاته. ومزج أبو حمرة في جداريته ما بين رموز عدة عبر عنها برسم وردة كبيرة تخرج منها نبتة صبار، هي رمز لصمود الشعب الفلسطيني، فالرسالة «تعبر عن الصمود من جهة، والأمل بالعودة والتحرير، والعيش كبقية شعوب العالم من جهة أخرى». وتعتبر مبادرة «غزة أحلى» في مخيم الشاطئ للاجئين، المشروع الرابع للفنانين التشكيليين في قطاع غزة، بعدما بدأوا بمشروع تلوين المكعبات الإسمنتية في ميناء غزة صيف العام الماضي، وحارة بأكملها في حي الزيتون، إضافة إلى متنزّه بحري. وعبر هذه المبادرة، بدأت الحارات المدمرة بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، تتحول الى حارات ملونة بألوان زاهية وأشكال هندسية مميزة ترتسم على الجدران لتعطي أهالي هذه المناطق المهمشة حياة جديدة، الى ان بات يراها كثيرون بقعة ضوء تبعث الأمل في نفوس ساكنيها والناظرين.
مشاركة :